مفهوم الزهد عند عليّ











مفهوم الزهد عند عليّ



قد يظنّ بعض العوامّ ممّن لا يعرف حقيقة الزهد في الإسلام أنّ الزهد ترک الدنيا بالمرّة، واختيار العزلة والانزواء دائماً، لکن ليس هذا العمل ممدوحاً في الإسلام بل مذمومٌ ومرغوبٌ عنه، وقد يميل إلي هذا المفهوم بعض زهّاد النصاري وهو أمر لا يقرّه الإسلام، بل الزهد في درجة عالية من تهذيب النفس وقصر الأمل، قال النبيّ صلي الله عليه و آله: «ليس الزهد في الدنيا لبس الخشن، وأکل الجشب، ولکنّ الزهد في الدنيا قصر الأمل».[1] .

وقال جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام: «الزاهد في الدنيا الّذي يترک حلالها مخافة حسابه، ويترک حرامها مخافة عقابه».[2] .

وإلي هذا المعني يرجع مفهوم الزهد عند أمير المؤمنين عليه السلام، حيث يقول: «الزهد کلّه بين کلمتين من القرآن. قال اللَّه سبحانه: «لِکَيْلَا تَأْسَوْا عَلَي مَا فَاتَکُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاکُمْ».[3] فمن لم يأس علي الماضي ولم يفرح بالآتي فقد استکمل الزهد بطرفيه».[4] .

لو رأي أمير المؤمنين عليه السلام بعض أصحابه يترک الدنيا والملأ ويلبس العباء يذمّه ويرشده إلي حقيقة الحال، کما نري ذلک في عاصم بن زياد وأخوه ونشير إلي قصّتهما فيما يلي.







  1. قصار الجمل: 284.
  2. قصار الجمل 285:1، وجامع السعادات 52:2.
  3. سورة الحديد: 23.
  4. قصار الجمل 284:1، وجامع السعادات 52:2، وقد مرّ في مفهوم الزهد وترغيب الإسلام فيه في أوّل الفصل روايات تناسب هذا المعني، فلاحظها.