في معني الذِّكر











في معني الذِّکر



الذِّکر ربّما قابل الغفلة، وربّما قابل النسيان[1] وللذکر خواصّ وآثار تترتّب عليه، ومن الآثار المترتّبة علي الذِّکر هو التذکّر بالقول واللسان، يعني أنّ من يذکر شيئاً بلسانه فهو من آثار الذِّکر القلبي وعدم الغفلة، وعدم نسيانه، فإطلاق الذِّکر علي التذکّر بالقول واللسان من باب استعمال اللفظ في فوائد المعني، ثمّ کثر استعماله في التذکّر بالقول واللسان حتّي صار هو السابق إلي الفهم.

ولا يخفي أنّ للذکر مراتب عالية ودانية، فقوله تعالي: «أَلَا بِذِکْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ»[2] المرتبة العالية للذکر في القلب، ومن مراتب الذِّکر قوله تعالي: «فَاذْکُرُوا اللَّهَ کَذِکْرِکُمْ آبَاءَکُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِکْراً»[3] وقوله تعالي: «وَاذْکُر رَّبَّکَ إِذَا نَسِيتَ...».[4] .

وعلي هذا فقوله صلي الله عليه و آله: «ذکر عليّ عبادة»[5] وهو توجّه القلب إلي عليّ عليه السلام وعدم الغفلة عن صراطه وطريقه؛ لأنّ صراطه هو صراط اللَّه، وصراط اللَّه هو الصراط المستقيم، ومن تنبّه وتوجّه إلي صراطه دائماً سار بسيرته، وصار من شيعته، فهذا الذِّکر عبادة حقّاً، کما ورد في بعض الأخبار «ذکر فضائله عبادة».[6] .

وقول من قال: ذکر عليّ عليه السلام باللسان عبادة، ولو مع خلوّ القلب عنه؛ لأنّه يمنعه من التکلّم باللغو، ويجعل لسانه معتاداً بالخير، وهو إذا کان مجرّد لقلقة لسان بلا توجّه القلب فلا ثمرة له، بل هو نوع من الاستهزاء والسخرية، فيکون هذا الذاکر کاللاهي، ولا أثر في ذکره عليّاً عليه السلام ما لم يَسِر علي صراطه عليه السلام.

نعم، لو کان ذکره عليه السلام باللسان ابتداءً، ثمّ صار سبباً لتوجّه القلب وحضور النفس والتنبّه إلي صراطه، وبعدها يصبح دافعاً للالتزام بسيرته فهو عبادة قطعاً ولا نزاع في ذلک؛ ولذا ورد في بعض الأخبار أنّ ذکر اللَّه ولاية عليّ عليه السلام[7] وفي بعض الأخبار قرن ذکر عليّ عليه السلام بذکر اللَّه وذکر الرسول وذکر القرآن وذکر سائر الأئمّة المعصومين عليهم السلام.[8] .







  1. الغفلة: هي انتفاء العلم بالعلم مع وجود أصل العلم، والذِّکر خلافه وهو العلم بالعلم، ومنه قوله تعالي: «و لا تُطِع من أَغفلنا قَلبه عن ذِکرَنا» الکهف: 28. و النسيان: هو زوال صورة العلم عن خزانة الذهن فالذکر خلافه، و منه قوله تعالي: «وَاذْکُر رَّبَّکَ إِذَا نَسِيتَ» سورة الکهف: 24، الميزان 343: 1.
  2. سورة الرعد: 28.
  3. سورة البقرة: 200.
  4. سورة الکهف: 24.
  5. البحار 199:38.
  6. البحار 196:38.
  7. تفسير عليّ بن إبراهيم القمّي 390:2.
  8. البحار 371:36.