كلمة مختصرة حول أوضاع الروح الإنسانيّة في القيامة











کلمة مختصرة حول أوضاع الروح الإنسانيّة في القيامة



إنّ نظام الحياة الفرديّة يوم القيامة يکون علي عکس الحياة الماديّة في الدنيا، فإنّ کلّ إنسان يتلقّي في القيامة نتائج أعماله وجزاءها وهو رهين ما قدّم من أعمال کما قال اللَّه تعالي: «کُلُّ امْرِئٍ بِمَا کَسَبَ رَهِينٌ».[1] وفي الحديث: «الدنيا مزرعة الآخرة»، إلّا فئة من النّاس لا يکونون رهن شي ء، واُلوئک هم أصحاب اليمين کما يعبّر عنهم بذلک في القرآن: «کُلُّ نَفْسٍ بِمَا کَسَبَتْ رَهِينَةٌ × إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ».[2] .

إنّ الأحرار الّذين يفعلون ما يشاءون في الدنيا معذّبون في الآخرة، والطلقاء اليوم مقيّدون غداً، إلّا أصحاب اليمين، فإنّهم ينعمون بسرور خاصّ.

وينبغي الالتفات إلي أنّه بغضّ النظر عن الجنّة، وما اُعدّ فيها من النِّعم للمؤمنين، والنّار وما فيها من أنواع العذاب الّذي ينتظر المجرمين، فإنّه توجد في القيامة أنوار وسعادات هي عين وجود الإنسان المؤمن، وسلسلة من الظلمات وأنواع العذاب هي عين وجود الإنسان الکافر الضالّ. يقول القرآن الکريم في المؤمنين: «يَوْمَ تَرَي الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَي نُورُهُم بَيْنَ أَيْدِيهِمْ»[3] ويقول في موضع آخر: «فَأَمَّا إِن کَانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ × فَرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّتُ نَعِيمٍ»[4] وعلي عکس ذلک فإنّه يصف الکافرين بأنّهم حطب جهنّم ووقودها، فيقول: «فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ»[5] ويقول في موضع آخر: «وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَکَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً».[6] .

وإذا عرفنا درجات عليّ بن أبي طالب عليه السلام ومراتبه السامية، فهو نفس النبيّ وأخوه ووصيّه وخليفته بلا فصل، وهو الّذي کان نوراً بکلّ وجوده في الدنيا، وهو الطاهر العدل الّذي کان يضحّي بنفسه في سبيل الإسلام، وفيه نزلت: «وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ»[7] وهو مظهر الصفات الحميدة للَّه تبارک وتعالي، وهو قدوة الإنسانيّة ونموذج الإنسان الکامل بعد رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وکان يتبع أثر رسول اللَّه خطوة بعد خطوة، ولا يحيد عنه أبداً... إذا عرفنا ذلک فإنّه سيُمْنَح في القيامة أعلي الدرجات، ويتحلّي بأجمل صفات الأنبياء والمقرّبين.

وإذا لاحظنا الأخبار والروايات الواردة عن النبيّ الأکرم صلي الله عليه و آله والموجودة في کتب الفريقين، والّتي تشير إلي عظمة عليّ عليه السلام وجلاله في يوم القيامة، عرفنا مدي تلک العظمة والجلال، ونحن نذکر بعضاً منها فيما يلي:







  1. سورة الطور: 21.
  2. سورة المدّثر: 38 و 39.
  3. سورة الحديد: 12.
  4. سورة القيامة: 88 و 89.
  5. سورة البقرة: 24.
  6. سورة الجنّ: 25.
  7. سورة البقرة: 207.