احتجاجه يوم الشوري بالصبر علي ضياع حقّه











احتجاجه يوم الشوري بالصبر علي ضياع حقّه



في (فرائد السمطين): بسنده عن الحارث بن محمّد، عن أبي الطفيل عامر بن واثله، قال: کنت علي الباب يوم الشوري فارتفعت الأصوات بينهم، فسمعت عليّاً عليه السلام يقول: «بايع النّاس أبا بکر، وأنا واللَّه أوْلي بالأمر منه، وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع النّاس کفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف. ثمّ بايع النّاس عمر، وأنا واللَّه أوْلي بالأمر منه، وأحقّ به منه، فسمعت وأطعت مخافة أن يرجع النّاس کفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف.

ثمّ أنتم تريدون أن تبايعوا عثمان؟! إذن لا أسمع ولا أطيع، وانّ عمر جعلني من خمسة نفر أنا سادسهم لا يعرف لي فضلاً عليهم في الصلاح ولا يعرفونه لي، کلّنا فيه شرع سواء، وأيم اللَّه، لو أشاء أن أتکلّم ثمّ لا يستطيع عربيّهم ولا عجميّهم ولا معاهد منهم، ولا المشرک ردّ خصلة منها، لفعلت».

ثمّ قال: «اُنشدکم اللَّه - أيّها الخمسة - أفيکم أحد هو أخو رسول اللَّه صلي الله عليه و آله غيري؟» قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد له عمّ مثل عمّي حمزة بن عبدالمطّلب، أسد اللَّه وأسد رسوله غيري؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد له ابن عمّ مثل ابن عمّي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد له أخ مثل أخي جعفر المزيّن بالجناحين يطير مع الملائکة في الجنّة؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد له زوجة مثل زوجتي فاطمة بنت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله سيّدة نساء هذه الاُمّة؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد له سبطان مثل الحسن والحسين سبطا هذه الاُمّة ابنا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله غيري؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد قتل مشرکي قريش قبلي؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد وحّد اللَّه قبلي؟. قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد غسّل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله قبلي؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد سکن المسجد يمرّ فيه جنباً غيري؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد ردّت عليه الشمس بعد غروبها حتّي صلّي العصر غيري؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد قال له رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حين قرب إليه الطير فأعجبه: اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک يأکل معي من هذا الطير، فجئت أنا لا أعلم ما کان من قوله، فدخلت عليه قال: وإلَي يا ربّ، وإلَيَّ يا ربّ، غيري؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد کان أقتل للمشرکين عند کلّ شديدة تنزل برسول اللَّه صلي الله عليه و آله منّي؟». قالوا: لا. قال: «أمنکم أحد کان أعظم غناءً عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله حين اضطجعت علي فراشه ووفيته بنفسي وبذلت له مهجتي غيري؟».... قال: «أفيکم أحد يطهّره کتاب اللَّه غيري، حتّي سدّ النبيّ صلي الله عليه و آله أبواب المهاجرين جميعاً وفتح بابي إليه، حتّي قام إليه عمّاه حمزة والعبّاس، وقالا يا رسول اللَّه، سددت أبوابنا وفتحت باب عليّ؟ فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: ما أنا فتحت بابه، ولا سددتُ أبوابکم، بل اللَّه فتح بابه وسدّ أبوابکم؟». قالوا: لا. قال: «أفيکم أحد تمّم اللَّه نوره من السماء حتّي قال: «فَآتِ ذَا الْقُرْبَي حَقَّهُ»؟[1] قالوا: اللّهمّ لا. قال: «أفيکم أحد ناجي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ستّ عشرة مرّة غيري حين نزل: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاکُمْ صَدَقَةً».[2] قالوا: اللّهمّ لا. قال: «أفيکم أحد ولي غمض رسول اللَّه صلي الله عليه و آله غيري؟. قالوا: لا. قال: «أفيکم أحد کان آخر عهده برسول اللَّه صلي الله عليه و آله حتّي وضعه في حفرته غيري؟». قالوا: لا.[3] .

ومع وجود هذه الفضائل والمناقب فيه عليه السلام صبر للَّه وفي اللَّه حتّي لا يتشتّت أمر المسلمين، ولم يرجع النّاس کفّاراً يضرب بعضهم رقاب بعض بالسيف، وهذا الصبر من أحسن الصبر، وله أجر غير ممنون.







  1. سورة الروم: 38.
  2. سورة المجادلة: 12.
  3. فرائد السمطين 319:1، ح 251.