آية أطيعوا اللَّه











آية أطيعوا اللَّه



قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ»[1] حيث أمر اللَّه سبحانه - في هذه الآية - بطاعة اُولي الأمر، وهم الأئمّة المعصومون، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم المهديّ (صلوات اللَّه عليهم أجمعين)؛ إذ المتبادر من اُولي الأمر[2] سيّما بعد اللَّه ورسوله من يقوم مقام الرسول في التولّي لاُمور المسلمين مطلقاً في العبادات والسياسات وجميع ما يتوقّف عليه اُمور الدين والدنيا، ومن البيّن الواضح أنّ تفويض اُمور المسلمين لغير المعصوم قبيح، ومن

الثابت القطعي أنّه لم يکن بعد النبيّ معصوم غير عليّ بن أبي طالب عليه السلام وبعده أولاده اتّفاقاً، فهم اُولو الأمر الّذين أمر اللَّه بطاعتهم والانتهاء عن نواهيهم. إذن فأمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام إمامٌ بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بلا فصل ولا واسطة.

وقد وردت من طرق أصحابنا الإماميّة أخبار مستفيضة، بل متواترة، دالّة علي أنّ المراد من (اُولي الأمر) في الآية خصوص الأئمّة الاثني عشر من أهل البيت [عليّ وأولاده المعصومون عليهم السلام].

ففي (الکافي) عن بريدة العجلي، عن أبي جعفر الباقر عليه السلام في حديث وقال: «ثمّ قال للنّاس: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ» إيّانا عني خاصّة، أمر جميع المؤمنين إلي يوم القيامة بطاعتنا» الحديث.[3] .

والآيات النازلة في شأن أمير المؤمنين وإمامته الکبري بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قد ذکرنا جملة منها في الفصول المتقدّمة في الجزء الثاني من المجلد الأوّل فراجع.







  1. سورة النساء: 59.
  2. والمقصود من الأمر في الآية الشريفة - علي الظاهر - هو الحکومة وإدارة شؤون الإمامة، فالمراد ب (اُولي الأمر) الرجال المتصدّون لأمر الحکومة وإدارة الشؤون العامّة بشعبها المختلفة، وأنّ الأئمّة الاثني عشر عليهم السلام هم المستحقّون للإمامة بعد النبيّ صلي الله عليه و آله بالنصّ والنصب، وهم القدر المتيقّن من (اُولي الأمر) في الآية، وهم المصاديق البارزة لهذا العنوان، وکان علي الاُمّة بيعتهم وإطاعتهم. ولمزيد من التوضيح راجع: دراسات في ولاية الفقيه 69 - 64: 1، وتفسير الميزان 426 - 413: 4.
  3. اُصول الکافي 276:1، وفي (تفسير البرهان) 381:1، و(تفسير نور الثقلين) 499:1، ح 331، عن ابن بابويه بسنده عن جابر الجعفي، قال: سمعت جابر بن عبداللَّه الأنصاري رضي الله عنه يقول: لمّا أنزل اللَّه علي نبيّه محمّد صلي الله عليه و آله: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْکُمْ» قلت: يا رسول اللَّه، عرفنا اللَّه ورسوله، فمن اُولو الأمر الّذين قرن اللَّه طاعتهم بطاعتک؟

    فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: هم خلفائي يا جابر، وأئمّة المسلمين من بعدي، أوّلهم عليّ بن أبي طالب، ثمّ الحسن، ثمّ الحسين، ثمّ عليّ بن الحسين، ثمّ محمّد بن عليّ المعروف في التوراة بالباقر، ستدرکه يا جابر، فإذا لقيته فاقرأه منّي السلام، ثمّ الصادق جعفر بن محمّد، ثمّ موسي بن جعفر، ثمّ عليّ بن موسي، ثمّ محمّد بن عليّ، ثمّ عليّ بن محمّد، ثمّ الحسن بن عليّ، ثمّ سميّي محمّد وکنيّي حجّة اللَّه في أرضه، وبقيّة اللَّه في عباده ابن الحسن بن عليّ، ذاک الّذي يفتح اللَّه تعالي ذکره علي يديه مشارق الأرض ومغاربها، ذاک الّذي يغيب عن شيعته وأوليائه غيبةً لا يثبت فيها علي القول بإمامته إلّا من امتحن اللَّه قلبه للإيمان، قال جابر: فقلت له: يا رسول اللَّه، فهل يقع لشيعته الانتفاع به في غيبته؟ فقال صلي الله عليه و آله: «إي والّذي بعثني بالنبوّة، إنّهم يستضيئون بنوره، وينتفعون بولايته في غيبته کانتفاع النّاس بالشمس وإن تجلّاها سحاب. يا جابر، هذا من مکون سرّ اللَّه، ومخزون علم اللَّه، فاکتمه إلّا عن أهله».