المقدمة











المقدمة



إنّ الکلام عن فضائل ومناقب بحر العلوم، وباب مدينة العلم، باب دار الحکمة، وميزان الأعمال، وقسيم الجنّة والنّار، والسابق إلي الإسلام والهجرة والجهاد، والکتابة عنه عليه السلام يعدّ عملاً من الأعمال الصعبة، فلا شي ء يسعف القلم کي يکتب عن شخصٍ ردّت إليه الشمس، وحبّه حبّ اللَّه ورسوله، وبغضه بغض اللَّه ورسوله، ولا يحبّه إلّا مؤمن، ولا يبغضه إلّا منافق.. ويکلّ اللسان عن تعداد مناقبه.

فعليّ عليه السلام أخو الرسول صلي الله عليه و آله ووصيّهُ وخليفتهُ، وزوج البتول، وأبو السبطين - سيّدي شباب أهل الجنّة - وأخو جعفر الطيّار، وأبو الأئمّة الهداة، وما لا يُعدّ ولا يُحصي من الفضائل والمناقب.


کتاب فضل ترا آب بحر کافي نيست
که تر کنم سر انگشت صفحه بشمارم


عن ابن عبّاس، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لو أنّ الغياض[1] أقلام، والبحر مدادٌ، والجنّ حسّاب، والإنس کُتّاب، ما أحصوا فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السلام».[2] .

وفي (کفاية الطالب) لأخطب خوارزم وغيره عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إنّ اللَّه تبارک وتعالي جعل لأخي عليّ فضائل لا تحصي کثرة[3] فمن ذکر فضيلة من فضائله مُقرّاً بها، غفر اللَّه له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر، ومن کتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائکة تستغفر له ما بقي لتلک الکتابة رسم، ومن استمع فضيلة من فضائله غفر اللَّه له الذنوب الّتي اکتسبها بالاستماع، ومن نظر إلي فضيلة من فضائله غفر اللَّه له الذنوب الّتي اکتسبها بالنظر».

ثمّ قال: «النظر إلي وجه (أمير المؤمنين)[4] عليّ بن أبي طالب عبادة، وذکره عبادة، ولا يقبل اللَّه إيمان عبد إلاّ بولايته والبراءة من أعدائه».[5] .

ونحن بمصداق «ما لا يُدرک کلّه لا يترک کلّه»، و«الميسور لا يسقط بالمعسور».. نقدّم لکم - أعزّائي القرّاء - غَرفة من المحيط المتلاطم الأمواج، وقطرة من البحر الّذي ليس له ساحل، وقد تناولنا البحث في فصولٍ من هذا المجلّد - والّذي يعدّ غيضاً من فيض - في الروايات المختلفة من فضائله عليه السلام، مستندين في ذلک علي ما جاء في کتب الإخوة أهل السنّة المعتبرة، وکتب علماء الشيعة الإماميّة.

ونودّ اطلاعکم في هذه المقدّمة بأنّنا سنتعرّض إلي شرح الحديث في أثناء فصول هذا الجزء إن شاء اللَّه، ونذکّر بأنّ سائر اجزاء الکتاب تحتوي علي فضائله ومناقبه عليه السلام. وإليکم نبذة يسيرة من الأخبار الواردة في مناقبه وفضائله عليه السلام.

1- فروي الخوارزمي عن زيد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، عن عليّ عليه السلام، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا عليّ، لو أنّ عبداً عَبَد اللَّه عزّ وجلّ مثل ما قام نوح في قومه، وکان له مثل اُحد ذهباً فأنفقه في سبيل اللَّه، ومدّ في عمره حتّي حجّ ألف عام علي قدميه ثُمّ قتل بين الصفا والمروة مظلوماً، ثمّ لم يوالک يا عليّ لم يشمّ رائحة الجنّة ولم يدخلها».[6] .

2- وفي (عبقات الأنوار) بالإسناد، عن أبي اُمامة الباهلي، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إنّ اللَّه خلق الأنبياء من أشجار شتّي، وخلقني وعليّاً من شجرة واحدة، فأنا أصلها، وعليّ فرعها، وفاطمة لقاحها، والحسن والحسين ثمرها، فمن تعلّق بغُصن من أغصانها نجا، ومن زاغ عنها هوي، ولو أنّ عبداً عَبَد اللَّه بين الصفا والمروة ألف عام ثمّ ألف عام ثمّ لم يدرک محبّتنا، أکبّه اللَّه علي منخريه في النّار، ثمّ تلا «قُل لَا أَسْأَلُکُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَي»».[7] .

3- وفيه أيضاً بالإسناد عن محمّد بن عليّ بن الحسين، عن أبيه، عن جدّه، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «کنتُ أنا وعليّ نوراً بين يدي اللَّه تعالي من قبل أن يخلق آدم بأربعة عشر ألف عام، فلمّا خلق اللَّه تعالي آدم سلک ذلک النور في صلبه، فلم يزل اللَّه تعالي ينقله من صلب إلي صلب، حتّي أقرّه في صلب عبدالمطّلب، فقسّمه نصفين؛ قسماً في صلب عبداللَّه، وقسماً في صلب أبي طالب، فعليّ منّي وأنا منه، لحمه من لحمي، ودمه من دمي، فمن أحبّه فبحبّي اُحبّه، ومن أبغضه فببغضي اُبغضه».[8] .

4- و عن موفّق بن أحمد من أعيان علماء العامّة بسنده عن عثمان، قال: قال عمر بن الخطّاب: إنّ اللَّه تعالي خلق ملائکة من نور وجه عليّ بن أبي طالب.[9] .

5- و عن الصدوق رحمه الله بسنده عن سعيد بن جبير، قال: أتيت عبداللَّه بن عبّاس فقلت له: يابن عمّ رسول اللَّه، إنّي جئتک أسألک عن عليّ بن أبي طالب عليه السلام واختلاف النّاس فيه. فقال ابن عبّاس: يابن جبير، جئتني تسألني عن خير خلق اللَّه من الاُمّة بعد محمّد نبيّ اللَّه، جئتني تسألني عن رجل کانت له ثلاثة آلاف منقبة في ليلة واحدة، وهي ليلة القربي. يابن جبير، جئتني تسألني عن وصيّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ووزيره، وخليفته، وصاحب حوضه ولوائه وشفاعته. والّذي نفس ابن عبّاس بيده، لو کانت بحار الدنيا مداداً، والأشجار أقلاماً، وأهلها کُتّاباً، فکتبوا مناقب عليّ بن أبي طالب عليه السلام وفضائله من يوم خلق اللَّه عزّ وجلّ الدنيا إلي أن يُفنيها، ما بلغوا مِعشار ما آتاه اللَّه تبارک وتعالي.[10] .

6- و روي ابن الصبّاغ المالکي عن کتاب المناقب لأبي المؤيّد، عن أبي بردة، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله - ونحن جلوس ذات يوم -: «والّذي نفسي بيده، لا يزال قدم عن قدم يوم القيامة حتّي يَسأل اللَّه تعالي الرجل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن ماله ممّ کسبه وفيم أنفقه، وعن حبّنا أهل البيت».

فقال عمر: ما آية حبّکم؟ فوضع يده علي رأس عليّ وهو جالس علي جانبه فقال: «آيته حبّ هذا من بعدي».[11] .

7- و في فرائد السمطين بسنده، قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا عمّار، طاعة عليّ طاعتي، وطاعتي طاعة اللَّه».[12] .

8- في صحيح الترمذي عن المُساور الحِميري، عن اُمِّهِ، قالت: دخلتُ علي اُمّ سلمة فسمعتُها تقول: کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «لا يحبّ عليّاً منافقٌ، ولا يُبغِضهُ مؤمنٌ».[13] .

9- وفيه أيضاً عن أبي سعيد الخُدري، قال: إنّا کُنّا لنعرِفُ المنافقين - نحن معشر الأنصار - ببغضُهم عليّ بن أبي طالب.[14] .

10- وفيه أيضاً عن البراء بن عازب، قال: إنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال لعليّ بن أبي طالب عليه السلام: «أنت منّي، وأنا منک».[15] .

11- وفيه أيضاً عن اُمّ عطيّة، قالت: بعث النبيّ صلي الله عليه و آله جيشاً فيهم عليّ عليه السلام، قالت: فسمعتُ النبيّ صلي الله عليه و آله وهو رافعٌ يديه يقول: «اللّهمّ لا تُمتني حتّي تُرِيَني عليّاً».[16] .

12- وفيه أيضاً عن أنس بن مالک، قال: کان عند النبيّ صلي الله عليه و آله طيرٌ فقال: «اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک يأکل معي هذا الطير»، فجاء عليّ فأکل معه.[17] .

13- و عن شيخ المفيد عن عبداللَّه بن مسعود، قال: استدعي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عليّاً عليه السلام فخلا به، فلمّا خرج إلينا سألناه ما الّذي عهد إليک؟ فقال: «علّمني ألف باب من العلم، فتح لي من کلّ باب ألف باب».[18] .

14- و روي ابن الصبّاغ المالکي عن (معالم العترة النبويّة) عن فاطمة عليهاالسلام، قالت: «خرج علينا رسول اللَّه صلي الله عليه و آله عشيّة عرفة، فقال: إنّ اللَّه عزّ وجلّ باهي بکم وغفر لکم عامّة، ولعليّ خاصّة، وإنّي رسول اللَّه غير محاب لقرابتي، إنّ السعيد کلّ السعيد من أحبّ عليّاً في حياته وبعد موته».

وروي ابن الصبّاغ أيضاً عن الطبراني في (مجمعه) عن فاطمة الزهراء عليهاالسلام الحديث المتقدّم، وزاد فيه: «إنّ الشقيّ کلّ الشقيّ من أبغض عليّاً في حياته وبعد مماته».

15- وفي صحيفة الإمام الرضا عليه السلام، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا عليّ، لولاک لما عُرف المؤمنون بعدي».[19] .

16- وفيها أيضاً، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «يا عليّ، إنّک قسيم النّار والجنّة، وإنّک تَقرَعُ بابَ الجنّة فَتَدخُلها بلا حساب».[20] .

17- و عن الصدوق عليهاالسلام بسنده عن جابر بن عبداللَّه الأنصاري، أنّه قال: لقد سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «إنّ في عليّ خصالاً لو کانت واحدة منها في جميع النّاس لاکتفوا بها فضلاً». قوله صلي الله عليه و آله: «مَن کنتُ مولاه فعليّ مولاه».

وقوله صلي الله عليه و آله: «عليّ منّي کهارون من موسي».

وقوله صلي الله عليه و آله: «عليّ منّي، وأنا منه».

وقوله صلي الله عليه و آله: «عليّ منّي کنفسي، طاعته طاعتي، ومعصيته معصيتي».

وقوله صلي الله عليه و آله: «حربُ عليّ حربُ اللَّه، وسلمُ عليّ سلم اللَّه».

وقوله صلي الله عليه و آله: «وليُّ عليٍّ وليّ اللَّه، وعدوُّ عليٍّ عدوّ اللَّه».

وقوله صلي الله عليه و آله: «عليّ حجّة اللَّه، وخليفته علي عباده».

وقوله صلي الله عليه و آله: «حبُّ عليّ إيمان، وبُغضُه کفر».

وقوله صلي الله عليه و آله: «حزبُ عليّ حزبُ اللَّه، وحزبُ أعدائه حزبُ الشيطان».

وقوله صلي الله عليه و آله: «عليّ مع الحقّ، والحقّ معه، لا يفترقان حتّي يَرِدا علَيّ الحوض».

وقوله صلي الله عليه و آله: «عليّ قسيم الجنّة والنّار».

وقوله صلي الله عليه و آله: «من فارق عليّاً فقد فارقني، ومن فارقني فقد فارق اللَّه عزّ وجلّ».

وقوله صلي الله عليه و آله: «شيعة عليّ هم الفائزون يوم القيامة».[21] .

وغير ذلک من الأخبار في فضائله ومناقبه، والّتي ستأتي في فصول هذا الکتاب.







  1. الغياض جمع غيضة: مجتمع الشجر في مغيض الماء. وفي بعض الروايات بلفظ (الرياض) بدل (الغياض)، الرياض جمع الروضة، ا ي أرض مخضرّة بأنواع النبات.
  2. المناقب للخوارزمي: 32، فرائد السمطين 16:1، کشف الغمّة - باب المناقب 148:1، البحار 197:38، أمالي الصدوق - المجلس الثامن والعشرون: ح 9.
  3. في نسخة الأمالي: «ولا يحصي عددها غيره».
  4. في نسخة الأمالي هکذا.
  5. المناقب للخوارزمي: 32، کشف الغمّة 148:1، وأمالي الصدوق - المجلس الثامن والعشرون: ح 9.
  6. المناقب للخوارزمي: 69.
  7. عبقات الأنوار 146:8.
  8. المصدر المتقدّم: 107، والأخبار بهذا المضمون متواترة، فراجع عبقات الأنوار: ج8.
  9. غاية المرام: 6، الباب1، ح 17، من المقصد الأوّل.
  10. أمالي الصدوق - المجلس الثاني والثمانون: ح 15.
  11. الفصول المهمّة: 125.
  12. فرائد السمطين 178:1، ح 141.
  13. صحيح الترمذي 400:5، ح 3738.
  14. المصدر المتقدّم: 400، ح 3737.
  15. المصدر المتقدّم: 399، ح 3736.
  16. المصدر المتقدّم: 412، ح 3758.
  17. المصدر المتقدّم: 401، ح3742، ونحوه في إرشاد المفيد 38:1.
  18. إرشاد المفيد 32:1.
  19. صحيفة الإمام الرضا عليه السلام: 246، ح 157، طبع مدرسة الإمام المهدي (عج).
  20. المصدر المتقدّم: 111، ح 75.
  21. أمالي الصدوق - المجلس العشرون: ح 1.