في الآيات الّتي نزلت في فضل جهاد عليّ











في الآيات الّتي نزلت في فضل جهاد عليّ



فقد ذکر ابن شهرآشوب الآيات الّتي نزلت في جهاد عليّ عليه السلام نذکر هنا بعين لفظه، فقال:

قوله تعالي: «يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْکُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ»[1] فجاهد النبيّ صلي الله عليه و آله الکفّار في حياته، وأمر عليّاً عليه السلام بجهاد المنافقين، قوله: «تقاتل الناکثين والقاسطين والمارقين»، وحديث خاصف النعل، وحديث کلاب الحوأب، وحديث تقتلک الفئة الباغية يا عمّار، وحديث ذي الثدية وغير ذلک، وهذا من صفات الخلفاء، ولا يعارض ذلک بقتال أهل الردّة؛ لأنّ النبيّ صلي الله عليه و آله کان أمر عليّاً بقتال هؤلاء بإجماع أهل الأثر، وحکم المسمّين أهل الردّة لا يخفي علي منصف.

واستدلّ أصحابنا بقوله تعالي: «لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَکُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَکِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَومِ الْآخِرِ وَالْمَلَائِکَةِ وَالْکِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَي الْمَالَ عَلَي حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَي وَالْيَتَامَي وَالْمَسَاکِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّائِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَي الزَّکَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولئِکَ الَّذِينَ صَدَقُوْا وَأُولئِکَ هُمُ الْمُتَّقُونَ».[2] إنّ المعنيّ بها أمير المؤمنين عليه السلام؛ لأنّه کان جامعاً لهذه الخصال بالاتّفاق، ولا قطع علي کون غيره جامعاً لها، ولهذا قال الزجّاج والفرّاء: کأنّها مخصوصة بالأنبياء والمرسلين.

و عن ابن عبّاس في قوله تعالي: «وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاواتِ وَالْأَرْضِ»[3] قال: أسلمت الملائکة في السماوات والمؤمنون في الأرض، وأوّلهم عليّ عليه السلام إسلاماً، ومع المشرکين قتالاً، وقاتل من بعده المقاتلين، ومن أسلم کرهاً.

و في تفسير عطاء الخراساني: عن ابن عبّاس، في قوله تعالي: «وَوَضَعْنَا عَنکَ وَزْرَکَ × الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَکَ»[4] أي قوّي ظهرک بعليّ بن أبي طالب عليه السلام.

و أبو معاوية الضرير، عن الأعمش، عن مجاهد، في قوله تعالي: «هُوَ الَّذِي أَيَّدَکَ بِنَصْرِهِ»[5] أي قوّاک بأمير المؤمنين، وجعفر، وحمزة، وعقيل، وقد روينا نحو ذلک عن الکلبي، عن أبي صال، عن أبي هريرة.

و کتاب أبي بکر الشيرازي، قال ابن عبّاس: «وَقُل رَّبِّ أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ وَاجْعَل لِي مِن لَدُنکَ سُلْطَاناً نَصِيراً»[6] قال: لقد استجاب اللَّه لنبيّه صلي الله عليه و آله دعاءه وأعطاه عليّ بن أبي طالب عليه السلام سلطاناً ينصره علي أعدائه.

و أبو المضاء صبيح مولي الرضا عليه السلام، عن الرضا، عن آبائه عليهم السلام في قوله: «إنّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا»[7] قال: منهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام. و قوله تعالي: «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً کَأَنَّهُم بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ»[8] وکان عليّ عليه السلام إذا صفّ في القتال کأنّه بنيان مرصوص، وما قتل المشرکين قتلَه أحد.

و قال سفيان الثوري: کان عليّ بن أبي طالب عليه السلام کالجبل بين المسلمين والمشرکين، أعزّ اللَّه به المسلمين، وأذلّ به المشرکين.

قال العوني في عليّ عليه السلام:


فلک النجاة وباب للجنان غدا
وملتجي وصراط غير ذي جنف[9] .


جنب عزيز يلوذ اللّائذون به
حبل متين قويّ محکم الطرف


ويقال: إنّه نزل فيه: «وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ هُوَ اجْتَبَاکُمْ».[10] .

و قال أبو جعفر وأبو عبداللَّه رحمه الله: «نزل قوله: «وَلَا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلَا ذِلَّةٌ»[11] في أمير المؤمنين عليه السلام».

وفي حديث جبير خطاباً لعليّ عليه السلام: «أنت أوّل مَن آمن بي، وأوّل مَن جاهد معي، وأوّل مَن ينشقّ عنه القبر»، وکان النبيّ صلي الله عليه و آله إذا خرج من بيته تبعه أحداث المشرکين يرمونه بالحجارة حتّي أدموا کعبه وعرقوبيه، وکان عليّ عليه السلام يحمل عليهم فينهزمون، فنزل: «کَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنفِرَةٌ × فَرَّتْ مِن قَسْوَرَةٍ»[12] إلي أن قال: وآية «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ کَمَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»[13] إلي آخره.[14] .







  1. سورة التوبة: 73.
  2. سورة البقرة: 177
  3. آل عمران: 83.
  4. سورة الشرح: 2 و 3.
  5. سورة الأنفال: 62.
  6. سورة الإسراء: 80.
  7. سورة غافر: 51.
  8. سورة الصفّ: 4.
  9. الجنف: الميل والعدول عن الشي ء.
  10. سورة الحجّ: 78.
  11. سورة يونس: 26.
  12. سورة المدّثّر: 50 و 51.
  13. سورة التوبة: 19، وقد ذکرنا هذه الآية في فصل: (عليّ وآية «أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ» الآية.
  14. راجع: المناقب لابن شهرآشوب 96 - 66: 2.