قصة الحميري











قصة الحميري



وفي (کشف الغمّة وغيره): عن الحسين بن عون، قال: دخلت علي السيّد ابن محمّد الحميري عائداً في علّته الّتي مات فيها، فوجدته يُساق به[1] ووجدت عنده جماعة من جيرانه، وکانوا عثمانيّة، وکان السيّد جميل الوجه، رحب الجبهة، عريض ما بين السالفين، فبدت في وجهه نکتة سوداء مثل النقطة من المداد، ثمّ لم تزل تنمي وتزيد حتّي طبَّقت وجهه بسوادها، فاغتمّ لذلک مَن حضره من الشيعة، وظهر من الناصبة سرور وشماتة، فلم يلبث بذلک إلّا قليلاً حتّي بدت في ذلک المکان من وجهه لمعة بيضاء، فلم تزل تزيد أيضاً وتنمي حتّي اصفرّ وجهه وأشرق وافترّ ضاحکاً، وقال:


کذب الزاعمون أنّ عليّاً
لم ينجّي محبّه من هنات[2] .


قد وربّي دخلت جنّة عدن
وعفا لي الإله عن سيّئاتي


فابشروا اليوم أولياء عليّ
وتولّوا الوصيّ حتّي الممات


ثمّ من بعده تولّوا بنيه
واحداً بعد واحد بالصفات


ثمّ قال: أشهد أن لا إله إلّا اللَّه حقّاً حقّاً، أشهد أنّ محمّداً رسول اللَّه حقّاً حقّاً، أشهد أنّ عليّاً أمير المؤمنين حقّاً حقّاً، أشهد أن لا إله إلّا اللَّه، ثمّ أغمض عينه لنفسه، فکأنّما کانت روحه ذبالة[3] طفيت، أو حصاة سقطت.[4] .

وروي العلّامة الأميني رحمه الله عن رجال (الکشي) ص185، و(أمالي ابن الشيخ) ص311، و (بشارة المصطفي)، عن أبي سعيد محمّد بن رشيد الهروي، قال: إنّ السيّد اسودّ وجهه عند الموت، فقال: هکذا يفعل بأوليائکم يا أمير المؤمنين؟ قال: فابيضّ وجهه کأنّه القمر ليلة البدر.

فأنشأ يقول:


اُحبّ الّذي من مات من أهل وُدّه
تلقّاه بالبُشري لدي الموت يضحک


ومن مات يهوي غيره من عدوّه
فليس له إلّا إلي النّار مسلک


أبا حسن أفديک نفسي واُسرتي
ومالي وما أصبحت في الأرض أملک


أبا حسن إنّي بفضلک عارف
وإنّي بحبل من هواک لممسک


وأنت وصيّ المصطفي وابن عمّه
فإنّا نعادي مبغضيک ونترک


ولاح لحاني في عليّ وحزبه
فقلت لحاک اللَّه إنّک أعفک[5] .


مواليک ناج مؤمن بين الهدي
وقاليک معروف بالضلاة مشرک[6] .







  1. أي تنزع روحه.
  2. الهنات: خصال الشرّ.
  3. الذبالة: الفتيلة.
  4. کشف الغمّة وترجمة المناقب 548:1، والبحار 192:6، وفي المناقب لابن شهرآشوب 224:3، رواه مع تفاوت يسير.
  5. الأعفک: الأحمق.
  6. الغدير 274:2.