اعانة الملائكة عليّاً علي تغسيل رسول اللَّه











اعانة الملائکة عليّاً علي تغسيل رسول اللَّه



1- في (البحار) عن کتاب (الطرف) للسيّد عليّ بن طاووس، وکتاب (إيضاح الأنوار): بإسنادهما إلي کتاب (الوصيّة) لعيسي الضرير، عن موسي بن جعفر عليه السلام، قال: «قال لي أبي: قال عليّ عليه السلام: لمّا قرأت صحيفة وصيّة رسول اللَّه صلي الله عليه و آله فإذا فيها: يا عليّ، غسّلني ولا يغسّلني غيرک.

قال: فقلت لرسول اللَّه صلي الله عليه و آله: بأبي أنت واُمّي، أنا أقوي علي غسلک وحدي؟ قال: بذا أمرني جبرئيل، وبذلک أمره اللَّه تبارک وتعالي.

قال: فقلت له: فإن لم أقوَ علي غسلک وحدي فاستعن بغيري يکون معي؟ فقال جبرئيل: يا محمّد، قل لعليّ عليه السلام: إنّ ربّک يأمرک أن تغسّل ابن عمّک، فإنّها السنّة، لا يغسّل الأنبياء غير الأوصياء، وإنّما يُغسّل نبيّ وصيّه من بعده، وهي من حجج اللَّه لمحمّد علي اُمّته فيها أجمعوا عليه من قطيعة ما أمرهم به، واعلم - يا عليّ - أنّ لک علي غسلي أعواناً، نِعم الأعوان والإخوان. قال عليّ عليه السلام: فقلت: يا رسول اللَّه، مَن هم، بأبي أنت واُمّي؟

فقال: جبرئيل وميکائيل وإسرافيل وملک الموت وإسماعيل صاحب الدنيا أعوان لک.[1] .

قال عليّ عليه السلام: فخررت للَّه ساجداً، وقلت: الحمد للَّه الّذي جعل لي إخواناً وأعواناً هم اُمناء اللَّه.

ثمّ قال رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: أمسک هذه الصحيفة الّتي کتبها القوم وشرطوا فيها الشروط علي قطيعتک، وذهاب حقّک، وما قد أزمعوا عليه من الظلم تکون عندک لتوافيني بها غداً وتحاجّهم بها.

فقال عليّ عليه السلام: غسلت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أنا وحدي، وهو في قميصه، فذهبت أنزع عنه القميص، فقال جبرئيل: يا عليّ، لا تجرّد أخاک من قميصه، فإنّ اللَّه لم يجرّده، وتأيّد في الغسل، فأنا اُشارکک في ابن عمّک بأمر اللَّه، فغسّلته بالروح والريحان والرحمة والملائکة الکرام الأبرار الأخيار، تبشّرني[2] وتمسک واُکلّم ساعة بعد ساعة، ولا اُقلّب منه إلّا قلّب لي، فلمّا فرغت من غسله وکفنه وضعته علي سريره وخرجت کما اُمرتُ، فاجتمع له من الملائکة ما سدّ الخافقين، فصلّي عليه ربّه والملائکة الکرام المقرّبون، وحملة عرشه الکريم، وما سبّح للَّه ربّ العالمين، وأنفذت جميع ما اُمرت.

ثمّ واريته في قبره، فسمعت صارخاً يصرخ من خلفي: يا آل تيم، ويا آل عدي، ويا آل اُميّة، أنتم أئمّة تدعون إلي النّار، ويوم القيامة لا تنصرون، اصبروا آل محمّد تؤجروا، ولا تجزعوا فتوزروا «مَن کَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَن کَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُوْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِن نَصِيبٍ».[3] [4] .

وفي رواية سليم بن قيس الهلالي، عن سلمان الفارسي أنّه قال: فأتيت عليّاً عليه السلام وهو يغسل رسول اللَّه صلي الله عليه و آله، وقد کان رسول اللَّه صلي الله عليه و آله أوصي عليّاً عليه السلام أن لا يلي غسله غيره، فقال: «يا رسول اللَّه، من يعينني علي ذلک؟». فقال صلي الله عليه و آله: «جبرئيل»، فکان عليّ عليه السلام لا يريد عضواً إلّا قُلِّبَ له.

ثمّ قال سلمان: فلمّا غسله وحنّطه وکفّنه أدخلني وأدخل أبا ذرّ والمقداد وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام، فتقدّم عليّ عليه السلام وصّفنا خلفه، وصلّي عليه، وعائشة في الحجرة لا تعلم، قد أخذ اللَّه ببصرها.

ثمّ أدخل عشرة من المهاجرين وعشرة من الأنصار، فکانوا يدخلون ويدعون ويخرجون حتّي لم يبق أحد شهد من المهاجرين والأنصار إلّا صلّي عليه.[5] .

وروي ابن سعد في الطبقات الکبري بسنده عن يزيد بن بلال، قال: قال عليّ عليه السلام: «اُوصي النبيّ صلي الله عليه و آله ألّا يغسله أحدٌ غيري، فإنّه لا يري أحدٌ عورتي إلّا طُمِسَت عيناه». قال عليّ عليه السلام: «فکان الفضل واُسامة يناولاني الماءَ من وراء الستر وهما معصوبان العين». قال عليّ عليه السلام: «فما تناولتُ عضواً إلّا کأنّما يقلِّبه معي ثلاثون رجلاً، حتّي فرغت من غسله».[6] .

وفي (المناقب) عن (حلية الأولياء) و (تاريخ الطبري): أنّ عليّ بن أبي طالب کان يغسل النبيّ صلي الله عليه و آله، والفضل يصبّ الماء عليه، وجبرئيل يعينهما، وکان عليّ عليه السلام يقول: «ما أطيبک حيّاً وميّتاً».[7] .







  1. لا يخفي أنّه لا تهافت بين هذه الأخبار وما دلّ علي حضور الفضل بن عبّاس وغيره للتجهيز؛ لأنّ الملائکة أعوان لعليّ عليه السلام في تجهيزه صلي الله عليه و آله في المقام المعنوي، ولتقوية روحه عليه السلام بخلاف ابن عبّاس وغيره، فإنّهم يعينوه علي حسب الظاهر، واللَّه العالم.
  2. في نسخة: «تشير لي».
  3. سورة الشوري: 20.
  4. البحار 546:22.
  5. کتاب سليم بن قيس: 29، ط. مؤسّسة البعثة، والبحار 506:22.
  6. الطبقات الکبري 278:2.
  7. المناقب لابن شهرآشوب 238:1، والبحار 523:22.