انّه أزهد النّاس بعد النبيّ











انّه أزهد النّاس بعد النبيّ



أزهد النّاس صالح للإمامة؛ لأنّه أفضل النّاس، ولا شکّ أنّه عليه السلام أزهد النّاس بعد النبيّ صلي الله عليه و آله، فهو أوْلي بالإمامة، ويکفيک في ذلک تصفّح کلامه في الزهد والمواعظ والأوامر والزواجر والإعراض عن الدنيا، وظهرت آثار ذلک أيّام حکومته مع القدرة والتمکّن بجميع لذائذ الدنيا ومشتهياتها، ومع ذلک ترک الدنيا بالکلّيّة حتّي طلّقها ثلاثاً کما قال: «يا دُنيا، يا دُنيا، إِليکِ عَنّي، أبي تَعرّضتِ، أمْ إِلَيَّ تشوَّقتِ؟ لَا حانَ حينُکِ، هَيْهاتَ! غُرّي غيري، لا حاجة لي فيکِ، قد طَلَّقْتُکِ ثلاثاً لا رَجعةَ فيها، فعيشکِ قصيرٌ، وخطرکِ يَسيرٌ، وأَمَلُکِ حقير، آهٍ مِنْ قِلّة الزّاد، وطولِ الطّريقِ، وبُعد السَّفر، وعظيم المورد».[1] .

وقال أيضاً: «واللَّهِ لَدُنياکم هذِهِ أهْوَنُ في عيني من عِراقٍ خنزيرٍ في يدِ مَجذوم».[2] .

وقال ثالثة: «وإنّ دُنياکُمْ لَأَهْوَنُ مِنْ وَرَقَةٍ في فمِ جَرادَةٍ تَقْضمُها، ما لِعليّ وَلِنَعِيمٍ يَفني، ولَذّةٍ لَا تَبقي؟».[3] ولم يکن زهده منحصراً في أقواله وحسب، بل کان يجسّد ذلک عمليّاً بالسرّ والعلانيّة، حيث تخشّن في المأکل والمجلس والملبس، وکان نعلاه من ليف، ويَرقع قميصه تارةً بجلد، وتارةً بليفٍ، وقَلَّ أن يأتدم، وکان لا يأکل اللحم إلّا قليلاً، وقال: «لا تَجعَلُوا بُطونَکُمْ مَقابِر الحيوان»، ولا شکّ أنّه لم يکن أحدٌ من الصحابة مثله في الزهد بعد النبيّ صلي الله عليه و آله، فهو الأليق بمقام الإمامة، وخلافة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.[4] .







  1. شرح نهج البلاغة لفيض الإسلام: 1108، قصار الحکم: 74.
  2. المصدر المتقدّم: 1182، قصار الحکم: 228.
  3. المصدر المتقدّم: 705، الخطبة: 215.
  4. لمزيد من الاطّلاع راجع فصل: (عليّ عليه السلام والزهد)، و(عليّ عليه السلام والعدل)، و(عليّ عليه السلام وبيت المال).