حسبک في ذلک قلعه باب خيبر
قال الشيخ المفيد رحمه الله: وقد روي أصحاب الآثار عن الحسن بن صالح، عن الأعمش، عن أبي إسحاق، عن ابن أبي عبداللَّه الجدلي، قال: سمعت أمير المؤمنين عليه السلام يقول: «لمّا عالجتُ بابَ خيبر، جعلتُه مِجَنّاً لي وقاتلت القومَ، فلمّا أخزاهم اللَّهَ وضعتُ البابَ علي حِصنهم طريقاً، ثمّ رميتُ به في خندقهم». فقال له رجل: لقد حَمَلتَ منه ثقلاً؟ فقال عليه السلام: «ما کان إلّا مثل جُنّتي الّتي في يدي في غير ذلک المقام». ثم قال: و ذکر أصحاب السِّير: أنّ المسلمين لمّا انصرفوا من خيبر راموا حمل الباب فلم يُقِلَّه (أي يحمله) منهم إلّا سبعون رجلاً، وفي حمل أمير المؤمنين عليه السلام الباب يقول الشاعر: إنّ امرءاً حَمَل الرِّتاج[2] بخيبر حمل الرِّتاج، رِتاج باب قَمُوصها[3] . فَرَمي به ولقد تَکَلَّف رَدَّهُ رَدُّوه بعدَ مشقّةٍ وَتَکَلُّفٍ وفي (البحار): عن أحمد بن حنبل، عن مشيخته، عن جابر الأنصاري: أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله دفع الراية إلي عليّ عليه السلام في يوم خيبر بعد أن دعا له، فجعل يسرع السير وأصحابه يقولون له: ارفق حتّي انتهي إلي الحصن فاجتذب بابه فألقاه علي الأرض، ثمّ اجتمع منّا سبعون رجلاً، وکان جهدهم أن أعادوا الباب.[5] . وفيه أيضاً عن (روض الجنان): قال بعض الصحابة: ما عجبنا - يا رسول اللَّه - من قوّته (عليّ عليه السلام) في حمله ورميه وإتراسه، وإنّما عجبنا من إجساره وإحدي طرفيه علي يده، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله کلاماً معناه: «يا هذا، نظرت إلي يده فانظر إلي رجليه؟!». قال: فنظرت إلي رجليه فوجدتهما معلّقين، فقلت: هذا أعجب، رجلاه علي الهواء، فقال صلي الله عليه و آله: «ليستا علي الهواء، وإنّما هما علي جناحي جبرئيل».[6] .
حسبک في ذلک قعله باب خيبر، وجعله جسراً علي الخندق، وکان يغلقه عشرون رجلاً، وتترّسه يومئذٍ بباب لم يستطع قلبه ثمانية نفر.[1] .
يوم اليهود بقدرةٍ لَمؤيّدُ
والمسلمون وأهل خيبر شُهَّدُ
سبعون شخصاً کُلُّهم له مَتَشَدِّدُ
ومَقال بَعضِهِم لبعضٍ إردُدوا[4] .