قول اکثر الشارح المعتزلي في شجاعته
ولمّا دعا معاوية إلي المبارزة ليستريح النّاس من الحرب بقتل أحدهما، قال له عمرو: لقد أنصفک، فقال معاوية: ما غششتني منذ نصحتني إلّا اليوم! أتاُمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنّه الشجاع المطرِق! أراک طمعت في إمارة الشام بعدي. وکانت العرب تفتخر بوقوفها في الحرب في مقابلته، فأمّا قتلاه فافتخار رهطهم بأنّه عليه السلام قتلهم أظهر وأکثر؛ قالت اُخت عمرو بن عبد ودّ ترثيه: لو کان قاتل عمرو غير قاتله لکنّ قاتلَه من لا نظير له وانتبه يوماً معاوية، فرأي عبداللَّه بن الزبير جالساً تحت رجليه علي سريره، فقعد، فقال له عبداللَّه يُداعبه: يا أمير المؤمنين، لو شئت أن أفتک بک بفعلت. فقال: لقد شَجُعت بعدنا، يا أبا بکر. قال: وما الّذي تنکره من شجاعتي، وقد وقفتُ في الصفّ إزاء عليّ بن أبي طالب! قال: لا جَرم! إنّه قتلک وأباک بيسري يديه، وبقيت اليمني فارغة يطلب من يقتله بها. ثمّ قال: وجملة الأمر أنّ کلّ شجاع في الدنيا إليه ينتهي، وباسمه ينادي في مشارق الأرض ومغاربها.[2] . وقد ذکر الشارح المعتزلي في خاتمة من کلامه، فصل طويل في شجاعة عليّ عليه السلام تحت عنوان: (مُثُلٌ من شجاعة عليّ عليه السلام)، فراجعه.[3] .
وقال ابن أبي الحديد مضافاً إلي ما مضي آنفاً عنه في شجاعة أميرالمؤمنين عليّ عليه السلام فقال: فإنّ عليّاً عليه السلام أنسي النّاس فيها (في الشجاعة) ذکر من کان قبله، ومحا اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحرب مشهورة تُضرب بها الأمثال إلي يوم القيامة، وهو الشجاع الّذي ما فرّ قطّ، ولا ارتاع من کتيبة، ولا بارز أحداً إلّا قتله، ولا ضرب ضربةً قطّ فاحتاجت الاُولي إلي ثانية، وفي الحديث: «کانت ضرباته وتراً».
بکيتُه أبداً ما دُمتُ في الأبد
وکان يُدعي أبوه بيضةَ البلد[1] .