في مفهوم الشجاعة والجبن والتهوّر











في مفهوم الشجاعة والجبن والتهوّر



الشجاعة تتعلّق بالقوّة الغضبيّة، وهي من الفضائل، وضدّها التهوّر والجبن، ولا بدّ أن نشير إلي التهوّر والجبن حتّي تتّضح الشجاعة، أمّا التهوّر فهو الإقدام علي ما لا ينبغي، والخوض فيما يمنعه العقل والشرع من المهالک والمخاوف، ولا ريب في أنّه من المهلکات في الدنيا والآخرة، ويدلّ علي ذمّه قوله تعالي: «وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيکُمْ إِلَي التَّهْلُکَةِ»[1] إذ من ألقي نفسه من الجبال الشاهقة، أو السطح العالي ولم يبال بالسيوف المصلتة، أو ألقي نفسه في البحار الغامرة الجارية ولم يحذر من الحيتان الخطرة و... فهلک، کان قاتلاً لنفسه بحکم الشريعة، وهو حرام محرّم، ويوجب الشقاء السرمدي، والعذاب الأبدي.

أمّا الجبن فهو سکون النفس عن الحرکة إلي الانتقام أو غيره مع کونها أوْلي، ويلزم من الجبن مهانة النفس والذلّة وسوء العيش وطمع النّاس فيما يملکه، وقلّة ثباته في الاُمور، والکسل وحبّ الراحة، وهو يوجب الحرمان عن السعادات وتمکين الظالمين من الظلم عليه، واستماع القبائح من الشتم والقذف، ولذا ورد في الخبر: «لا ينبغي للمؤمن أن يکون بخيلاً ولا جباناً».[2] .

وقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «اللّهمّ إنّي أعوذ بک من البخل، وأعوذ بک من الجبن، وأعوذ بک من أن أردّ إلي أرذل العمر».[3] .

أمّا الشجاعة فهي ضدّ هذين الجنسين، وهي طاعة قوّة الغضب للعاقلة في الإقدام علي الاُمور الهائلة، وعدم اضطرابها بالخوض فيما يقتضيه رأيها، ولا ريب في أنّها أشرف الملکات النفسيّة، وأفضل الصفات الکماليّة، والفاقد لها بري ءٌ عن الفحليّة والرجوليّة، ولذا ورد في الأخبار المأثورة أنّ المؤمنين يتّصفون بها، قال عليّ عليه السلام في وصف المؤمن: «نفسه أصلب من الصلد».[4] .







  1. سورة البقرة: 195.
  2. جامع السعادات 194:1.
  3. جامع السعادات 194:1.
  4. جامع السعادات 194:1.