حديث المنزلة











حديث المنزلة



وهو قول رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لعليّ بن أبي طالب عليه السلام في مواطن کثيرة تبلغ عشرة مواطن، منها حين خلّفه علي أهله في المدينة عند خروجه إلي تبوک، فأرجف به المنافقون، وقالوا: ما خلّفه إلّا استثقالاً له، وتخوّفاً منه، فلمّا قال ذلک المنافقون، أخذ عليّ بن أبي طالب عليه السلام سلاحه وخرج حتّي أتي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وهو نازل بالجرف[1] فقال ما قال المنافقون، قال رسول اللَّه: «کذبوا ولکنّي خلفتک لما ترکتُ ورائي، فارجع، فاخلفني في أهلي وأهلک، أفلا ترضي - يا عليّ - أن تکون منّي بمنزلة هارون من موسي، إلّا أنّه لا نبيّ بعدي؟». فرجع عليّ إلي المدينة، ومضي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله علي سفره.

ومن الواضح المکشوف أنّ مقام الاستخلاف بقوله: «فاخلفني»، وقوله: «أنّه لا نبيّ بعدي»، يدلّان علي أنّ المراد من المنزلة هو المرتبة المتعلّقة باستحقاق التولّي والتصرّف في اُمور العباد، وقد کانت مرتبة هارون من موسي في ذلک الاستحقاق أقوي من مرتبة غيره من أصحاب موسي، فکذا مرتبة أمير المؤمنين فيه تکون أقوي من مرتبة غيره، فيکون هو الإمام بعده.

علي أنّ الاستثناء يدلّ أيضاً علي أنّ کلّ منزلة کانت لهارون بالنسبة إلي موسي ممّا يتعلّق بإعانته ونصرة دينه ثابتة لأمير المؤمنين سوي النبوّة، ومن منازل موسي أنّه قد کان شريکاً له في النبوّة، ومن لوازم ذلک استحقاق الطاعة العامّة بعد وفاة موسي لو بقي، فوجب أن يثبت هذا لعليّ بن أبي طالب عليه السلام أيضاً، لکن امتنع الشرکة في النبوّة بالاستثناء، فوجب أن يبقي مفترض الطاعة علي الاُمّة بعد النبيّ صلي الله عليه و آله بلا فصل؛ عملاً بالدليل.[2] .







  1. الجُرف: موضع علي بُعد ثلاثة أميال من المدينة.
  2. قد مرّ شرح الحديث ووجه الاستدلال به في فصل: (عليّ عليه السلام وحديث المنزلة)، فراجعه.