وإليك بعض الأخبار الّتي توضّح ما قلنا











وإليک بعض الأخبار الّتي توضّح ما قلنا



و في (البحار) عن (علل الشرائع): بإسناده عن المفضّل بن عمر، قال: قلت لأبي عبداللَّه جعفر بن محمّد الصادق عليهماالسلام: لِمَ صار أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام قسيم الجنّة والنّار؟ قال: «لأنّ حبّه إيمان، وبغضه کفر، وإنّما خلقت الجنّة لأهل الإيمان، وخلقت النّار لأهل الکفر، فهو قسيم الجنّة والنّار لهذه العلّة، فالجنّة لا يدخلها إلّا أهل محبّته، والنّار لا يدخلها إلّا أهل بغضه».

قال المفضّل: فقلت: يابن رسول اللَّه، فالأنبياء والأوصياء عليهم السلام کانوا يحبّونه، وأعداؤه کانوا يبغضونه؟ قال: «نعم».

قلت: فکيف ذلک؟ قال: «أما علمت أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال يوم خيبر: لأعطينّ الراية غداً رجلاً يحبّ اللَّه ورسوله، ويحبّه اللَّه ورسوله، ما يرجع حتّي يفتح اللَّه علي يديه، فدفع الراية إلي عليّ عليه السلام، ففتح اللَّه عزّ وجلّ علي يديه؟». قلت: بلي.

قال: «أما علمت أنّ رسول اللَّه صلي الله عليه و آله لمّا اُتي بالطائر المشوي قال: اللّهمّ ائتني بأحبّ خلقک إليک وإليَّ يأکل معي من هذا الطائر، وعني به عليّاً عليه السلام؟». قلت: بلي.

قال: «فهل يجوز أن لا يحبّ أنبياء اللَّه ورسله وأوصياؤهم رجلاً يحبّه اللَّه ورسوله، ويحبّ اللَّه ورسوله؟!». فقلت له: لا.

قال: «فهل يجوز أن يکون المؤمنون من اُممهم لا يحبّون حبيب اللَّه وحبيب رسوله وأنبيائه عليهم السلام؟». قلت: لا.

قال: «فقد ثبت أنّ جميع أنبياء اللَّه ورسوله وجميع الملائکة کانوا لعليّ بن أبي طالب عليه السلام محبّين، وثبت أنّ أعدائهم والمخالفين لهم کانوا ولجميع أهل محبّتهم مبغضين». قلت: نعم.

قال: «فلا يدخل الجنّة إلّا مَن أحبّه من الأوّلين والآخرين، ولا يدخل النّار إلّا مَن أبغضه من الأوّلين والآخرين، فهو إذن قسيم الجنّة والنّار»، الحديث.[1] .

وفيه أيضاً: عن (عيون أخبار الرضا عليه السلام): بإسناده عن أبي الصلت الهروي، قال: قال المأمون يوماً للرضا عليه السلام: يا أبا الحسن، أخبرني عن جدّک أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، بأيّ وجه هو قسيم الجنّة والنّار، وبأي معني، فقد کثر فکري في ذلک؟

فقال له الرضا عليه السلام: «يا أمير المؤمنين، ألم ترو عن أبيک، عن آبائه، عن عبداللَّه بن عبّاس أنّه قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: حبّ عليّ إيمان، وبغضه کفر؟». فقال: بلي. فقال الرضا عليه السلام: «فقسمة الجنّة والنّار إذن کانت علي حبّه وبغضه، فهو قسيم الجنّة والنّار».

فقال المأمون: لا أبقاني اللَّه بعدک يا أبا الحسن، أشهد أنّک وارث علم رسول اللَّه صلي الله عليه و آله.

قال أبو الصلت الهروي: فلمّا انصرف الرضا عليه السلام إلي منزله أتيته، فقلت له: يابن رسول اللَّه، ما أحسن ما أجبت به أمير المؤمنين؟

فقال لي الرضا عليه السلام: «إنّما کلّمته من حيث هو، ولقد سمعت أبي يحدّث عن آبائه، عن عليّ عليه السلام أنّه قال: قال لي رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: يا عليّ، أنت قسيم الجنّة والنّار يوم القيامة، تقول للنّار: هذا لي، وهذا لک».[2] .







  1. البحار 194:39.
  2. المصدر المتقدّم 193:39، وروي القندوزي في (ينابيع المودّة) ص85 عن (العيون)، نحوه.