كلمة حول قوله: «إنّ أكرم الموت القتل»











کلمة حول قوله: «إنّ أکرم الموت القتل»



وقوله عليه السلام: «إنّ أکرم الموت القتل»[1] حيث إنّ القتل في سبيل اللَّه موجب للذکر الجميل في الدنيا، والأجر الجزيل في العقبي، فلا يجوز للبصير بالاُمور تفويت هذا النفع الکثير علي نفسه، والإقدام علي الموت حتف أنفه، کما قال الشاعر:


وإن تکن الأبدان للموت اُنشئت
فقتل امرئ واللَّه بالسيف أفضل


ولذا قال عليه السلام: «والّذي نفسُ ابن أبي طالب بيده، لألف ضربةٍ بالسيفِ أهونُ عَلَيَّ مِن ميتةٍ علي الفراشِ في غيرِ طاعةِ اللَّه».[2] ولا شکّ أنّ حلفه علي ذلک لفرط محبّته في اللَّه، ومنتهي شوقه إلي اللَّه تعالي، وغاية رغبته في ابتغاء مرضاة اللَّه، وهو في أعلي مراتب الفناء في اللَّه، والبقاء باللَّه، فارغاً عن نفسه في جنب مولاه، ومع ذلک الحال لا تأثير فيه لضربات السيوف وطعنات الرماح أبداً، کما سئل أبوالحسن الرضا عن قول عليّ عليه السلام: «لألف ضربة بالسيف أهون عليَّ من ميتة علي الفراش»، فقال عليه السلام: «في سبيل اللَّه».[3] .

والشاهد علي ذلک ما رواه غير واحد من أنّه عليه السلام قد أصابت رجله الشريفة نشابة في غزوة صفّين، ولم يطق الجرّاحون إخراجها من رجله لاستحکامها فيها، فلمّا قام إلي الصلاة أخرجوها حين کونه في السجدة، فلمّا فرغ من الصلاة علم عليه السلام بإخراجها وحلف عليه السلام أنّه لم يحسّ ذلک أصلاً.[4] .

والعجب من الشارح المعتزلي أنّه حمل قوله عليه السلام: «لألف ضربة بالسيف أهون علَيّ من ميتة علي الفراش» علي المبالغة والتجوّز ترغيباً لأصحابه في الجهاد، وفيه ما فيه، فکما ذکرنا أنّ حلفه علي الحقيقة البتّة؛ إذ الضربة في سبيل اللَّه لمثل عليّ بن أبي طالب عليه السلام العالم بالاُمور أسهل وأهون له من ميتة علي الفراش، وعلي هذا: لمّا جرح في غزوة اُحد وعاده رسول اللَّه صلي الله عليه و آله بکي عليه السلام لأنّه لم يستشهد في اُحد وعاش بعدها[5] وحين ضربه ابن ملجم، قال: «فزت وربّ الکعبة»[6] وبذلک اندفع إيراد ابن أبي الحديد المعتزلي قطعاً.







  1. نهج البلاغة: الخطبة 123.
  2. نهج البلاغة: الخطبة 123.
  3. وسائل الشيعة 11:11.
  4. شرح نهج البلاغة للعلّامة الخوئي 152:8.
  5. انظر الاختصاص: 158، والبحار 26:36.
  6. تاريخ دمشق - ترجمة الإمام عليّ عليه السلام 303:3، ح 1402.