حضوره المثالي في جنب رسول اللَّه











حضوره المثالي في جنب رسول اللَّه



لا شکّ أنّ حضور عليّ عليه السلام إلي جنب رسول اللَّه صلي الله عليه و آله في المعراج دليل واضح علي عظمته عليه السلام، وأنّ له منزلة عظيمة بعد نبيّ الإسلام الأکرم، وأنّه سيکون الوارث والخليفة الوحيد للنبيّ صلي الله عليه و آله.

وهنا لا بدّ أن نوضّح أنّ جسم عليّ عليه السلام کان في الأرض لا في السماوات، بل أنّ مثال عليّ ونوره قد خلق بأمر اللَّه تعالي، وکان علي هيئة عليّ عليه السلام وذلک ليبيّن عظمة عليّ عليه السلام، ولتظهر تلک العظمة لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله في ليلة المعراج بل لجميع الملائکة والنّاس أجمعين.

وردت بهذا المضمون روايات، نذکرها:

في (البحار) عن (کفاية الطالب) للحافظ الشافعي، عن أنس بن مالک، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «مررت ليلة اُسري بي إلي السماء وإذا أنا بملک جالس علي منبر من نور والملائکة تحدق به، فقلت: يا جبرئيل، من هذا الملک؟ فقال: ادن منه، فدنوت منه، فإذا أنا بأخي وابن عمّي عليّ بن أبي طالب عليه السلام. فقلت: يا جبرئيل، سبقني عليّ بن أبي طالب إلي السماء الرابعة؟ فقال: لا يا محمّد، ولکنّ الملائکة شکت حبّها لعليّ، فخلق اللَّه هذا الملک من نور عليّ وصورة عليّ، فالملائکة تزوره في کلّ ليلة جمعة سبعين مرّة، ويسبّحون اللَّه تعالي ويقدّسونه ويهدون ثوابه لمحبّ عليّ.[1] .

وفي (عيون أخبار الرضا): بسنده عن موسي بن جعفر، عن آبائه، عن عليّ عليهم السلام، قال: «سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول: ليلة اُسري بي عزّ وجلّ رأيتُ في بطنان العرش ملکاً بيده سيف من نور يلعبُ به، کما يلعبُ عليّ بن أبي طالب بذي الفقار، وأنّ الملائکة إذا اشتاقوا إلي وجه عليّ بن أبي طالب نظروا إلي وجه ذلک الملک. فقلت: يا ربّ، هذا أخي عليّ بن أبي طالب وابن عمّي؟ فقال: يا محمّد، هذا ملکٌ خلقتُه علي صورة عليّ عليه السلام يعبدني في بطنان عرشي تکتب حسناتُه وتسبيحه وتقديسه لعليّ بن أبي طالب إلي يوم القيامة».[2] .

و روي عليّ بن ابراهيم القمي عن أبي بردة الأسلمي، قال: سمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول لعليّ: «يا عليّ، إنّ اللَّه أشهدک معي في سبعة مواطن: أمّا أوّل ذلک فليلة اُسري بي إلي السماء، قال لي جبرئيل: أين أخوک؟ قلت: خلّفته ورائي، قال: ادع اللَّه فليأتک به، فدعوت وإذاً مثالک معي، وإذا الملائکة وقوف صفوف. فقلت: يا جبرئيل، من هؤلاء؟ قال: هم الّذين يباهيهم اللَّه بک يوم القيامة، فدنوت فنطقت بما کان وبما يکون إلي يوم القيامة» الحديث.[3] .

وفي (البحار): عن قتادة، عن أنس، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لمّا عرج بي إلي السماء دنوت[4] من ربّي عزّ وجلّ حتّي کان بيني وبينه قاب قوسين أو أدني، فقال: يا محمّد، من تحبّ من الخلق؟ قلت: يا ربّ، عليّاً، قال: التفت يا محمّد، فالتفتّ عن يساري فإذا عليّ بن أبي طالب.[5] [6] .

و روي العلامة التستري عن ابن أبي فارس في الأربعين، عن الحسين بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام يرفعون الحديث ا لي سعد بن عبادة، قال: قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «لمّا عرج بي إلي السماء فکنت من ربّي کقاب قوسين أو أدني، إذ سمعت النداء من قِبل اللَّه تعالي: يا محمّد، مَن تحبّ أن يکون معک في الأرض؟

فقلت: اُحبّ من يحبّه العزيز الجبّار، ويأمر بمحبّته، فسمعت النداء من قِبل اللَّه تعالي يقول: يا محمّد، أحبّ عليّاً، فإنّي اُحبّه واُحبّ مَن يحبّه».

قال: «فبکي جبرئيل عليه السلام حتّي علا نحيبه، وقال: والّذي بعثک بالحقّ نبيّاً، لو أنّ أهل الأرض يحبّون عليّاً کما تحبّه أهل السماء ما خلق اللَّه النّار يعذّب بها أحداً من عباده، والسلام.[7] .







  1. البحار 386:18.
  2. عيون أخبار الرضا عليه السلام 130:2، الباب 35، ح 15.
  3. تفسير القمّي 335:2، والبحار 405:18.
  4. الدنوّ: هو الدنوّ المعنوي، وهو عروجه صلي الله عليه و آله إلي الملکوت الأعلي وإلي مقام المصطفين الأخيار.
  5. حضوره عليه السلام عند رسول اللَّه في المقام الأعلي حضور مثالي، کما مرّ.
  6. البحار 406:18.
  7. الإحقاق 152:7.