نبذة من أخبار النظر











نبذة من أخبار النظر



1- في (البحار) عن (أمالي الشيخ): عن حجر المذري، قال: قدمت مکّة وبها أبو ذرّ جندب بن جنادة، وقدم في ذلک العام عمر بن الخطّاب حاجّاً ومعه طائفة من المهاجرين والأنصار، فيهم عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فبينا أنا في المسجد مع أبي ذرّ جالس إذ مرّ بنا عليّ عليه السلام ووقف يصلّي بإزائنا، فرماه أبو ذرّ ببصره فقلت: رحمک اللَّه يا أبا ذرّ، إنّک لتنظر إلي عليّ عليه السلام فما تقلع عنه؟ قال: إنّي أفعل ذلک، فقد سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «النظر إلي عليّ بن أبي طالب عليه السلام عبادة، والنظر إلي الوالدين برأفة ورحمة عبادة، والنظر في الصحيفة - يعني صحيفة القرآن - عبادة، والنظر إلي الکعبة عبادة».[1] .

2- وفيه أيضاً: عن (الإبانة لابن بطة): عن أبي صالح، عن أبي هريرة، قال: رأيت معاذاً يديم النظر إلي وجه عليّ عليه السلام فقلت له: إنّک تديم النظر إليه کأنّک لم تره؟! فقال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «النظر إلي وجه عليّ بن أبي طالب عبادة».

3- وفيه أيضاً عن عمّار ومعاذ وعائشة عن النبيّ صلي الله عليه و آله انّه قال: «النظر إلي عليّ بن أبي طالب عبادة، وذکره عبادة، ولا يقبل إيمان عبد إلّا بولايته والبراءة من أعدائه».[2] .

4- و عن أخطب الخوارزم عن عائشة، قالت: کان أبو بکر يُديم النظر إلي عليّ عليه السلام فقيل له في ذلک؟ فقال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «النظر إلي عليّ عبادة».[3] .

5- وفي (البحار): عن أبي هريرة: أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله جاءه رجل، فقال: يا رسول اللَّه، أما رأيت فلاناً رکب البحر[4] ببضاعة يسيرة وخرج إلي الصين فأسرع الکرّة[5] وأعظم الغنيمة حتّي قد حسده أهل ودّه وأوسع قراباته وجيرانه؟

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إنّ مال الدنيا کلّما ازداد کثرة وعظماً ازداد صاحبه بلاءً، فلا تغتبطوا أصحاب الأموال إلّا بمن جاد بماله في سبيل اللَّه، ولکن ألا اُخبرکم بمن هو أقلّ من صاحبکم بضاعة، وأسرع منه کرّة، وأعظم منه غنيمة، وما اُعدّ له من الخيرات محفوظ له في خزائن عرش الرحمن؟». قالوا: بلي، يا رسول اللَّه. فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «انظروا إلي هذا المقبل إليکم»، فنظرنا فإذا رجل من الأنصار رثّ الهيئة، فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إنّ هذا لقد صعد له في هذا اليوم إلي العلوّ من الخيرات والطاعات ما لو قسّم علي جميع أهل السماوات والأرض لکان نصيب أقلّهم منه غفران ذنوبه ووجوب الجنّة له».

قالوا: بماذا، يا رسول اللَّه؟ فقال: «سلوه يخبرکم عمّا صنع في هذا اليوم». فأقبل عليه أصحاب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله وقالوا: له هنيئاً لک ما بشّرک به رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، فماذا صنعت في يومک هذا حتّي کتب لک ما کتب؟

فقال الرجل: ما أعلم أنّي صنعت شيئاً غير أنّي خرجت من بيتي وأردت حاجة کنت أبطأت عنها، فخشيت أن تکون فاتتني، فقلت في نفسي: لاعتاضنّ منها النظر إلي وجه عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فقد سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: «النظر إلي وجه عليّ عبادة».

فقال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «إي واللَّه عبادة، وأيّ عبادة، إنّک يا عبد اللَّه ذهبت تبتغي أن تکتسب ديناراً لقوت عيالک، ففاتک ذلک فاعتضت منه النظر إلي وجه عليّ، وأنت له محبّ، ولفضله معتقد، وذلک خير لک من أن لو کانت الدنيا کلّها لک ذهبة حمراء فأنفقتها في سبيل اللَّه، ولتشفعنّ بعدد کلّ نفس تنفّسته في مصيرک إليه في ألف رقبة يعتقهم اللَّه من النّار بشفاعتک».[6] .

ولا يخفي أنّنا نحن في وقتنا هذا محرومون من هذا الفيض العظيم، أعني النظر إلي وجهه الشريف المبارک، بل نصيبنا اليوم زيارة مضجعه المقدّس في النجف الأشرف: «اللّهمّ ارزقنا في الدنيا زيارتهم، وفي الآخرة شفاعتهم»، ولکنّ هذه الأخبار المأثورة تنبّهنا إلي أنّ مَثَلَ عليّ بن أبي طالب عليه السلام مَثَلُ القرآن والکعبة؛ إذ في الحديث الشريف عن رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «النظر إلي عليّ بن أبي طالب عبادة، والنظر في القرآن عبادة، والنظر إلي الکعبة عبادة».[7] .

ولا يصل إلي هذا المقام بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله غير عليّ عليه السلام، فهل يجوز أن يکون وصيّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وخليفته ووارثه غير عليّ عليه السلام؟!







  1. البحار 196:38.
  2. المصدر المتقدّم: 198.
  3. المناقب للخوارزمي: 261.
  4. أي سافر من طريق البحر للتجارة.
  5. الکرّة: الرجعة.
  6. البحار 197:38.
  7. المصدر المتقدّم: 196.