قصة الحارث الهمداني











قصة الحارث الهمداني



عن الأصبغ بن نباتة، قال: فدخل الحارث الهمداني علي أميرالمؤمنين عليه السلام في نفرٍ من الشيعة و کنت فيهم فجعل الحارث يتئد في مشيته و يخبط الأرض محجة[1] و کان مريضاً فاقبل عليه عليّ عليه السلام فقال: کيف تجدک يا حارث؟ فقال: نال الدهر يا أميرالمؤمنين منّي و زادني أوباً غليلاً (في نسخة: اوباراً و غليلاً).[2] اختصام أصحابک ببابک.

قال عليه السلام: و فيم خصومتهم؟ قال: فيک فمن مفرط منهم غال، و مقتصد قال، و من متردد مرتاب لا يدري أيقدم أم يحجم[3] فقال عليه السلام: «حسبک يا أخا همدان، ألا إنّ خير شيعتيي النمط الأوسط إليهم يرجع الغالي و بهم يلحق التالي، الي ان قال عليه السلام: و اُبشّرک - يا حارث - لتعرفني عند الممات، وعند الصراط، وعند الحوض، وعند المقاسمة».

قال الحارث: وما المقاسمة؟ قال: «مقاسمة النّار اُقاسمها قسمة صحيحة، أقول: هذا وليّي، فاترکيه، وهذا عدوّي، فخذيه».

قال جميل بن صالح: وأنشدني أبو هاشم السيّد الحميري رحمه الله فيما تضمّنه هذا الخبر:


قول عليّ لحارث عجب
کم ثمّ اُعجوبة له حملا


يا حار همدان من يمت يرني
من مؤمن أو منافق قُبلا


يعرفني طرفُهُ وأعرفُهُ
بنعته واسمه وما عملا


وأنت عند الصراط تعرفني
فلا تخف عثرة ولا زللا


اُسقيک من بارد علي ظمأ
تخاله في الحلاوة العسلا


أقول للنّار حين توقف[4] للعرض
دعيه لا تقتلي[5] الرجلا


دعيه لا تقربيه إنّ له
حبلاً بحبل الوصيّ متّصلا[6] .







  1. أتّاد في مشيته: تمهّل و تأنّي. و الخبط: الضرب الشديد و المحجة: العصا المعوجة.
  2. الأوار: بالضم، حرارة الشمس و حرارة العطش، و الغليل: الحقد و الضغن و حرارة الحبّ و الحزن.
  3. أحجم عنه: کفّ.
  4. في کشف الغمّة: «تعرض للعرض».
  5. وفيه وفي أمالي المفيد: «لا تقربي».
  6. کشف الغمّة - باب المناقب 546:1، وأمالي المفيد - المجلس الأوّل: 3، ح 3، والبحار 178:6.