في لفظ الخشوع، والخشوع في الصلاة











في لفظ الخشوع، والخشوع في الصلاة



الخشوع: الخضوع.[1] وقال شيخ الطائفة: الخشوع والخضوع والتذلّل والإخبات نظائر، وضدّ الخضوع الاستکبار.[2] وقيل: الفرق بين الخشوع والخضوع هو: أنّ الخشوع في البدن والبصر والصوت، والخضوع في البدن.[3] .

والخشوع في الصلاة: قيل: خشية القلب والتواضع. وقيل: هو أن ينظر إلي موضع سجوده، بدليل أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله کان يرفع بصره إلي السماء، فلمّا نزلت هذه الآية: «الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ»[4] طأطأ رأسه ورمي ببصره إلي الأرض.[5] .

وقيل: هو الإقبال بالقلب وبالجوارح، بدليل أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله رأي رجلاً يعبث بلحيته في صلاته، فقال صلي الله عليه و آله: «أما إنّه لو خشع قلبه لخشعت جوارحه».[6] .

قال الشيخ الطبرسي: هذا دلالة علي أنّ الخشوع في الصلاة يکون بالقلب والجوارح، فأمّا بالقلب فهو أن يفزع قلبه بجمع الهمّة لها والإعراض عمّا سواها، فلا يکون في غير العبادة والمعبود، وأمّا في الجوارح فهو غضّ البصر والإقبال عليها وترک الالتفات والعبث.[7] .

وبالجملة ما يمکن أن يقال في الخشوع هو حالة التواضع والأدب الجسمي والروحي الّذي يعتري الإنسان عندما يواجه شخصيّة کبيرة أو حقيقة مهمّة، وتظهر آثاره علي البدن، فلم يعتبر القرآن الکريم إقامة الصلاة لوحدها من علامات المؤمنين، بل إنّه يعدّ الخشوع في الصلاة من العلامات الخاصّة بالمؤمنين: «الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ».

تشير هذه الآية إلي أنّ صلاة المؤمنين ليست صلاة تردّد فيها الألفاظ وتؤدّي حرکات لا روح فيها، فإنّ هذه الصلاة لا معني لها، وإنّما صلاتهم صلاة تسودها حالة التوجّه إلي اللَّه، والانقطاع عمّا سواه، فيتّصلون باللَّه ويذوبون في التفکّر والحضور بين يدي اللَّه ومناجاته حتّي تستولي هذه الحالة علي کلّ ذرّات کيانهم، فيرون أنفسهم ذرات أمام هذا الوجود اللّامتناهي، وقطرات أمام البحر المحيط.







  1. مجمع البحرين 321:4، مادة «خشع».
  2. تفسير التبيان 204:1.
  3. المصدران السابقان.
  4. سورة المؤمنون: 2.
  5. تفسير مجمع البيان 99:7، والبحار 228:84.
  6. تفسير مجمع البيان 99:7، والبحار 228:84.
  7. المصدر المتقدّم 99:7، والبحار 228:84.