تاكيده في الصدقات علي رعاية حقّ الرعيّة











تاکيده في الصدقات علي رعاية حقّ الرعيّة



روي أبو إسحاق الثقفي في (الغارات): بإسناده عن أبي جعفر محمّد بن عليّ عليه السلام، قال: بعث عليّ عليه السلام مصدّقاً من الکوفة إلي باديتها، فقال: «عليک - يا عبد اللَّه - بتقوي اللَّه، ولا تؤثرنّ دنياک علي آخرتک، وکن حافظاً لما ائتمنتک عليه[1] راعياً لحقّ اللَّه حتّي تأتي نادي بني فلان، فإذا قدمت عليهم فانزل بفنائهم من غير أن تخالط أبنيتهم، ثمّ امض إليهم بسکينة ووقار حتّي تقوم بينهم، فتسلّم عليهم، ولا تخدج[2] بالتحيّة لهم»، ثمّ قال: «فتقول: يا عباد اللَّه، أرسلني إليکم وليّ اللَّه لآخذ منکم حقّ اللَّه، فهل للَّه في أموالکم من حقّ فتؤدّونه إلي وليّه، فإن قال قائل منهم: لا، فلا تراجعه، وإن أنعم لک[3] منعم، فانطلق معه من غير أن تخيفه، ولا تعده إلّا خيراً، حتّي تأتي ماله فلا تدخله إلّا بإذنه، فإنّ أکثره له، وقل له: يا عبد اللَّه، أتأن لي في دخول ذلک؟ فإن أنعم فلا تدخله دخول المسلّط عليه فيه، ولا عنيف به، واصدع المال صدعين[4] فخيّره أيّ الصدعين شاء، فأيّهما اختار فلا تتعرّض له، واصدع الباقي صدعين، فلا تزال حتّي يبقي حقّ اللَّه في ماله فاقبضه، فإن استقالک فأقله، ثمّ اخلطها، ثمّ اصنع مثل الّذي صنعت حتّي تأخذ حقّ اللَّه في ماله، فإذا قبضته فلا توکل به إلّا ناصحاً مسلماً مشفقاً أميناً حافظاً غير معنف بشي ء منها»، ثمّ قال: «ثمّ احدر[5] ما اجتمع عندک من کلّ نادٍ إلينا، نضعه حيث أمر اللَّه به، فإذا انحدر بها رسولک فأوعز إليه أن لا يحولنّ بين ناقة وفصيلها، ولا يفرّقنّ بينهما، ولا يمصر[6] لبنها فيضرّ ذلک بفصيلها، ولا يجهدنّها رکوباً، وليعدل بينهنّ في ذلک، وليوردها کلّ ماء يمرّ به، ولا يعدل بهنّ عن نبت الأرض إلي جوادّ الطرق في الساعات الّتي تريح وتعنق، وليرفق بهنّ جهده حتّي يأتينا بإذن اللَّه سماناً غير متعبات، ولا مجهدات، فيقسّمن علي کتاب اللَّه وسنّة نبيّه صلي الله عليه و آله، فإنّ ذلک أعظم لأجرک، وأقرب لرشدک، فينظر اللَّه إليها وإليک وإلي جهدک ونصيحتک لمن بعثک وبعثت في حاجته، وإنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قال: ما نظر اللَّه إلي وليّ يجهد نفسه لإمامه بالطاعة والنصيحة إلّا کان معنا في الرفيق الأعلي».[7] .







  1. أمنه علي کذا وائتمنه: اتّخذه أميناً فيه.
  2. الخدج: النقص.
  3. أنعم لک: يعني قال: نعم.
  4. الصدع: الشقّ.
  5. أي اسرع.
  6. لا يکثر من أخذ لبنها.
  7. الغارات 126:1، وروي الزمخشري في ربيع الأبرار 77:3 نحوه.