ان شجاعته آية من آيات اللَّه











ان شجاعته آية من آيات اللَّه



لا شکّ أنّ شجاعته عليه السلام من آيات اللَّه تعالي، کما ذکر الشيخ المفيد هذه الحقيقة في فصول من کتابه، وقال في ذلک:

ومن آيات اللَّه تعالي الخارقة للعادة في أمير المؤمنين عليه السلام: أنّه لم يعهد لأحد من مبارزة الأقران، مثل ما عُرِف له من کثرة ذلک علي مرّ الزمان، ثمّ إنّه لم يوجد في ممارسي الحروب إلّا من عرته (أي أصابته) بشرّ، ونِيلَ منه بجراحٍ أو شَينٍ إلّا أمير المؤمنين عليه السلام.

فإنّه لم يَنَلْه مع طول زمان حربه جراحٌ من عدوٍّ ولا شينٌ، ولا وصل إليه أحدٌ منهم بسوء حتّي کان من أمره مع ابن ملجم لعنه اللَّه علي اغتياله إيّاه ما کان، وهذه اُعجوبة أفرده اللَّه بالآية فيها، وخصّه بالعلم الباهر في معناها، فدلّ بذلک علي مکانه منه وتخصّصه بکرامته الّتي بان بفضلها من کافّة الأنام.

ثمّ قال في فصل آخر: ومن آيات اللَّه تعالي فيه عليه السلام: أنّه لا يذکر ممارس للحروب لقي فيها عدوّاً إلّا وهو ظافرٌ به حيناً وغير ظافر به حيناً، ولا نال أحدٌ منهم خصمه بجراح إلّا وقضي منها وقتاً وعوفي منها زماناً، ولم يعهد من لم يفلت منه قرن في حرب ولا نجا من ضربته أحدٌ، فصلح منها إلّا أمير المؤمنين عليه السلام، فإنّه لا مرية في ظفره بکلّ قرن بارزه، وإهلاکه کلّ بطل نازله، وهذا أيضاً ممّا انفرد به عليه السلام من کافّة الأنام، وخرق اللَّه جلّ وعزّ به العادة في کلّ حين وزمان، وهو من دلائله الواضحة.

ثمّ قال أيضاً في فصل ثالث: ومن آيات اللَّه تعالي أيضاً فيه أنّه مع طول ملاقاته للحروب وملابسته إيّاها، وکثرة من مُني به فيها من شُجعان الأعداء وصناديدهم وتجمُّعِهم عليه، واحتيالهم في الفَتک به، وبَذلِ الجهد في ذلک، ما وَلّي قطّ عن أحد منهم ظهره، ولا انهزم عن أحدٍ منهم، ولا تَزحزح عن مکانه، ولا هابَ أحداً من أقرانه، ولم يلق أحدٌ سواه خصماً له في حرب إلّا وثبت له حيناً، وانحرف عنه حيناً، وأقدم عليه وقتاً، وأحجم عنه زماناً.

و إذا کان الأمر علي ما وصفناه ثبت ما ذکرناه من انفراده بالآية الباهرة، والمعجزة الظاهرة، وخرق العادة فيه بما دلّ اللَّه به علي إمامته، وکشف به فرض طاعته، وأبانه بذلک عن کافّة خليقته.[1] .







  1. إرشاد المفيد 309 - 307:1.