التواضع ضد الكبر











التواضع ضد الکبر



امّا الکِبر هو: الرکون إلي رؤية النفس فوق الغير، وبعبارة اُخري: هو عزّة وعظيم يوجب رؤية النفس فوق الغير، واعتقاد الإنسان المزية والرجحان له علي غيره، وبه ينفصل عن العُجب؛ إذ العُجب مجرّد استعظام النفس من دون اعتبار رؤيتها فوق الغير، فالعُجب سبب الکبر، والکبر من نتائج الُعجب.

والکبر أمرٌ باطني يقتضي أعمالاً في الظاهر، وتسمّي تلک الأعمال الظاهرة الصادرة من الکبر تکبّراً، ولذا من تعزّز ورأي نفسه باطناً فوق الغير من دون صدور فعل علي جوارحه يقال له: کبر، وإذا ظهرت الأعمال يقال له: تکبّر.

وبالجملة فإنّ هذه الأفعال توجب تحقير الغير، والاستنکاف عن مرافقته ومصاحبته، والإباء عن الجلوس بجنبه، وانتظار الفرد أن يبدأ الغير بالسلام عليه، والاستنکاف من قبول وعظه، وتعنيفه في إرشاده ونصحه، وغير ذلک من الصفات السيّئة، کالاختيال في المشي ء، وجرّ الثياب، وغيرها من المظاهر الّتي قد تتغيّر مفاهيمها بحسب الزمان والمکان والعادات، وهذه الأفعال المعبّر عنها بالتکبّر قد تصدر عن الحقد أو الحسد أو الرياء، وإن لم تکن في النفس عزّة وتعظّم.

والکبر آفة عظيمة، وبه هلک خواصّ النّاس فضلاً عن غيرهم من العوامّ، وهو الحجاب الأعظم المانع من الوصول إلي أخلاق المؤمنين، وأعظم التکبّر التکبّر علي اللَّه تعالي بالامتناع عن قبول الحقّ والإذعان له بالعبادة، ولذا ورد في الآيات والأخبار ذمّه، قال اللَّه تعالي: «يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَي کُلِّ قَلْبِ مُتَکَبِّرٍ جَبَّارٍ»[1] وقال تعالي: «فَالَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُم مُنکِرَةٌ وَهُم مُسْتَکْبِرُونَ».[2] .

وجاء عن أمير المؤمنين عليه السلام أنّه قال: «مَن تکبّر علي النّاس ذلّ».[3] .

وفي (الکافي): عن أبي جعفر وأبي عبداللَّه عليهماالسلام، قالا: «لا يدخل الجنّة مَن في قلبه مثقال ذرّة من کبر».[4] .

وفيه أيضاً: عن أبان، عن حکيم، قال: سألت أبا عبداللَّه عليه السلام عن أدني الإلحاد، فقال: «إنّ الکبر أدناه».[5] .

والأخبار في ذلک کثيرة، سيأتي بعضها.







  1. سورة غافر: 35.
  2. سورة النحل: 22.
  3. دستور معالم الحکم: 27، والإعجاز الإيجاز: 34.
  4. اُصول الکافي 310:2.
  5. المصدر المتقدّم: 309.