تهديده عقيل أخيه











تهديده عقيل أخيه



في (المناقب) لابن شهرآشوب: وقدم عليه عليه السلام عقيل فقال [عليّ عليه السلام] للحسن: «اکس عمّک»، فکساه قميصاً من أقمصته، ورداً من أرديته، فلمّا حضر العشاء فإذا هو خبز وملح، فقال عقيل: ليس ما أري. فقال: «أوَليس هذا من نعمة اللَّه؟ فله الحمد کثيراً»، فقال: أعطني ما أقضي به ديني، وعجّل سراحي حتّي أرحل عنک. قال: «فکم دينک، يا أبا يزيد».[1] قال: مائة ألف درهم. قال: «واللَّه! ما هي عندي ولا أملکها، ولکن اصبر حتّي يخرج عطائي فاُواسيکه، ولولا أنّه لا بدّ للعيال من شي ء لأعطيتک کلّه».

فقال عقيل: بيت المال في يدک، وأنت تسوّفني إلي عطائک، وکم عطاؤک وما عسي يکون ولو أعطيتنيه کلّه؟ فقال: «ما أنا وأنت فيه إلّا بمنزلة رجل من المسلمين»، وکانا يتکلّمان فوق قصر الإمارة مشرفين علي صناديق أهل السوق، فقال له عليّ عليه السلام: «إن أبيت - يا أبا يزيد - ما أقول، فانزل إلي بعض هذه الصناديق فاکسر أقفاله وخذ ما فيه؟»، فقال: وما في هذه الصناديق؟ قال: «فيها أموال التجّار».

قال: أتأمرني أن أکسر صناديق قوم قد توکّلوا علي اللَّه وجعلوا فيها أموالهم؟! فقال أمير المؤمنين عليه السلام: «أتأمرني أن أفتح بيت مال المسلمين فاُعطيک أموالهم وقد توکّلوا علي اللَّه وأقفلوا عليها؟ وإن شئت أخذت سيفک وأخذت سيفي وخرجنا جميعاً إلي الحيرة، فإنّ بها تجّاراً مياسير، فدخلنا علي بعضهم فأخذنا ماله»، فقال: أوَسارق جئت؟ قال: «تسرق من واحد خير من أن تسرق من المسلمين جميعاً»، قال له: أفتأذن لي أن أخرج إلي معاوية؟ فقال له: «قد أذنت لک»، قال: فاعنّي علي سفري هذا، قال: «يا حسن، أعط عمّک أربعمائة درهم»، فخرج عقيل وهو يقول:


سيغنيني الّذي أغناک عَنّي
ويَقضي ديننا ربّ قريب


وذکر عمرو بن العاص أنّ عقيلاً لمّا سأل عطاءه من بيت المال، قال له أمير المؤمنين عليه السلام: «تقيم إلي يوم الجمعة»، فأقام، فلمّا صلّي أمير المؤمنين عليه السلام الجمعة قال لعقيل: «ما تقول فيمن خان هؤلاء جميعاً؟». قال: بئس الرجل ذاک. قال: «فأنت تأمرني أن أخون هؤلاء وأعطيک».[2] .







  1. أبا يزيد کنية عقيل، قال له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا أبا يزيد، إنّي اُحبّک حبّين: حبّاً لقرابتک منّي، وحبّاً لما کنت أعلم من حبّ عمّي إيّاک». راجع: شرح ابن أبي الحديد 250:11.
  2. المناقب لابن شهرآشوب 108:2.