الشجاعة












الشجاعة



بأن يکون شجاعاً، بحيث يمکنه تجهيز الجيوش، بحيث يمکنه الوقوف أمام هجمات الاعداء، بحيث يمکنه الدفاع عن حوزة الدين وعن بيضة الاسلام والمسلمين.

هذه هي الشروط المتفقة عندهم، التي يجب توفرها في الشخص حتي يمکن اختياره للامامة علي مسلکهم من أنّ الامامة تکون بالاختيار.

[صفحه 14]

ولابدّ وأنّکم تحبّون أنْ أقرأ لکم نصّاً من تلک الکتب التي أشرت إليها، لتکونوا علي يقين ممّا أنسبه إليهم، ومن حقّکم أن تطالبوا بقراءة نص من تلک النصوص:

جاء في کتاب المواقف في علم الکلام وشرح المواقف[1] ما نصّه:

«المقصد الثاني: في شروط الامامة

الجمهور علي أنّ أهل الامامة ومستحقّها من هو مجتهد في الاُصول والفروع ليقوم بأُمور الدين، متمکّناً من إقامة الحجج وحلّ الشبه في العقائد الدينية، مستقلاً بالفتوي في النوازل وأحکام الوقائع نصّاً واستنباطاً، لانّ أهمّ مقاصد الامامة حفظ العقائد وفصل الحکومات ورفع المخاصمات، ولن يتمّ ذلک بدون هذا الشرط».

إذن، الشرط الاول: أن يکون عالماً مجتهداً بتعبيره هو في الاصول والفروع، ليقوم بأمور الدين، وليکون متمکناً من إقامة الحجج والبراهين، ودفع الشبه المتوجهة إلي العقائد من قبل المخالفين.

[صفحه 15]

الشرط الثاني: «ذو رأي وبصارة، بتدبير الحرب والسلم وترتيب الجيوش وحفظ الثغور، ليقوم بأُمور الملک، شجاع ليقوي علي الذب عن الحوزة والحفظ لبيضة الاسلام بالثبات في المعارک».

لاحظوا بدقة ولا تفوتنّکم الکلمات الموجودة في هذا النص، وکتاب المواقف وشرح المواقف من أهم کتب القوم في علم الکلام، فالشرط الثاني هو الشجاعة.

«وقيل في مقابل قول الجمهور: لا يشترط في الامامة هذه الصفات، لانّها لا توجد الان مجتمعة».

وکتاب المواقف إنّما أُلّف في القرن السابع أو الثامن من الهجرة، وهذه الصفات غير مجتمعة في الحکّام في ذلک الوقت، إذن، يجب عليهم أن يرفعوا اليد عن اعتبارها في الامام، ويقولوا بإمامة من لم يکن بعالم أو لم يکن بشجاع، وحتّي من يکون فاسقاً فاجراً کما سنقرأ صفة العدالة أيضاً.

يقول: «نعم يجب أن يکون عدلاً، لئلاّ يجور، فإنّ الفاسق ربّما يصرف الاموال في أغراض نفسه فيضيع الحقوق. فهذه الصفات شروط معتبرة في الامامة بالاجماع».

هذا نصّ عبارته، ثم يقول: «وهاهنا صفات أُخري في

[صفحه 16]

اشتراطها خلاف».

إذن، نتکلم معهم باعتبارنا عقلاء مثلهم، ونعتبر هذه الصفات الثلاث أيضاً في الامام، ونفترض أنّ الامامة تثبت بالاختيار، والامامة مورد نزاع بيننا وبينهم، فنحن نقول بإمامة علي وهم يقولون بإمامة أبي بکر.

فلنلاحظ إذن، هل هذه الصفات المعتبرة بالاجماع في الامام، المجوّز توفّرها فيه لانتخابه واختياره إماماً، هل هذه الصفات توفّرت في علي أو في أبي بکر، حتّي نختار عليّاً أو نختار أبا بکر، ومع غضّ النظر عن الکتاب والسنّة الدالّين علي إمامة علي بالنص أو غير ذلک ؟

نحن والعقل الذي يقول بأنّ الرئيس للاُمّة والخليفة عن النبي (صلي الله عليه وآله وسلم) يجب أن يکون واجداً لهذه الصفات المجمع عليها، ونحن تبع لهذا الاجماع الذي هم يدّعونه علي هذه الصفات.

وأيضاً: نحن نوافق علي هذا الاجماع، وإن کنّا نقول باعتبار العصمة التي هي أعلي من العدالة، لکن مع ذلک نبحث عن هذه المسألة في هذه الليلة مع غضّ النظر عن مسلکنا في ثبوت الامامة وتعيين الامام.

إذن، يتلخّص کلام القوم في الصفات اللازم وجودها في

[صفحه 17]

الامام بالاجماع في ثلاثة صفات:

أنْ يکون متمکناً من إقامة الحجج وحلّ الشبه في العقائد الدينية، لانّ أهم مقاصد الامامة حفظ العقائد وفصل الخصومات، فلابدّ وأن يکون عالماً في الدين بجميع جهاته من أُصوله وفروعه، ليتمکّن من الدفاع عن هذا الدين إذا ما جاءت شبهة أو توجّهت هجمة فکرية.

وأن يکون شجاعاً، ليقوي علي الذب عن الحوزة والحفظ لبيضة الاسلام بالثبات في المعارک، لانّ الامام إذا فرّ من المعرکة فالمأمومون أيضاً يفرّون، إذا فرّ القائد فالجنود يفرّون تبعاً له، إذا انکسر الرئيس انکسر الجيش کلّه، وهذا واضح، إذن بنصّ عبارة هؤلاء يجب أن يکون من أهل الثبات في المعارک.

وأن يکون عدلاً غير ظالم ولا فاسق.

فإمّا تکون هذه الصفات مجتمعة في علي دون غيره، فيکون علي هو الامام، وإمّا تکون مجتمعة في غير علي فيکون ذاک هو الامام، وإمّا تکون مجتمعة في کليهما، فحينئذ ينظر إلي أنّ أيّهما الواجد لهذه الصفات في أعلي مراتبها، وإلاّ فمن القبيح تقديم المفضول علي الفاضل عقلاً، والقرآن الکريم يقول: (أَفَمَنْ يَهْدِي إِلَي الْحَقِّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ أَمَّنْ لاَ يَهِدِّي) ، من يکون عادلاً أولي بأن

[صفحه 18]

يکون إماماً أو من يکون فاسقاً ؟ العالم أولي أن يکون إماماً نقتدي به أو من يکون جاهلاً ؟ وعلي فرض أن يکون کلاهما عالمين فالاعلم هو المتعيّن أو لا ؟ لابدّ من الرجوع إلي العقل والعقلاء، ونحن نتکلّم علي هذا الصعيد.

قالوا: هذه هي الصفات المعتبرة بالاجماع، أمّا أنْ يکون هاشميّاً ففيه خلاف، أمّا أن يکون معصوماً ففيه خلاف، أمّا أن يکون حرّاً، ربّما يکون فيه خلاف، ربّما ينسبون إلي رسول الله (صلي الله عليه وآله وسلم) أنّه أمر بإطاعة من ولّي علي المسلمين وإنْ کان عبداً، ربّما ينسبون إليه هکذا حديث، لکن هذه قضايا مختلف فيها، فالعصمة تقول بها الشيعة وغيرهم لا يقولون بها، وکذا سائر الصفات فهي مورد خلاف، مثل أن يکون هاشمياً، أن يکون قرشياً، أن يکون حرّاً، وغير ذلک من الصفات المطروحة في الکتب.

أمّا الصفات المتفق عليها بين الجميع فهي: العلم والعدالة والشجاعة، ونحن نبحث علي ضوء هذه الصفات.

[صفحه 19]


صفحه 14، 15، 16، 17، 18، 19.








  1. شرح المواقف في علم الکلام 349:8.