آية الابتلاء











آية الابتلاء



وقد استدلّ بقوله تعالي: «وَإِذِ ابْتَلَي إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِکَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُکَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ».[1] .

ووجه الاستدلال به: أنّ اللَّه تعالي قد بيّن صراحة أنّه لا يعهد بالإمامة إلي ظالم، والظالم مَن ارتکب معصيةً في حياته مهما کان نوعها، حتّي لو تاب بعدها، فلن يکون العاصي إماماً؛ إذ الإمامة علي شرافتها وعظمتها لا ينالها إلّا مَن کان سعيد الذات بنفسه، أمّا من تلبّست ذاته بالظلم والشقاء، والکفر والشرک ولو لحظة من عمره، لا يصلح لهذا المقام الرفيع بمقتي الآية وممّا يوضّح دلالة الآية علي ذلک هوأنّ النّاس بحسب القسمة العقليّة علي أربعة أقسام:

الأوّل: مَن کان ظالماً في فترات عمره.

الثاني: مَن کان طاهراً وتقيّاً طيلة عمره و لم ينحرف عن جادّة الحقّ أبداً.

الثالث: مَن هو ظالم في أوّل عمره، وتائبٌ في آخره.

الرابع: ومَن هو بعکس الثالث.

وقول إبراهيم عليه السلام: «وَمِن ذُرِّيَّتِي» أجلّ شأناً من أن يسأل الإمامة للقسم الأوّل والرابع من ذرّيّته، فبقي القسمان الآخران، وقد نفي اللَّه تعالي أحدهما، وهو الّذي يکون ظالماً في أوّل عمره وتائباً في آخره، فبقي القسم الثاني بمقتضي الآية، وهو الّذي کان نقيّ الصحيفة طيلة عمره، ولم يُرَ منه أي انحراف عن جادّة الحقّ، ولم يعص اللَّه طرفة عين.







  1. سورة البقرة: 124.