مناجاة النبيّ إيّاه، وإخباره بما هو كائن إلي يوم القيامة











مناجاة النبيّ إيّاه، وإخباره بما هو کائن إلي يوم القيامة



أخرج جمع من العامّة منهم الخوارزمي، عن عليّ بن محمّد بن المنکدر، عن اُمّ سلمة زوج النبيّ صلي الله عليه و آله - وکانت من ألطف نسائه، وأشدّهنّ له حبّاً - قال: وکان لها مولي يحضنها[1] وربّاها، وکان لا يصلّي صلاةً إلّا سبّ عليّاً عليه السلام وشتمه، فقالت له: يا أبتاه، ما حملک علي سبّ عليّ؟ قال: لأنّه قتل عثمان وشرک في دمه!! قالت له: لولا أنّک مولاي وربيّتني وأنّک عندي بمنزلة والدي ما حدّثتک بسرّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، ولکن اجلس حتّي اُحدّثک عن عليّ وما رأيته في حقّه. قالت: قد أقبل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله - وکان يومي، وإنّما نصيبي (منه) في تسعة أيّام يوماً واحداً - فدخل وهو متخلّل أصابعه في أصابع عليّ، واضعاً يده عليه، فقال: يا اُمّ سلمة، اخرجي عن البيت واخليه لنا»، فخرجت، فأقبلا يتناجيان وأنا أسمع الکلام، ولا أدري ما يقولان حتّي إذا قلت: قد انتصف النهار، فأقبلت فقلت: السلام عليک يا رسول اللَّه، ألج؟ فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: لا تلجي وارجعي مکانک».

ثمّ تناجيا طويلاً حتّي قام عمود الظهر، فقلت: ذهب يومي وشغله عليّ، فأقبلت أمشي حتّي وقفت علي الباب فقلت: السلام عليکم، ألج؟ فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: «لا تلجي»، فرجعت فجلست حتّي إذا قلت: قد زالت الشمس الآن يخرج إلي الصلاة فيذهب يومي، ولم أرَ قطّ يوماً أطول منه، فأقبلت أمشي حتّي وقفت (علي الباب) وقلت: السلام عليکم، ألج؟ فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: «نعم»، فدخلت وعليّ واضع يده علي رکبة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، قد أدني فاه من اُذن النبيّ صلي الله عليه و آله يقول: «نعم»، فدخلت وفم النبيّ صلي الله عليه و آله علي اُذن عليّ يتسارّان، وعليّ معرض وجهه حتّي دخلت. فخرج، فأخذني النبيّ صلي الله عليه و آله في حجره، فأصاب منّي ما يصيب الرجل من أهله من اللطف والاعتذار، ثمّ قال: «يا اُمّ سلمة، لا تلوميني، فإنّ جبرئيل أتاني من اللَّه بما هو کائن بعدي، وأمرني أن اُوصي به عليّاً من بعدي، وکنت بين جبرئيل وبين عليّ، جبرئيل عن يميني وعليّ عن شمالي، فأمرني جبرئيل أن آمر عليّاً بما هو کائن بعدي إلي يوم القيامة، فاعذريني ولا تلوميني، إنّ اللَّه عزّ وجلّ اختار من کلّ اُمّة نبيّاً، ولکلّ نبيّ وصيّاً، فأنا نبيّ هذه الاُمّة، وعليّ وصيّي في عترتي وأهل بيتي واُمّتي من بعدي».

فهذا ما شهدت من عليّ الآن. يا أبتاه، فسبّه أو دعه، فأقبل أبوها يناجي الليل والنهار يقول: اللّهمّ اغفر لي من أمر عليّ عليه السلام، فإنّ وليّي وليّ عليّ، وعدوّي عدوّ عليّ، فتاب المولي توبة نصوحاً، وأقبل فيما بقي من دهره يدعو اللَّه تعالي أن يغفر له.[2] .







  1. في نسخة: «يحصنها» بالصاد.
  2. المناقب للخوارزمي: 147، وفرائد السمطين 270:1، باب 52 ح 222.