احتجاج المأمون علي فضله بجهاده











احتجاج المأمون علي فضله بجهاده



ما وقع من الاحتجاج للمأمون علي الفقهاء: قال المأمون: يا إسحاق، ثمّ أي الأعمال کانت أفضل بعد السبق إلي الإسلام؟ قال إسحاق: قلت: الجهاد في سبيل اللَّه. قال: صدقت، فهل تجد لأحد من أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله ما تجد لعليّ عليه السلام في الجهاد؟ قلت: في أيّ وقت؟ قال: في أيّ الأوقات شئت. قلت: بدر. قال المأمون: لا اُريد غيرها، فهل تجد لأحد إلّا دون ما تجد لعليّ يوم بدر؟ أخبرني کم قتلي بدر؟ قلت: نيّف وستّون رجلاً من المشرکين. قال: فکم قتلي عليّ وحده؟ قلت: لا أدري. قال: ثلاثة وعشرين أو اثنين وعشرين، والأربعون لسائر النّاس.

قلت: يا أمير المؤمنين، کان أبوبکر مع رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في عريشه. قال: يصنع ماذا؟ قلت: يدبّر. قال: ويحک يدبّر دون رسول اللَّه، أو کان معه شريکاً، أم افتقاراً من رسول اللَّه صلي الله عليه و آله إلي رأيه، أيّ الثلاث أحبّ إليک؟

قلت: أعوذ باللَّه أن يدبّر أبو بکر دون رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، أو يکون معه شريکاً، أو أن يکون برسول اللَّه افتقار إلي رأيه. قال: فما الفضيلة بالعريش، إذا کان الأمر کذلک، أليس من ضرب بسيفه بين يدي رسول اللَّه أفضل ممّن هو جالس؟ قلت: يا أمير المؤمنين، کلّ الجيش کان مجاهداً. قال: صدقت، کلٌّ مجاهدٌ، ولکنّ الضارب بالسيف، المحامي عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وعن الجالس أفضل، أما قرأت کتاب اللَّه: «لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَي الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَکُلّاً وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَي وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَي الْقَاعِدِينَ أَجْرَاً عَظِيماً».[1] .

قلت: وکان أبو بکر وعمر مجاهدين. قال: فهل کان لأبي بکر وعمر فضل علي مَن لم يشهد ذلک المشهد؟ قلت: نعم. قال: فکذلک سبق الباذل نفسه فضل أبي بکر وعمر؟! قلت: أجل.[2] .







  1. سورة النساء: 95.
  2. العقد الفريد 95:5.