حول مفهومي البخل والسخاء











حول مفهومي البخل والسخاء



البخل: هو الإمساک فيما ينبغي البذل، کما أنّ الإسراف هو البذل فيما ينبغي الإمساک، وکلاهما مذمومان، والمحمود هو الوسط، وهو الجود والسخاء؛ إذ لم يؤمر المسلم إلّا بالسخاء کما خاطب القرآن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «وَلَا تَجْعَلْ يَدَکَ مَغْلُولَةً إِلَي عُنُقِکَ وَلَا تَبْسُطْهَا کُلَّ الْبَسْطِ».[1] وقوله تعالي: «وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَکَانَ بَيْنَ ذلِکَ قَوَاماً».[2] .

وفي (البحار): عن أبي عبداللَّه عليه السلام، قال: «ليس السخيُّ المبذّر الّذي يُنفق مالَه في غير حقّهِ، ولکنّه يؤدّي إلي اللَّه عزّ وجلّ ما فَرضَ عَليه في ماله من الزکاة وغيرها، والبخيل: الّذي لا يؤدّي حقّ اللَّه عزّ جلّ في ماله.[3] .

وفي القرآن والسنّة ذمّ البخل؛ لأنّه من ثمرات حبّ الدنيا، ومن خبائث الصفات ورذائل الأخلاق. قال اللَّه تعالي: «وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْراً لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ».[4] .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «ولا يدخل الجنّة بخيل، ولا خب، ولا خائن، ولا سيئ الملکة».[5] .

وقال أيضاً: «البخيل بعيد من اللَّه، بعيد من النّاس، بعيد من الجنّة، قريب من النّار، وجاهل سخيّ أحبّ إلي اللَّه من عابد بخيل، وأدوي الداء البخل».[6] .

وأمّا السخاء فهو وسط بين الإقتار والإسراف، وبين البسط والقبض، وهو ضدّ البخل، ومن ثمرة الزهد، کما أنّ البخل من ثمرة حبِّ الدنيا، فينبغي لکلّ سالکٍ لطريق الآخرة أن تکون له حالة القناعة إن لم يکن له مال، ولا ريب في أنّه من شرائف الصفات ومعالي الأخلاق، وهو من أشرف أوصاف النبيّين والمرسلين، وما ورد في مدحه أکثر أن يُحصي:

قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «السخاء شجرة من شجرة الجنّة، أغصانها متدلّية إلي الأرض، فمن أخذ منها غُصناً قادَه ذلک الغُصنُ إلي الجنّة».[7] .

وقال أيضاً: «ما جعل اللَّه أولياءه إلّا علي السخاء وحُسنِ الخُلق».[8] .

وقال أيضاً: «إنّ السخيّ قريبٌ من اللَّه، قريبٌ من النّاس، قريبٌ من الجنّة، بعيد عن النّار».[9] .

وقال أيضاً: «طعام الجوادِ دواءٌ، وطعام البخيلِ داءٌ».[10] .

وقال عليّ عليه السلام: «سادة النّاس في الدنيا الأسخياء، وفي الآخرة الأتقياء».[11] .

وقال أيضاً: «کثرة السخاء تکثر الأولياء وتستصلح الأعداء».[12] .

وقال أيضاً: «مَن لم يکن له سخاءٌ ولا حياءٌ، فالموت خيرٌ له من الحياة».[13] .







  1. سورة الإسراء: 29.
  2. سورة الفرقان: 67.
  3. البحار 352:71.
  4. سورة آل عمران: 180.
  5. جامع السعادات 85:2.
  6. جامع السعادات 85:2.
  7. جامع السعادات 87:2.
  8. جامع السعادات 87:2.
  9. المصدر المتقدّم 87:2.
  10. جامع السعادات 87:2.
  11. البحار 450:71، والغرر والدرر للآمدي 138:4، ح 5602.
  12. الغرر والدرر للآمدي 597:4، ح 7106.
  13. المصدر المتقدّم 410:5، ح 8969.