نبذة من خطابه إلي عمّاله، وعتابه لهم بما بدر منهم
2- قد کان عليّ عليه السلام يراقب أعمال ولاته مراقبة شديدة حتّي أنّه لمّا بلغه أنّ واليه علي البصرة عثمان بن حنيف الأنصاري قد أجاب دعوة جماعة من أهل البصرة إلي وليمة فيها ألوان الطعام فتناول منها شيئاً، وفي البصرة فقراء محتاجون منعوا من حضورها، أرسل إليه کتاباً. قال توبيخاً له: «أَمَّا بَعْدُ - يَابْنَ حُنَيْفٍ - فَقَدْ بَلَغَنِي أَنَّ رَجُلاً مِنْ فِتْيَةِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ دَعَاکَ إلي مَأْدُبَةٍ فَأَسْرَعْتَ إِلَيْهَا تُسْتَطَابُ لَکَ الْأَلْوَانُ، وَتُنْقَلُ إِلَيْکَ الْجِفَانُ. وَمَا ظَنَنْتُ أَ نَّکَ تُجِيبُ إِلي طَعَامِ قَوْمٍ، عَائِلُهُمْ[3] مَجْفُوٌّ، وَغَنِيُّهُمْ مَدْعُوٌّ. فَانْظُرْ إِلَي مَا تَقْضَمُهُ مِنْ هذَا الْمَقْضَمِ، فَمَا اشْتَبَهَ عَلَيْکَ عِلْمُهُ فَالْفِظْهُ[4] وَمَا أَيْقَنَتَ بِطِيب وُجُوهِهِ فَنَلْ مِنْهُ. أَ لَا وَإِنَّ لِکُلِّ مَأْمُومٍ إِمَاماً، يَقْتَدِي بِهِ وَيَسْتَضِي ءُ بِنُورِ عِلْمِهِ؛ أَلَا وَإِنَّ إِمَامَکُمْ قَدِ اکْتَفَي مِنْ دُنْيَاهُ بِطِمْرَيْهِ[5] وَمِنْ طُعْمِهِ بِقُرْصَيْهِ. أَ لَا وَإِنَّکُمْ لَا تَقْدِرُونَ عَلَي ذلِکَ، وَلکِنْ أَعِينُونِي بِوَرَعٍ وَاجْتِهَادٍ، وَعِفَّةٍ وَسَدَادٍ. فَوَاللَّهِ مَا کَنَزْتُ مِنْ دُنْيَاکُمْ تِبْراً[6] وَلَا ادَّخَرْتُ مِنْ غَنَائِمِهَا وَفْراً[7] وَلَا أَعْدَدْتُ لِبَالِي ثَوْبِي طِمْراً، [وَلَا حُزْتُ مِنْ أَرْضِهَا شِبْراً، وَلَا أَحَذْتُ مِنْهُ إلَّا کَقُوتِ أَتَانٍ[8] دَبِرَةٍ، وَلَهِيَ فِي عَيْنِي أَوْهَي وَأَهْوَنُ مِنْ عَفْصَةٍ مَقِرَةٍ.[9] [10] [11] . وروي في شرح الإحقاق عن (ذخيرة الملوک الهمداني) إنّ عليّاً عليه السلام - بعد إرسال الکتاب إلي عثمان بن حنيف - عزله عن الحکومة.[12] .
1- في (نهج البلاغة) من کتاب له عليه السلام إلي مصقلة بن هبيرة الشيباني، وهو عامله علي أردشير خرّه:[1] «بَلَغَنِي عَنْکَ أَمْرٌ إِنْ کُنْتَ فَعَلْتَهُ فَقَدْ أَسْخَطْتَ إِلهَکَ، وَعَصَيْتَ إِمَامَکَ؛ أَ نَّکَ تَقْسِمُ فَيْ ءَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي حَازَتْهُ رِمَاحُهُمْ وَخُيُولُهُمْ، وَأُرِيقَتْ عَلَيْهِ دِمَاؤُهُمْ، فِيمَنِ اعْتَامَکَ مِنْ أَعْرَابِ قَوْمِکَ. فَوَالَّذِي فَلَقَ الْحَبَّةَ، وَبَرَأَ النَّسَمَةَ، لَئِنْ کَانَ ذلِکَ حَقّاً لَتَجِدَنَّ لَکَ عَلَيَّ هَوَاناً، وَلَتَخِفَّنَّ عِنْدِي مِيزَاناً، فَلَا تَسْتَهِنْ بِحَقِّ رَبِّکَ، وَلَا تُصْلِحْ دُنْيَاکَ بِمَحْقِ دِينِکَ، فَتَکُونَ مِنَ الْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً. أَ لَّا وَإِنَّ حَقَّ مَنْ قِبَلَکَ وَقِبَلَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي قِسْمَةِ هذَا الْفَيْ ءِ سَوَاءٌ؛ يَرِدُونَ عِنْدِي عَلَيْهِ، وَيَصْدُرُونَ عَنْهُ».[2] .