محبّ عليّ لا يُعذّب بالنّار











محبّ عليّ لا يُعذّب بالنّار



يستفاد من مطاوي روايات هذا الباب أنّ حبّ عليّ وأولاده المعصومين عليهم السلام کما ينفع في الدنيا في المسير الي صراط مستقيم ينفع أيضاً في الآخرة مَن کان هذا الحبّ ثابتاً في قلبه، حتّي وإن کان عاصياً، فبه يتّقي النّار ولا يمسّه العذاب الأليم يوم القيامة.

وکون مثل هؤلاء الأفراد من الناجين هناک احتمالان:

الأوّل: أن يتدبّروا أمرهم من خلال هذه المحبّة لعليّ وأهل بيته عليهم السلام، فيهتدون إلي طريق الإسلام شيئاً فشيئاً، ويسلمون أخيراً، فيسلکوا سبيل الحقّ ببرکة حبّ أهل بيت محمّد صلي الله عليه و آله، وبذلک ينجون من شقاء الشرک والضلالة وظلماتها، ويستفاد هذا المعني من بعض الروايات، فعن حنّان بن سدير، عن الباقر عليه السلام، قال: «ما ثبّت اللَّه حبّ عليّ في قلب أحدٍ فزلّت له قدم، إلّا ثبّتها اللَّه وثبّت له قدم اُخري».[1] .

والثاني: طبقاً لمضمون بعض الروايات، فإنّ أمثال هؤلاء وإن کانوا يفارقون الدنيا عصاةً أو کفّاراً إلّا أنّ اللَّه سبحانه يخفّف عنهم العذاب، وإن لم يکونوا من أصحاب الجنّة، ففي (البحار): عن ابن عبّاس، قال: کان يهوديّ يحبّ عليّاً عليه السلام حبّاً شديداً، فمات ولم يسلم. قال ابن عبّاس: فيقول الجبّار تبارک وتعالي: أمّا جنّتي فليس له فيها نصيب، ولکن يا نار لا تهيديه، أي لا تزعجيه.[2] .

ويؤيّد ما قلنا بعض الأخبار الّتي وردت بهذا المضمون فنشير إليها:

روي المجلسي عن (فضائل أحمد) و (فردوس الديلمي): قال عمر بن الخطّاب: قال النبيّ صلي الله عليه و آله: «حبّ عليّ براءة من النّار»، وأنشد:


حبّ عليّ جنّة للوري
أحطط به يا ربّ أوزاري


لو أنّ ذمّيّاً نوي حُبّه
حصّن في النّار من النّار[3] .


ويستفاد من الحديث التالي أنّ حبّ عليّ عليه السلام باللسان يفيد للمحبّ.

و عنه أيضاً عن (روضة الواعظين): في خبر أنّ النبيّ صلي الله عليه و آله قال يوماً لأصحابه: «أيّکم يصوم الدهر، ويحيي الليل، ويختم القرآن؟»، فقال سلمان: أنا يا رسول اللَّه، قال: فغضب بعضهم، وقال: إنّ سلمان رجل من الفرس يريد أن يفتخر علينا - معاشر قريش - وهو يکذب في جميع ذلک، فقال النبيّ صلي الله عليه و آله: «مه - يا فلان - أنّي لک بمثل لقمان الحکيم؟ سله فإنّه ينبئک».

فقال: رأيتک في أکثر أيّامک تأکل، وأکثر لياليک نائماً، وأکثر أيّامک صامتاً. فقال: ليس حيث تذهب، إنّي أصوم الثلاثة في الشهر، وقال اللَّه: «مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا»[4] وأوصل رجب وشعبان بشهر رمضان، وذلک صوم الدهر، وسمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله: «مَن بات علي طهر فکأنّما أحيا الليل»، وأنا أبيت علي طهر.

وسمعت رسول اللَّه صلي الله عليه و آله يقول لعليّ: «يا أبا الحسن، مَثَلُکَ في اُمّتي مثلُ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد»، فمن قرأها مرّة فقد قرأ ثلث القرآن، ومَن قرأها مرّتين فقد قرأ ثلثي القرآن، ومَن قرأها ثلاث مرّات فقد ختم القرآن کلّه. فمن أحبّک بلسانه فقد کمل له ثلث الإيمان، ومَن أحبّک بلسانه وقلبه فقد کمل له ثلثا الإيمان، ومَن أحبّک بلسانه وقلبه ونصرک بيده فقد استکمل الإيمان، والّذي بعثني بالحقّ نبيّاً يا عليُّ، لو أحبّک أهل الأرض کمحبّة أهل السماء لما عذّب أحدٌ بالنّار».

وأنا أقرأ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَد» کلّ يوم ثلاث مرّات، فقام فکأنّه اُلقم[5] حجراً.[6] .

وتستفاد هذه الحقيقة أيضاً من روايات اُخري، تدلّ علي أنّ الکفّار الّذين يحسنون سينجون من العذاب أو يخفّف عنهم إن بقوا فيه، فقد ورد في بعض الروايات أنّ أمثال حاتم الطائي من المشرکين وإن ماتوا مشرکين إلّا أنّهم سوف لا يعذّبون أو سيخفّف عنهم العذاب، ولمزيد الاطّلاع حول هذا البحث يمکن الرجوع إلي کتاب العدل الإلهي لمؤلفه الشهيد آية اللَّه المطهري، مبحث الإيمان بالنبوّة والإمامة.







  1. البحار 257:39.
  2. البحار 258:39.
  3. البحار 258:39، والفردوس للديلمي 142:2، ح 2723.
  4. سورة الأنعام: 160.
  5. يقال: ألقمه الحجر، أي أسکته عند الخصام.
  6. البحار 257:39.