علي مصداق بارز لآية: "إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ...











علي مصداق بارز لآية: «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ»



نعم، لقد کانت هذه العدالة ضالّة عليّ عليه السلام، فهو کالظامئ الّذي يبحث عن عين ماء تروي ظمأه، وکان عليّ عليه السلام يسعي إلي معين العدالة العذب.

کان عليّ عليه السلام مظهر العدالة وجوهرتها حقّاً، فقد بَعُد عن کلّ ظلم وجور، وفي فکر عليّ عليه السلام السامي لم يکن ممکناً أن تقاس العدالة بأيّ أمر آخر، وکان لا يعبأ حتّي بأعزّ إنسان عليه من أجل الحقّ؛ وذلک أنّ ربّه قد أمره بذلک فکيف يعصي مولاه؟ «إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ».[1] .

لم يکن عليّ عليه السلام يرضي بالکفّ عن تطبيق العدالة والتراجع عنها مهما کلّف الثمن، ولم يرض أن يتخطّي العدالة خطوة حتّي من أجل تثبيت أرکان حکومته الفتية، وأبي أن يساوم أو يتّبع المصالح السياسيّة مهما عظم الثمن، کما أنّه لم يرض أن يضحّي بالعدالة ويقع تحت تأثير الرحمة والتحرّق شفقة، فيعرّض بذلک هذا الرکن المقدّس للتزلزل والانهيار، فقد کان مصداقاً ومظهراً بارزاً للآية الشريفة: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا کُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ».[2] القسط هو العدل، والقيام بالقسط العمل به والتحفّظ له، فالمراد بالقوّامين بالقسط القائمون به أتمّ قيام وأکمله، من غير انعطاف وعدول عنه إلي خلافه لعامل من هوي وعاطفة، أو خوف، أو طمع، أو غير ذلک، وهل توجد هذه الصفة بتمامها وکمالها في غير عليّ بن أبي طالب عليه السلام؟! فإنّه مصداق بارز وکامل لهذه الصفة بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، کما سيظهر ذلک من المباحث الآتية إن شاء اللَّه تعالي.







  1. سورة النحل: 90.
  2. سورة النساء: 135.