كان جهاده خالصاً لوجه اللَّه











کان جهاده خالصاً لوجه اللَّه



ممّا لا شکّ فيه أنّ جهاد عليّ عليه السلام کان يهدف إلي تقوية دين اللَّه ورفع کلمة الإسلام، وتتّضح هذه الحقيقة جليّة في جملة الحروب الّتي خاضها دون أدني وازع من خوف ودون أدني تردّد أو انسحاب، فما عرف غير الإقدام قطّ، وهذا خير دليل علي إخلاص نيّته عليه السلام للَّه جلّ وعلا، فنلاحظ حتّي في وقت المحنة لا ينفکّ مخلصاً للَّه، ففي حرب الأحزاب وحين أراد أن يحزّ رأس النفاق والشرک (عمرو بن عبد ودّ) بصق اللعين بوجهه المقدّس، وإذا بالإمام عليه السلام يمتنع هنيئة عن قتله حتّي يخمد غضبه ثمّ يقتله، وعندما سئل عن ذلک أجاب: ما أردت أن أقتله غضباً لنفسي، إنّما أردت أن أقتله غضباً للَّه.

ومن ذلک يتّضح أنّه عليه السلام لم يقم بأيّ عمل إلّا أن يکون للَّه فيه رضي.

قال ابن شهرآشوب: وقد اجتمعت الاُمّة علي أنّ عليّاً کان المجاهد في سبيل اللَّه وکاشف الکروب عن وجه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، المقدّم في سائر الغزوات إذا لم يحضر النبيّ صلي الله عليه و آله، وإذا حضر فهو تاليه وصاحب الراية واللواء معاً، وما کان قطّ تحت لواء جماعة أحدٍ ولا فرّ من زحف.[1] .

1- في (المناقب لابن شهرآشوب) عن (فضائل الصحابة للعکبري): عن ابن عبّاس، قال: رأيت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يوم فتح مکّة متعلّقاً بأستار الکعبة، وهو يقول: «اللهمّ ابعث إليَّ من بني عمّي مَن يعضدني»، فهبط عليه جبرئيل کالمغضب، فقال: يا محمّد، قد أيّدک اللَّه بسيف من سيوف اللَّه، مجرّد علي أعداء اللَّه - يعني بذلک عليّ بن أبي طالب عليه السلام -.[2] .

فعليّ سيف من سيوف اللَّه، ولا شکّ أنّه لا يتّصف أحدٌ بهذه الصفة إلّا إذا کان جهاده في سبيل اللَّه.

2- قال سفيان الثوري: کان عليّ بن أبي طالب کالجبل بين المسلمين والمشرکين، أعزّ اللَّه به المسلمين، وأذلّ به المشرکين.[3] .

3- وفي (شرح نهج البلاغة): قال الحسن بن عليّ عليه السلام في خطبة له لمّا قبض أبوه: «لقد فارقکم في هذه الليلة رجل لم يسبقه الأوّلون، ولا يدرکه الآخرون، کان يبعثه رسول اللَّه صلي الله عليه و آله للحرب وجبرئيل علي يمينه وميکائيل عن يساره».[4] .







  1. المناقب لابن شهرآشوب 66:2.
  2. المصدر المتقدّم: 67.
  3. المصدر المتقدّم: 68.
  4. شرح ابن أبي الحديد 219:7.