عمر بن الخطاب











عمر بن الخطاب



اما والله لقد تقمصها ابن[1] ابي قحافة، وانه ليعلم ان محلي منها محل القطب من الرحي.. فسدلت دونها ثوباً.. حتي اذا مضي الاول لسبيله فأدلي بها الي ابن الخطاب بعده.. فصبرت علي طول المدة وشدة المحنة.. فواعجبا بينما هو يستقيلها في حياته اذ عقدها لآخر بعد وفاته، لشد ما تشطرا ضرعيها».

وهکذا کان: انتقلت الخلافة التي تسلمها ابوبکر، بجهود عمر کما ذکرنا في حديث السقيفة، الي عمر نفسه بعد وفاة صاحبه، وقبل ان يوصي ابوبکر بالخلافة من بعده لعمر، استدعي قبل وفاته عبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، لاستشارتهما في موضوع تخليفه عمر بن الخطاب، فسألهما رأيهما في عمر، فکان جواب الاول:

ان عمر «افضل من رأيک فيه»[2] ـ مع العلم ان عمر کان يحتل المرکز الاول

[صفحه 61]

عند ابي بکر، فکيف به اذا کان احسن من رأي ابي بکر فيه!!؟

وکان جواب الثاني «ان سريرته خير من علانيته، وان ليس فينا مثله»[3] .

ولاندري فيما اذا کان الرجلان يؤمنان حقا بما قالاه، ام انهما عرفا اتجاه الخليفة فجاملاه!!؟

وعلي اي حال فقد امر ابوبکر عثمان ان يکتب عهده لعمر کما هو معروف.

ويذکر المؤرخون: ان ابا بکر عندما کان يملي عهده لابن الخطاب علي عثمان اغمي عليه قبل ان يذکر اسم ابن الخطاب.

وان عثمان وضعه من نفسه مستدلا علي ذلک من الاتجاه العام لمجري الامور.

فلما افاق ابوبکر: قرأ العهد عثمان عليه، فأقره واستحسنه ـ ولسنا نعلم کيف اجاز عثمان لنفسه ذلک؟ اينسجم ذلک العمل مع اوليات مبدأ الامانة؟

ولو فرضنا ان ابا بکر قد توفي اثناء تلک الاغماءة، فهل يجوز اعتبار العهد سليما من الناحية الشرعية؟

ولا ندري لماذا استشار ابوبکر عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان دون سائر الصحابة، ولماذا فکر ابوبکر في امر الخلافة بعده، من الناحية المبدئية العامة ـ بغض النظر عن تولية عمر بالذات ـ في حين ان الرسول صلي الله عليه وآله وسلم من وجهة نظر ابي بکر، لم يفکر في هذا الامر؟

واذا کانت مصلحة المسلمين تستلزم ذلک، فهل يکون ابوبکر احرص من النبي صلي الله عليه وسلم عليها، واذا کان ترک الرسول امر الخلافة من بعده للمسلمين انفسهم ـ حسب وجهة نظر بعض المسلمين ـ سنة، فهل ايصاء ابي بکر لعمر يتفق مع السنة؟

ثم لماذا سأل ابوبکر: عبدالرحمن وعثمان عن رأيهما في عمر بالذات دون سواه من المسلمين! والشيء الذي لا يرقي اليه الشک هو:

[صفحه 62]

«ان ابا بکر رأي لعمر عليه حقا حين استخلفه.. ولکن الاسلوب الذي انتهجه عند الاختيار کان اسلوبا يستطاع وسمه بالهنات والاخطاء!

فان الشيخ لم يتناول الامر بالصراحة الواجبة، بل بدأ کأنه اضمر التثبيت، وشاء تدبيره علي غير علم من آل بيت الرسول، ووقع بهذا في الخطأ الذي وقع فيه عمر من قبل عند وفاة الرسول..

اسقط ابوبکر من حسابه: عليا، الذي کان اولي بالرعاية وبالحساب من سواه»[4] .

ومما يلفت النظر في الامر حقاً، کما سلف ان ذکرنا، ان ابا بکر الذي کان يذهب مذهب القائلين بأن النبي ترک امر الخلافة من بعده للمسلمين قد اوصي بالخلافة من بعده لعمر!؟.

«حتي اذا مضي الثاني لسبيله جعلها في جماعة زعم اني احدهم.. فيا لله وللشوري متي اعترض الريب فيّ مع الاول منهم حتي صرت اقرن الي هذه النظائر!!»[5] .

قال عمر بن ميمون الاسدي، علي ما يذکر ابن الاثير[6] :

«لما طعن عمر بن الخطاب[7] قيل له: يا امير المؤمنين لو استخلفت؟ فقال:

[صفحه 63]

من استخلف؟ لو کان ابوعبيدة حيا لاستخلفته وقلت لربي ـ ان سألني ـ سمعت نبيک يقول: انه امين هذه الامة.

ولو کان سالم مولي حذيفة حيا لاستخلفته وقلت لربي ـ ان سألني ـ سمعت نبيک يقول: «ان سالما شديد الحب لله».

وعندي لو ان ابا عبيدة کان حيا لاستخلفه عمر، لا لکونه امين هذه الامة ـ علي حد تعبير ابن الخطاب ـ ولکن لانه کان ثالث: اصحاب السقيفة، ولتأخر بذلک استخلاف عثمان بن عفان، ولاصبح الخلفاء الراشدون خمسة في حالة وصول الخلافة لعلي، وجريان الاحداث في عهد عثمان ـ الخليفة الرابع ـ علي الشکل الذي جرت عليه في عهده ـ وهو: الخليفة الثالث.

ولاندري ما الذي حال بين عمر وبين دفع الخلافة الي ابي عبيدة بعد وفاة الرسول مادام قد سمع قول النبي الآنف الذکر!! وان يقترح علي الانصار في السقيفة ان يحولوا الخلافة الي ابن الجراح، او الي سالم!! او ان يقول لابي بکر آنذاک حين طلب من الانصار ان يبايعوا عمراً وابا عبيدة ـ اننا نبايع ابا عبيدة او سالما، لان الرسول قال فيهما: کذا وکذا!!

ولماذا بايع ابن الخطاب ابا بکر بالخلافة دون ان يقول فيه الرسول ماقاله في ابي عبيدة او في سالم؟؟. ولماذا لم يقترح عمر علي ابي بکر ان يسلم الخلافة من بعده الي ابي عبيدة بدلا من عمر نفسه؟[8] .

[صفحه 64]

واذا کانت شروط الخلافة لاتخرج عن توافر حب الشخص لله او کونه امين هذه الامة بشهادة الرسول فعلي بن ابي طالب اولي من غيره؛ فکيف غاب عن ذهن عمر قول رسول الله يوم خيبر علي ما ذکره الامام مسلم في صحيحه[9] .

«لاعطين هذه الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله» الي آخر الحديث وتسليمه الراية لعلي؟

ومهما يکن من شيء فقد استدعي عمر بن الخطاب قبيل وفاته علي بن ابي طالب وعثمان بن عفان وسعد بن ابي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف، والزبير بن العوام وقال لهم: «اذا مت تشاوروا ثلاثة ايام، وليصل بالناس صهيب، ولا يأتين اليوم الرابع الا وعليکم امير منکم، وليحضر عبدالله بن عمر مشيرا.. وطلحة بن عبيد الله[10] شريککم في الامر. فان قدم الثلاثة فاحضروه امرکم.

وقال لابي طلحة الانصاري: اختر خمسين رجلا من الانصار فاستحث هؤلاء الرهط حتي يختاروا رجلا منهم.

وقال للمقداد بن الاسود: اذا وضعتموني في حفرتي[11] فاجمع هؤلاء الرهط في بيت حتي يختاروا رجلا منهم.. فان اجتمع خمسة وابي واحد فاشرخ رأسه بالسيف.

وان اتفق اربعة وابي اثنان فاضرب رؤوسهما.

وان رضي ثلاثة رجلا وثلاثة رجلا، فحکموا عبدالله بن عمر، فان لم يرضوا فکونوا مع الذين فيهم عبدالرحمن بن عوف[12] .

واقتلوا الباقين ان رغبوا عما اجتمع عليه الناس

فلما مات عمر واخرجت جنازته صلي عليه صهيب، فلما دفن جمع المقداد اصحاب

[صفحه 65]

الشوري... وطلحة غائب... فقال عبدالرحمن:

ايکم يخرج منها نفسه.. علي ان يوليها افضلکم؟ فلم يجبه احد، فقال:

فأنا انخلع منها، فقال عثمان: انا اول من رضي، وقال القوم: قد رضينا، وعلي ساکت، فقال:

ما تقول يا ابا الحسن؟ قال:

اعطني موثقا لتؤثرن الحق، ولاتتبع الهوي، ولاتخص ذا رحم، ولاتألوا الامة نصحا»[13] فأعطاه الموثق المطلوب[14] .

وبعد نقاش طويل بين الحاضرين نظر ابن عوف الي علي بن ابي طالب وقال: «ابايعک علي کتاب الله وسنة رسوله وسيرة الشيخين ابي بکر وعمر، فقال علي:

بل علي کتاب الله وسنة رسوله واجتهاد رأيي:

فعدل عنه الي عثمان، فعرض عليه ذلک، فقال: نعم، فعاد علي علي.، فأعاد قوله... فعل ذلک عبدالرحمن ثلاثا.

فلما رأي عليا غير راجع عما قاله، وان عثمان ينعم بالاجابة صفق علي يد عثمان وقال: السلام عليک يا امير المؤمنين.. ويقال:

ان عليا قال: والله ما فعلتها الا لانک رجوت منه ما رجا صاحبکما من صاحبه»[15] .

[صفحه 66]

فهل فعل ذلک عبدالرحمن عفوا ام انه امر مبيت قبل الاجتماع؟!

اليس القصد من وضعه شرط اتباع سيرة الشيخين يتضمن سلما اخراج علي من الموضوع. علي ان موضوع الشوري مع هذا يحتاج الي مناقشة وتدقيق.

وقبل ان نتصدي لمناقشته يجمل بنا ان نشير الي الامرين التاليين:

1 ـ ذکر الطبري[16] رواية تتعلق بتصريح لعمر بن الخطاب اثناء انشغاله في قضية الشوري فحواه: ان عمر لما طعن ورفض امر الاستخلاف، وندم علي وفاة ابي عبيدة وسالم، کما ذکرنا.

قال لبعض عائديه من الصحابة وفيهم علي ـ قبل تعيين رهط الشوري ـ «اني کنت قد اجمعت قبل مقالتي لکم ان انظر فأولي رجلا امرکم هو احراکم ان يحملکم علي الحق ـ واشار الي علي.

ورهقتني غشية فرأيت رجلا دخل جنة ثم غرسها. فجعل يقطف کل غضة ويانعة فيضمه اليه، ويصيره تحته. فعلمت ان الله غالب علي امره، ومتوف عمر، فما اريد ان اتحملها حيا وميتا.

عليکم هؤلاء الرهط الذين قال رسول الله: انهم من اهل الجنة:

سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل منهم، ولست مدخله.. وما اظن ان يلي الامر الا احد هذين الرجلين: علي وعثمان، فان ولي عثمان فرجل فيه لين.

وان ولي علي ففيه دعابة واحري به ان يحملهم علي طريق الحق»

2 ـ وکتب مؤرخ آخر[17] ان عمر کان قد استدعي قبل ان يبت في امر الشوري کلا من الزبير وطلحة ـ قبل سفره من المدينة ـ وسعد وعبدالرحمن

[صفحه 67]

وعلي وعثمان، وقال:

«ما انت يا زبير!... يوما انسان ويوما شيطان.

وما انت ياطلحة! فقد مات رسول الله ساخطا عليک بالکلمة التي قلتها يوم انزلت آية الحجاب ـ وفي رواية اخري:

«الست القائل: ان قبض محمد انکح ازواجه من بعده، فما جعل الله محمداً احق ببنات اعمامنا منا! فأنزل الله فيک قوله:

«وما کان لکم ان تؤذوا رسول الله ولا ان تنکحوا ازواجه من بعده ابداً»[18] .

قال شيخنا ابوعثمان الجاحظ: لو قال لعمر قائل: انت قلت: ان رسول الله مات وهو راض عن الستة فکيف تقول لطلحة: انه مات ساخط عليک للکلمة التي قلتها، لکان قد رماه بمشاقصة..

ثم اقبل عمر علي سعد فقال: اما انت فصاحب مقنب من هذه المقانب تقاتل به وصاحب قنص وقوس، ومازهرة والخلافة، وامور الناس! ثم اقبل علي عبدالرحمن فقال. ليس يصلح هذا الامر لمن فيه ضعف کضعفک وما «زهرة» وهذه الامرة!

ثم اقبل علي علي فقال: لله انت لولا دعابة فيک!

اما والله لئن وليتهم لتحملنهم علي الحق الواضح.

ثم اقبل علي عثمان فقال: هيا اليک کأني بک قد قلدتک قريش هذا الامر فحملت بني امية وبني ابي معيط علي رقاب الناس وآثرتهم بالفيء».

واذا امعنا النظر في قضية الشوري، علي الشکل الذي ذکرناه، اتضح لنا ان عمر قد حددها تحديدا دقيقا وبين رأيه فيها فجعلها شوري مشروطة لا مطلقة.

واول ما يتبادر الي ذهن المرء في هذا الاشتراط هو رغبة عمر في حصول الاجماع بين رجال الشوري. وهو امر ـ دون شک ـ علي جانب کبير من الوجاهة

[صفحه 68]

من الناحية المبدئية، غير ان عمر قد قيد الشرط ايضا ـ اي انه جعل الشرط نفسه مشروطا، ان جاز هذا التعبير ـ فأمر المشرف علي شئون الشوري ان يشرخ رأس من يخالف الاکثرية، ورؤوس المخالفين ـ في حالة انقسام المؤتمرين فيما بينهم الي نصفين ـ للرأي المخالف للنصف الذي فيه عبدالرحمن ابوعوف.

ولسنا نعرف السر الذي دفع عمر الي ايثار ابن عوف بذلک سوي علاقات شخصية بين الرجلين ذکر الطبري[19] طرفا منها!!

ولم يعر ابن الخطاب علي مايبدو اية اهمية للأسس التي يستند اليها من يخالف رأي اکثرية المجتمعين، او رأي النصف الذي ينحاز اليه ابن عوف.

وهل يجيز القرآن او سنة الرسول ضرب اعناق رجال من المسلمين لمجرد انهم يجتهدون برأي يخالف الرهط الذي فيه عبدالرحمن بن عوف.

فکيف وهؤلاء المسلمين من خيرة اصحاب النبي بشهادة عمر نفسه؟ فقد استباح ابن الخطاب دماءهم بعد ثلاثة ايام فقط من بدء التداول في امر الشوري الذي يتوقف عليه مصير المسلمين.

ثم الم يکن تفکير عمر في امر خلافة المسلمين من بعده، کما فعل ابوبکر، يخالف سنة الرسول الذي مات ـ من وجهة نظر عمر ـ ولم يوص بالخلافة لاحد من بعده؟

ثم الا يجوز لنا ان نسأل عن حق هؤلاء الرهط في تقرير مصير الخلافة دون سائر المسلمين؟ واذا کان مجرد رضا النبي عنهم، اذا فرضنا صحة ذلک، مع العلم ان بعض المؤرخين ـ کما سلف ان ذکرنا ـ قد اشار الي غضب الرسول علي طلحة کافيا لترشيحهم للشوري، فلماذا لم يدخل عمر آخرين ممن کان الرسول راضيا عنهم من المهاجرين والانصار؟

[صفحه 69]

واذا کان سعيد بن عمرو بن نفيل حائزا علي شروط الشوري، باعتراف عمر نفسه ـ کما ذکرنا ـ فماذا استثناه عمر وحرمه من المساهمة في هذا الامر العظيم؟ وحرم رجال الشوري من رأيه؟

ومن الغريب ان يصف عمر عليا بالدعابة، ولم نسمع احدا غير عمر وصفه بذلک فقد کان علي معروفا بالزکانة والبعد عن المزاح والدعابة.

هذا معلوم ضرورة لمن سمع اخباره.. وقد روي عن ابن عباس انه قال:

کان امير المؤمنين اذا اتي هبنا ان نبدأه بالکلام.

وهذا لا يکون الا من شدة التزمت والتوقر، وما يخالف الدعابة والفکاهة[20] ثم الا يوجد تفاوت کبير بين رجال الشوري من حيث موقعهم من الرسول واثرهم في الاسلام. فلماذا اعتبرهم عمر علي درجة واحدة من الاثر في هذا الباب.

ثم اليست هناک روابط عائلية ومصلحية بين رجال الشوري.

الا تؤثر تلک الروابط علي سلامة الاختيار.

الم يقل عمر للزبير: انک يوما شيطان ويوما انسان... ولطلحة:

ما انزله الله فيه من قرآن. ولسعد... «فمن ذا يستطيع ان يقول: ان عمر لم يحدد موقفه من الشوري غاية التحديد.

ولم يقطع علي علي ـ بالتلميح او التصريح ـ الطرق الي ولاية الناس...

لقد الب عمر علي علي احقاد قريش. فمن لعلي برضي تيم وقد نافس شيخها ابا بکر

وهذا طلحة التميمي!، ومن له بمحو الاحقاد الاموية من بني هاشم.

وهذا عثمان! وقد ضمت الشوري ايضا سعد بن ابي وقاص، وعبدالرحمن بن عوف، وکلا الرجلين من زهرة ولکليهما نسب موصول ببني امية.

اتي الاول من ناحية امه حمنة بنت سفيان.

[صفحه 70]

واتي الثاني من ناحية زوجه ام کلثوم بنت عقبة اخت عثمان[21] .

ولنعد ثانية الي نص عبارة ابن الخطاب لرجل الشوري.

اليست صيغتها توحي بترشيح عمر عثمان لولاية المسلمين.

وهل الدعابة المزعومة في علي ـ علي فرض وجودها جدلا ـ عامل حاسم في ابعاد علي عن الخلافة علي الرغم من انه يحملهم بشهادة عمر نفسه، علي الحق الواضح.

ثم اذا کان عمر ـ علي مايروي الطبري ـ قد ارتأي ان يولي امور المسلمين رجلا هو احراهم ان يحملهم علي الحق ـ واشار الي علي ـ فماذا اقلع عن ذلک لالشيء وجيه سوي طيف الم به علي ما ذکر هو حسب رواية الطبري.

والخلاصة «ان قصة الشوري جديرة بأن يتلکأ عندها ـ برهة ـ ذهن المتدبر، لان فيها... خروجا علي مبدأ الشوري.. وتحکم الفرد في الجماعة... وفي نفر اختاره وفق تقديره ان لم يکن وفق هواه...

وفيها تعسف التسوية بين ستة تجاهر المزايا والفوارق بأنهم ليسوا سواء... وفيها تکتل القوي العصبية»[22] .

ذلک ما يتصل بأمر الشوري بشکل عام.

اما ما يتصل بتفاصيل اجتماع رجالها بعد وفاة الخليفة، فان اول شيء «مکر به عبدالرحمن انه ابتدأ فأخرج نفسه من الامر ليتمکن من صرفه الي من يريد ليقال: انه لولا ايثاره للحق، وزهده في الولاية، لما اخرج نفسه منها»[23] .

ولاندري فيما اذا کان تصرف ابن عوف قد حصل عفوا، ومن وحي الساعة ام انه امر متفق عليه قبل وفاة الخليفة!

[صفحه 71]

ثم ان عبدالرحمن باخراجه نفسه من الموضوع قد حصل علي امتياز خاص جعل امر الخلافة منوطا به، وقد حصل علي ذلک الامتياز دون ان يخسر شيئا في الواقع، ذلک لانه اخرج نفسه من امر ـ الخلافة ـ ما زال الي وقت خروجه منه غير مبتوت فيه.

فلماذا اذن وقف ابن عوف موقفه المعروف فخلع نفسه من الخلافة ـ وهو امر لا يملکه قبل عملية الشوري وفي حالة انتخابه للخلافة.

ثم الم تؤثر صلة نسبه بعثمان في موقفه من علي.

ولماذا اشترط عبدالرحمن ان يسير علي علي ما سماه «سيرة الشيخين» بالاضافة الي القرآن وسنة الرسول.

هل سار الشيخان علي القرآن وسنة النبي وسيرة الشيخين. ام علي القرآن والسنة حسب اجتهاد کل منهما ـ کما اراد علي ان يسير.

ثم هل هناک شيء محدد اسمه «سيرة الشيخين».

الم يختلف الشيخان اختلافات کثيرة فيما بينهما. وبقدر ما يتعلق الامر باختلاف سيرة ابي بکر في الخلافة عن سيرة عمر ـ في کثير من القضايا ـ يمکننا ان نذکر بعض الامثلة علي سبيل التمثيل لا الحصر.

ويجمل بنا قبل ذلک ان نشير الي ان عمر نفسه کثيرا ما تختلف سيرته عن سيرة النبي في بعض التصرفات العامة ـ من ذلک مثلا طريقته في تقسيم العطاء بين المسلمين: اذ لابد ان حضرته آنذاک عوامل رجحت لديه رأيه.

ولکن مما لا ريب فيه ان عوامل اخري اقوي من السالفة قد غابت عنه، وکان اجدي به.. ان يعدل عما حزم عليه امره.. ولکنه رأي رأيا فالتزمه... وان رسول الله صاحب خير الآراء کان يسير علي نقيضه.

وکذلک نحا نحوه الخاص فلم يجعل الناس سواسية عند التقسيم، فبينما نسمع

[صفحه 72]

الصديق يأبي ان يفضل اهل السابقة الي الاسلام علي غيرهم.. اذ بابن الخطاب من بعده يخالفه»[24] .

«ولعل آفة عمر کانت دفعته ـ تلک التي اوقفته دائما مواقف انکرها من نفسه کلما فاتت آونتها واتسع امامه مجال التفکير...

وقد طالما افتي بالحکم ثم عاد فنقضه اذ يتروي.

وقد طالما دفعته الرغبة في الاصلاح الي سن الشرعة.. فاذا بها لا تلبث ان تتقوض امام شرعة اعلي جرت علي لسان غيره»[25] .

وطالما عمل عملا بالاستناد الي قناعته الشخصية ثم عاد فأقلع عنه اذا تغيرت قناعته من ذلک، مثلا: ـ

أ ـ اتاه رجل فقال: «يا امير المؤمنين ان فلانا ظلمني فأعدني عليه، فرفع في السماء درته وضرب رأسه، وقال: تدعون عمر وهو معرض لکم، وحتي اذا شغل بأمر المسلمين اتيتموه: اعدني!! فانصرف الرجل يتذمر.

فقال عمر: عليّ بالرجل، فجيء به. فألقي اليه المخفقة فقال: اقتص، قال:

بل ادعه لله ولک، قال: ليس کذلک، بل تدعه اما لله وارادة ما عنده، واما تدعه لي، قال: ادعه لله، قال. انصرف.

ثم جاء حتي دخل منزله.. فصلي رکعتين خفيفتين، ثم جلس فقال:

يا ابن الخطاب، کنت وضيعا فرفعک الله، وکنت ضالا فهداک... ثم حملک علي رقاب الناس، فجاء رجل ليستعديک علي من ظلمه فضربته، ماذا تقول لربک غدا»[26] .

[صفحه 73]

ب ـ «استعمل عمر: النعمان بن عدي بن نفيلة علي ميسان. فبلغه عنه الشعر الذي قال فيه:


ومــن مبلغ الحسناء ان خيلها
بـميسان يسقي من زجاج وحنتم


اذا شئت غنتني دهــاقين قرية
وصناجـة تحد علي کـل منسم


فان کنت ندماني فبالاکبر اسقني
ولا تـسقني بالاصغر الــمتثلم


لـعل امير المؤمنين يســوؤه
تنـادمنا بالجوسـق المتهــدم


فکتب اليه:

اما بعد.. فقد بلغني قولک.. وايم الله انه يسوؤني، فأقدم فقد عزلتک.

فلما قدم عليه قال: يا امير المؤمنين ما شربتها قط، وانما هو شعر طفح علي لساني، واني لشاعر!

فقال عمر: اظن ذاک، ولکن لاتعمل لي عملا ابداً»[27] .

ج ـ استعمل عمر رجلا من قريش علي عمل، فبلغه عنه انه قال:


اسقني شربة تروي عظامي
واسق بالله مثلها ابن هشام


فأشخصه اليه، وفطن القرشي فضم اليه بيتا آخر، فلما مثل بين يديه قال:

انت القائل: اسقني...

قال: نعم يا امير المؤمنين، فهلا ابلغک الواشي ما بعده.

قال: ما الذي بعده؟ قال:


عسلا بارداً بماء غمام
انني لا احب شرب المدام


فقال: ارجع الي عملک»[28] .

[صفحه 74]

د ـ سأل عمر احد امراء الشام عن سيرته وما يصنعه بالقرآن والاحکام؟ فأجابه بما يرضيه، فاستحسن ذلک منه واقره علي عمله، وامره بالالتحاق به، «فلما ولي رجع فقال: يا امير المؤمنين اني رأيت البارحة رؤيا اقصها عليک.

رأيت الشمس والقمر يقتتلان ومع کل واحد منهما جنود من الکواکب؟

فقال: فمع أيهما کنت؟ قال: مع القمر.

فقال عزلتک، لان الله قال: «وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة»[29] .

هـ ـ لما کتب النبي کتاب الصلح في الحديبية بينه وبين سهيل بن عمرو کان في الکتاب: ان من خرج من المسلمين الي قريش لا يرد.

ومن يخرج من المشرکين الي النبي يرد اليهم، غضب عمر وقال لابي بکر:

ماهذا؟... ثم جاء الي النبي فجلس بين يديه... وقال:

علام نعطي الدنية في ديننا! فقال رسول الله: افعل ما يأمرني به ربي...

فقام عمر مغضبا «وقال: والله لو اجد اعوانا لما اعطيت الدنية ابدا»[30] .

و ـ «خرج عمر بن الخطاب... وعبدالرحمن بن عوف ليلا يطوفان في المدينة، فرفع لهما مصباح، فقال عمر: الم انه عن المصابيح بعد النوم؟ فانطلقنا فاذا قوم علي شراب لهم، قال: انطلق فقد عرفته، فلما اصبح ارسل اليه. قال:

يا فلان کنت واصحابک البارحة علي شراب؟ قال: وما اعلمک يا امير المؤمنين؟ قال:

شيء شهدته: قال او لم ينهک الله عن التجسس؟ فتجاوز عنه»[31] .

[صفحه 75]

ذلک ما يتعلق باختلاف سيرة عمر نفسه حسب اختلاف وضعه النفسي.

اما ما يتعلق باختلاف سيرته عن الرسول فيمکننا ان نذکر الامثلة التالية، بالاضافة الي طريقته في تقسيم الغنائم التي مر بنا ذکرها:

1 ـ «غزا رسول الله خيبر في سنة سبع، فطاوله اهلها وما کثوه وقتلوا: المسلمين. فحاصرهم رسول الله قريبا من شهر، ثم انهم صالحوه علي حقن دمائهم... ثم قالوا لرسول الله: ان لنا بالعمارة والقيام علي النخل علما فأقرنا، فأقرهم رسول الله وعاملهم علي الشطر من الثمر... فلما کانت خلافة عمر بن الخطاب... اجلاهم وقسم خيبر بين من کان له فيها سهم من المسلمين»[32] .

2 ـ «حدثنا عمر الناقد، حدثنا يزيد بن هارون، اخبرنا يحيي بن سعيد عن بشير ابن يسار: ان النبي... دفع خيبر الي اليهود يعملونها علي نصف [ ما ] خرج منها، فلم يزل علي ذلک حياة رسول الله، وابي بکر.

فلما کان عمر وکثر المال في ايدي المسلمين وقووا علي عمارة الارض اجلي اليهود الي الشام وقسم الاموال بين المسلمين»[33] .

3 ـ «اتي رسول الله وادي القري، فدعي اهلها الي الاسلام، فامتنعوا عن ذلک وقاتلوا، ففتحها رسول الله عنوة.. وترک النخيل والارض في ايدي اليهود، وعاملهم علي نحو ما عامل عليه اهل خيبر، فقيل:

ان عمر اجلي يهودها وقسمها بين من قاتل عليها»[34] .

واما ما يتعلق باختلاف سيرة عمر عن سيرة ابي بکر فنذکر منها، بالاضافة الي ما ذکرناه، الحوادث التالية:

[صفحه 76]

أ ـ «جاء عيينة بن حصين والاقرع بن حابس الي ابي بکر فقال:

يا خليفة رسول الله ان عندنا ارضا سبخة ليس فيها کلأ ولامنفعة، فان رأيت ان تقطعناها لعلنا نحرثها ونزرعها، ولعل الله ان ينفع بها بعد اليوم؟

فقال ابوبکر لمن حوله من المسلمين: ما ترون؟ قالوا:

لا بأس، فکتب لهما کتابا، واشهد فيه شهودا، ولم يکن عمر حاضرا...

فلما سمع عمر ما في الکتاب اخذه منهما... فمحاه، فتذمرا.. فقال:

ان رسول الله کان يتألفکما والاسلام يومئذ ذليل... وان الله قد اعز الاسلام فاذهبا... فذهبا الي ابي بکر يتذمران.

وجاء عمر وهو مغضب، حتي وقف علي ابي بکر فقال:

اخبرني عن هذه الارض التي اقطعتها هذين، اهي لک خالصة، ام بين المسلمين عامة؟ قال: بين المسلمين عامة، قال: من حملک علي ان تخص بها هذين دون جماعة المسلمين؟ قال: استشرت الذين حولي، فأشاروا بذلک؟

فقال: افکل المسلمين اوسعهم مشورة ورضا؟»[35] .

ب ـ ذکر بعض الرواة في حديث فدک:

ان ابا بکر حينما قابلته السيدة فاطمة وذکرت له ان فدک لها نحلة من الرسول، اقتنع بذلک بعد تردد، فکتب لها کتابا بذلک، غير ان عمر ـ علي ما يذکر اولئک الرواة ـ قد صادفها في الطريق عائدة الي دارها من عند ابي بکر، فذکرت له الکتاب، فطلبه منها ومزقه، ولام ابا بکر علي ذلک؟

ج ـ ويبدو اختلاف السيرتين واضحا في قضية خالد بن الوليد مع مالک ابن نويرة، وهي قضية مهمة؛ ونري وجوب ذکرها بشيء من التفصيل. فقد ارتکب خالد ـ علي ما نري ـ سلسلة من الاخطاء الاجتماعية والدينية في هذه القضية:

[صفحه 77]

فقد سار الي مالک وصحبه دون امر من الخليفة، وقاتلهم دون ان يکون هناک مبرر للقتال من الناحية الدينية، وامر بقتل مالک بشکل من الغدر لا يجيزه الاسلام.

ونکح زوج مالک بشکل يتنافي هو والعفة والشرف وکبر النفس... فاستحق بذلک اکثر من عقوبة، غير ان ابا بکر عفا عنه فامتعض عمر من ذلک وعزله اثناء خلافته ـ والي القاريء ملخص القصة المذکورة:

ذکر ابن الاثير[36] : «سار خالد بعد ان فرغ من فزارة، واسد، وطيء، يريد البطاح[37] وبها مالک بن نويرة قد تردد عليه امره. وتخلف الانصار عن خالد، وقالوا:

ما هذا بعهد الخليفة الينا، ان الخليفة عهد الينا ان نحن فرغنا من بزاخة[38] واسبرنا بلاد القوم ان نقيم حتي يکتب الينا، فقال خالد:

انا الامير.. هذا مالک بن نويرة بحيالنا، فانا قاصد اليه ومن معي من المهاجرين..

وکان قد اوصاهم ابوبکر[39] ان يؤذنوا اذا نزلوا منزلا.

فاذا اذن القوم، فکفوا عنهم، وان لم يؤذنوا فقاتلوهم.

[صفحه 78]

وان اجابوا الي داعية الاسلام فسألوهم عن الزکاة، فان اقروا فاقبلوا منهم.

وان ابوا فقاتلوهم، فجاءت خالدا الخيل بمالک بن نويرة في نفر معه من بني ثعلبة ابن يربوع، فاختلفت السرية فيهم.

وکان فيهم ابوقتادة فکان فيمن شهد انهم قد اذنوا وصلوا.

فلما اختلفوا امر بهم خالد فحبسوا في ليلة باردة لا يقوم لها شيء، فأمر خالد مناديا فنادي ادفئوا اسراکم ـ وهي في لغة کنانة القتل ـ... فقتلوهم... فتزوج خالدا ام تميم، امرأة مالک.

فقال عمر لابي بکر: ان سيف خالد فيه رهق، واکثر عليه في ذلک، فقال:

هيه ياعمر!! تأول فأخطأ فارفع لسانک عن خالد.

فدخل خالد علي ابي بکر فأخبره الخبر واعتذر اليه، فعذره وتجاوز عنه، وعنفه في التزويج.

وقدم متمم بن نويرة علي ابي بکر يطلب بدم اخيه ويسأله ان يرد عليهم سبيهم؟ فأمر ابوبکر برد السبي، وودي مالکا من بيت المال».

وقد روي علي ما يقول البلاذري[40] «ان متمم بن نويرة دخل علي عمر ابن الخطاب[41] فقال له عمر: ما بلغ وجدک علي اخيک مالک.

قال: بکيته حولا حتي اسعدت عيني الذاهبة[42] عيني الصحيحة، وما رأيت نارا

[صفحه 79]

الا کدت انقطع لها اسفا عليه، لانه کان يوقد ناره الي الصبح، مخافة ان يأتيه ضعيف فلا يعرف مکانه».

لابد ان القاريء قد لاحظ معنا، في رواية ابن الاثير، جملة مخالفات قام بها خالد بن الوليد:

1 ـ فقد سار، کما ذکرنا، الي قتال مالک دون ان يتلقي بذلک امرا من الخليفة.

2 ـ اهمل المبدأ العام الذي وضعه ابوبکر لمعالجة مشکلة المسلمين الذين اتهموا بالامتناع عن دفع الزکاة ـ ذلک المبدأ الذي يتلخص، کما ذکرنا، بأن يؤذن في وقت الصلاة مؤذن من جيش المسلمين، فان اذن المتهمون بالامتناع عن دفع الزکاة فلا يجوز قتالهم ابتداء. ثم يسألون عن امر الزکاة. فان اقروا ـ اي اعترفوا بوجوبها ـ حرمت علي خالد وصحبه دماؤهم واموالهم.

اي ان الخليفة لم يشترط اخذ الزکاة من القوم وانما اشترط اقرارهم بها. فاذا اقروا بذلک، صانوا ارواحهم واموالهم من عبث العابثين،

وقد شهد ابوقتادة کما ذکرنا بأن اصحاب مالک بن نويرة قد اذنوا واقاموا وصلوا ـ اي انهم ذهبوا الي ابعد من مجرد الاذان الذي جعله الخليفة کافيا لتحريم قتالهم.

3 ـ ان خالدا امر بقتلهم غدرا بذلک الشکل الشنيع فأدفأهم ـ علي لغة کنانة ـ[43] وکان باستطاعته وقد اصبحوا في اسره، وتحت رحمته ان يرسلهم الخليفة بعد ان يتأکد من خروجهم علي مباديء الاسلام، واصرارهم علي ذلک الخروج ليفعل الخليفة بهم ما يشاء.

4 ـ وتزوج خالد ام تميم امرأة مالک في الوقت الذي قتل فيها زوجها ـ وفي هذا ما فيه من خروج علي مباديء الدين الحنيف وتدن عن المستويات الخلقية الرفيعة.

[صفحه 80]

علي اننا اذا نظرنا الي مأساة مالک ـ من زاوية اخري ـ امکننا ان نلاحظ فيها الامور التالية:

)أ( لقد تردد امر الزکاة علي مالک کما يقول ابن الاثير.

والتردد غير الامتناع، لانه يتضمن التريث والاحجام وهي فترة وسطي بين الامتناع والانصياع. فاذا حصل الامتناع، فانه ـ مع ذلک ـ لايجوز قتاله برأينا، الا اذا کان الامتناع مشروطا لا مطلقا ـ اي ان يکون حصوله نتيجة للانتقاض علي العقيدة الاسلامية.

ومما يؤيد وجاهة ما ذهب اليه ابن الاثير: ان مالکا الذي کان واليا علي صدقات قومه بني يربوع من قبل النبي، لما بلغته وفاة الرسول امسک عن اخذ الصدقة من قومه وقال لهم: تربصوا بها حتي يقوم قائم بعد النبي وننظر ما يکون من امره، وقد صرح بذلک في شعر:


وقال رجـال: سدد اليوم مالک
وقــال رجال: مالک لم يسدد


فان قــام بـالامر المجدد قائم
اطعنا وقـلنا: الدين دين محمد


فصرح مالک اذن انه استبقي الصدقة في ايدي قومه رفقا بهم، وتقربا اليهم، الي ان يقوم بالامر من يدفع له ذلک»[44] .

)ب( لقد تجاوز ابوبکر عن خالد ـ رغم اصرار عمر علي ضرورة معاقبته ـ بدافع الرأفة به والشفقة عليه، ولکن ذلک التجاوز قد حصل علي حساب اقامة الحدود الدينية علي ابن الوليد.

فقد اخطأ خالد باعتراف ابي بکر، واخطأ خالد واقر بخطئه واعتذر عنه.

ولاندري ايجوز الصفح عن المجرم اذا ندم واعتذر؟

[صفحه 81]

وهل يجوز الاجتهاد في معرض النص؟

ولعل هذه الحادثة وامثالها هي التي جعلت عليا يمتنع عن الزام نفسه بالسير وفق سيرة الشيخين حين عرض عليه ذلک عبدالرحمن بن عوف اثناء الشوري.

)ج( ومما يؤيد عدم قناعة ابي بکر ببراءة خالد انه امر برد السبي وودي مالکا من بيت المال عندما قدم عليه متمم بن نويرة يطالبه بدم اخيه ويسأله ان يرد عليهم سبيهم. علي اننا لانعلم فيما اذا جاز لابي بکر من الناحية الدينية ان يدفع من بيت مال المسلمين تعويضا عن جريمة شخصية ارتکبها ابن الوليد!!

اما کيفية وقوع مالک وبعض صحبه اسري بيد خالد بن الوليد، وما جري لهم بعد الاسر، وموقف عم من ذلک، فقد لخصه احد الرواة[45] بقوله:

«ان السرية التي بعث بها خالدا لما غشيت القوم تحت الليل راعوهم، فأخذ القوم السلاح.

فقال اصحاب خالد: نحن المسلمون.

فقال اصحاب مالک: ونحن المسلمون. فقال اصحاب خالد: مابال السلاح معکم!! فلما وضعوا السلاح ربطوا اساري، فأتوا بهم خالدا، فحدث ابوقتادة خالد بن الوليد: ان القوم نادوا بالاسلام، وان لهم امانا.

فلم يلتفت خالد الي قوله، وامر بقتلهم وتقسيم سبيهم.

وحلف ابوقتادة ان لايسير تحت لواء خالد في جيش ابدا. ورکب فرسه شاذا الي ابي بکر، فأخبره الخبر، وقال:

اني نهيت خالدا عن قتل مالک فلم يقبل قولي، واخذ بشهادة الاعراب الذين غرضهم الغنائم، وان عمر لما سمع ذلک تکلم فيه عند ابي بکر فاکثر، وقال:

ان القصاص وجب عليه.

[صفحه 82]

فلما دخل خالد المسجد قام اليه عمر... وقال: ياعدو نفسه عدوت علي امريء مسلم فقتلته، ونزوت علي امرأته... والله لنرجمنک بأحجارک.

وقد روي ايضا ان عمر لما ولي جمع من عشيرة مالک بن نويرة من وجد منهم واسترجع ما وجد عند المسلمين من اموالهم واولادهم ونسائهم، فرد ذلک عليهم جميعا.

وقيل: انه ارتجع بعض نسائهم من نواحي دمشق وبعضهن حوامل فردهن علي ازواجهن، فالامر ظاهر في خطأ خالد، وخطأ من تجاوز عنه».

وکانت حجة مالک واصحابه في تأجيل دفع الزکاة علي ما يحدثنا بعض الرواة[46] انهم فسروا الاية التي وردت في سورة التوبة: «خذ من اموالهم صدقة تطهرهم وتزکيهم بها وصل عليهم ان صلاتک سکن لهم»[47] .

بأنها تتضمن ضرورة صلاة النبي عليهم صلاة تکون سکنا لهم، ليأخذ صدقة من اموالهم يزکيهم بها ـ وتلک الصفات، برأيهم، لاتتحقق في غير النبي، لان غير النبي ـ بنظرهم ـ لايطهر الناس، ولايزکيهم بأخذ الصدقة منهم، ولاتکون صلاته سکنا لهم ـ اي انهم بعبارة اخري، ترددوا في اعطاء الزکاة الي غير النبي الي ان يثبت لهم وجود من يمثله، وهو امر دون شک، لا يعني عدم اعترافهم بالزکاة ـ کأساس من اسس الدين ـ لانهم لم يجحدوا وجوبها، ولکنهم قالوا:

انه وجوب مشروط. فتأولوا، وربما اخطأوا، کما تأول خالد فأخطأ ـ برأي ابي بکر.

واذا کان ابوبکر قد تجاوز عن خالد لانه تأول الخطأ، افلا يجوز ان يقال عن اولئک، علي اسوأ الفروض: انهم تأولوا فأخطأوا!!

[صفحه 83]

يتضح من کل ما ذکرنا ان خالد بن الوليد واصحابه قد غرروا بضحاياهم وخدعوهم تحت ستار الدين، فجردوهم عن السلاح اولا وقتلوهم ـ بعد ذلک ـ علي الشکل الذي ذکرناه ـ ويلوح للباحث في شهادة ابي قتادة ان خالدا ـ لمرض في نفسه ـ ربما کان له صلة بأم تميم زوج مالک، قد اخذ بشهادة الاعراب الذين غرضهم الغنائم والسلب والنهب، وهي امور ابعد ما تکون عن جوهر الدين.

وقد وصفهم الله في کتابه بالغلظة والنفاق.

هذا الي المؤرخين کما سلف ان ذکرناها:

لم يؤيدوا خروج مالک وصحبه علي مباديء الدين، او منعهم الزکاة او جحودهم وجوبها، فهم اذن لا يستحقون القتل اطلاقا، فکيف به وقد وقع بذلک الشکل من الغدر!!

ان الشيء الذي کانوا بحاجة اليه هو التنبيه والارشاد، هذا اذا کانوا مخطئين في تفسير الاية التي ذکرنا في قضية الزکاة.

اما مالک نفسه فقد کان مسلما، بشهادة عمر بن الخطاب؛

وان خالدا بشهادة عمر کذلک؛ قد اعتدي عليه ونزي علي زوجه.

وهناک امر آخر لابد من ذکره في هذه المناسبة لتعلقه بمبدأ عام يتصل بموضوع المتهمين بالامتناع عن دفع الزکاة، لا بموضوع مالک بن نويرة حسب ما ذکره البخاري حين قال[48] :

«حدثنا يحيي بن بکير؛ حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب، اخبرني عبيد الله ابن عتبة ان ابا هريرة قال: لما توفي النبي واستخلف ابوبکر، وکفر من کفر من العرب، قال عمر:

يا ابا بکر کيف تقاتل الناس. وقد قال رسول الله امرت ان اقاتل الناس حتي يقولوا: لا اله الا الله؛ فمن قال ذلک فقد عصم مني ماله ونفسه الا بحقه وحسابه علي الله». وهناک امور اخري اقترفها خالد بن الوليد لا تقل شناعة عما

[صفحه 84]

ذکرنا ـ منها: اغتياله سعد بن عبادة ـ وهو في محل اقامته في الشام ـ في اواخر خلافة ابي بکر، او مساهمته بذلک الاغتيال.

ومنها ما رواه الطبري[49] حين قال:

«حدثنا ابن حميد قال: حدثنا سلمة عن محمد بن اسحق قال: حدثني بعض اهل العلم عن رجل من جزيمة قال: لما امرنا خالد بوضع السلاح قال رجل منا ـ يقال له جحدم: ويلکم يا بني جذيمة.

ما بعد وضع السلاح الا الاسار ثم ما بعد الاسار الا ضرب الاعناق.

والله لا اضع سلاحي ابدا. قال: فأخذه رجال من قومه، فقالوا: يا جحدم؛ اتريد ان تسفک دماءنا! ان الناس قد اسلموا.. فلم يزالوا به حتي نزعوا سلاحه، ووضع القوم السلاح لقول خالد؛ فلما وضعوه امر بهم خالد عند ذلک فکتفوا، ثم عرضهم علي السيف، فقتل منهم من قتل.

فلما انتهي الخبر الي رسول الله رفع يديه الي السماء وقال: اللهم اني ابرأ اليک مما صنع خالد بن الوليد. ثم دعا علي بن ابي طالب، فقال: ياعلي اخرج الي هؤلاء القوم فانظر في امرهم، واجعل امر الجاهلية تحت قدميک، فخرج علي ومعه مال قد بعثه رسول الله به، فودي لهم الدماء وما اصيب من الاموال.

حتي اذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه بقيت معه بقية من المال. فقال لهم علي حين فرغ منهم: ابقي لکم دم او مال لم يرد؟ قالوا: لا، قال:

فاني اعطيکم هذا البقية من هذا المال احتياطا لرسول الله مما لايعلم ولا تعلمون ففعل، ثم رجع الي رسول الله فأخبره الخبر. فقال: اصبت واحسنت».

فاذا کان هذا عمل خالد في زمن النبي، فکيف به وقد انتقل الرسول الي الرفيق الاعلي!!

[صفحه 85]

ومع ذلک کله، فقد تجاوز عنه ابوبکر، لانه تأول فأخطأ «علي حد تعبيره» فاختلفت سيرة ابي بکر، في هذه القضية الخطيرة، عن سيرة عمر الذي عزل خالدا. فقد کان اول کتاب کتبه عمر ـ علي ما يقول ابن الاثير[50] ـ موجها «الي ابي عبيدة ابن الجراح بتولية جند خالد، وبعزل خالد، لانه کان عليه ساخطا في خلافة ابي بکر کلها، لوقيعته بابن نويرة... وقال عمر: لا يلي خالد لي عملا ابدا.

وکتب الي ابي عبيدة.. ان انزع عمامته عن رأسه وقاسمه ماله».

وفي ضوء ما ذکرنا نستطيع ان نقول:

ان ليس هناک شيء يصح ان يدعي «سيرة الشيخين» من حيث التوافق التام في جميع التصرفات العامة الدينية والزمنية ـ ولعل ذلک احد الاسباب التي ادت بالامام ـ حين عرض عليه ابن عوف الخلافة وقت الشوري ـ الي عدم الموافقة علي الشرط الثالث «سيرة الشيخين». وعلي بموقفه هذا، قد استبعد «سيرة الشيخين» من ان تصبح بحد ذاتها سنة تتبع، لعدم وجود ما يبرر اتباعها ـ من الناحية الدينية ـ ما دام القرآن وسنة الرسول هما دستور الاسلام بنظره.

وهناک امر آخر لابد من ذکره في هذه المناسبة، هو ان جواب الامام، بالصيغة التي ورد فيها، کان يدل ـ دلالة قاطعة وصريحة ـ علي التيهؤ لتحمل المسئولية، وعدم نثر الوعود التي لا يمکن الالتزام بها اثناء تسلم المنصب الخطير.

فعلي لا يريد ان يلزم نفسه مقدما بشيء يستحيل عليه ان يعمل وفق مستلزماته بعد تسلمه الخلافة للاسباب التي ذکرناها. ولعل الشيء الذي يبدو غريبا ـ في امر الشوري ـ هو قبول علي الاشتراک فيها مع علمه بِأفضليته واحقيته بالخلافة. غير ان ذلک الاستغراب يزول عندما نتذکر ان عليا صرح بأنه يدخل الشوري،

[صفحه 86]

لان ابن الخطاب قد اهله الان للخلافة «وکان من قبل يقول: ان النبوة والخلافة في بيت واحد لاتجتمعان»[51] .

اما موقفه من شرط ابن عوف فأمر کان متوقعا ـ ذلک، لان الامام کان علي يقين من ان کلا من الشيخين قد سار في حدود اجتهاده الشخصي، وانه من غير الممکن ان يلتزم هو بالکتاب والسنة وبسيرة الشيخين ـ وتتجلي روعة موقفه هذا اذا ما تذکرنا موقف زميله عثمان الذي کان ينعم بالاجابة لابن عوف حتي کسب الخلافة، ولکنه لم يسر ـ کما سنري ـ علي الکتاب والسنة، بله سيرة الشيخين؟؟

[صفحه 87]



صفحه 61، 62، 63، 64، 65، 66، 67، 68، 69، 70، 71، 72، 73، 74، 75، 76، 77، 78، 79، 80، 81، 82، 83، 84، 85، 86، 87.





  1. تقمصها، جعلها کالقميص مشتملة عليه، والضمير للخلافة، ولم يذکرها للعلم بها... فسدلت: ارخيت... ومضي لسبيله: مات... وقوله فأدلي بها من قوله تعالي «ولاتأکلوا اموالکم بينکم بالباطل وتدلوا بها الي الحکام البقرة 188» اي تدفعوها اليهم رشوة. واصلها من ادلت الدلو في البئر ارسلتها... کان علي يري العدول عنه الي غيره اخراج لها الي غير جهة الاستحقاق... من باب الاستعارة. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 1 / 50 ـ 67، الطبعة الاولي.
  2. عبدالفتاح عبدالمقصود «الامام علي بن ابي طالب» 1 / 239.
  3. عبدالفتاح عبدالمقصود: الامام علي بن ابي طالب 1 / 240.
  4. عبدالفتاح عبدالمقصود 1 / 238.
  5. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 1 / 50 ـ 67 الطبعة الاولي.
  6. الکامل في التاريخ 3 / 34.
  7. والي القاريء ما ذکره ابن خلدون في مسألة مصرع الخليفة الثاني «کتاب العبر وديوان المبتدأ والخبر في ايام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الاکبر 2 / 362» «کان للمغيرة بن شعبة مولي من نصاري العجم اسمه ابولؤلؤه، وکان يشدد عليه في الخراج، فلقي يوما عمر في السوق فشکا اليه وقال: اعدني علي المغيرة، فانه يثقل عليّ في الخراج درهمين في کل يوم، قال: وما صناعتک؟ قال: نجار، حداد، نقاش، فقال: ليس ذلک بالکثير علي هذه الصنائع.. وقد بلغني انک تقول: اصنع رحي تطحن بالريح، فاصنع لي رحي، قال: اصنع لک رحي يتحدث الناس بها!؟ وانصرف، فقال عمر: توعدني العلج!! فلما اصبح الصباح خرج عمر الي الصلاة... ودخل ابولؤلؤة وبيده الخنجر، فضرب عمر».
  8. لان سالما قتل في اوئل خلافة ابي بکر اثناء حرب الذين اتهموا بالامتناع عن اداء الزکاة.
  9. صحيح مسلم 2 / 224.
  10. وکان غائبا عن المدينة آنذاک.
  11. تذکر ان جثمان الرسول لم يوضع في حفرته وعقد اجتماع السقيفة المشهور.
  12. تذکر شهادة عبدالرحمن بن عوف وعثمان بن عفان عند ابي بکر بشأن استخلافه عمر، وما صنعه عثمان عند کتابته عهد ابي بکر لعمر.
  13. ابن الاثير «الکامل في التاريخ» 3 / 35 و 36.
  14. وما اکثر اعطاء المواثيق في امثال هذه الامور الخطيرة لغرض الحصول علي الغاية المرجوة. ومن ثم يبدأ التسويف والمماطلة والانحراف، وما اکثر الذين يدفعهم ايمانهم الخالص الي وضع تلک المواثيق ظنا منهم انهم ما داموا لا يستطيعون ان يخرجوا علمها فان غيرهم لايستطيع ايضا ان يخرج عليها.
  15. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 1 / 50 ـ 67 الطبعة الاولي. ويظهر من کلام الامام عليه السلام ان اتفاقا سابقا کان بين ابي بکر وعمر حول تولي الخلافة «الناشر».
  16. «تاريخ الامم والملوک» 5 / 34 و 35.
  17. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 3 / 170 طبعة مصر الاولي.
  18. الاحزاب: 53.
  19. «تاريخ الامم والملوک 5 / 20 و 51 و 4 / 162 ـ وکان ابن عوف من اکابر المترفين في الجاهلية والاسلام «وکان مترفا في طعامه ولباسه وسکنه، وقد سمح له الرسول، علي ما يذکره الرواة: ان يلبس الحرير لحکة کانت في جلده.
  20. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 3 / 170 طبعة مصر الاولي.
  21. عبدالفتاح عبدالمقصود «الامام علي بن ابي طالب» 1 / 275 و 276.
  22. المصدر نفسه 1 / 123 و 124.
  23. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 3 / 172 طبعة / مصر الاولي.
  24. عبدالفتاح عبدالمقصود: «الامام علي بن ابي طالب» 2 / 9 و 10.
  25. المصدر نفسه 1 / 250 و 251.
  26. ابن ابي الحديد: «شرح نهج البلاغة» 3 / 97 طبعة مصر الاولي.
  27. ابن ابي الحديد: «شرح نهج البلاغة» 3 / 98.
  28. المصدر نفسه 3 / 98.
  29. ابن ابي الحديد: «شرح نهج البلاغة» 3 / 98 الآية: 12: الاسراء.
  30. المصدر نفسه 3 / 19.
  31. ابن الاثير «الکامل في التاريخ» 3 / 30.
  32. البلاذري: «فتوح البلدان» ص 36.
  33. المصدر نفسه ص 39.
  34. المصدر نفسه ص 47.
  35. ابن ابي الحديد: «شرح نهج البلاغة» 3 / 108 الطبعة الاولي.
  36. الکامل في التاريخ 2 / 242 و 243.
  37. البطاح ـ کغراب ـ وهو منزل لبني يربوع ـ وفي «مراصد الاطلاع» طبع عيسي الحلبي بالقاهرة 1 / 203 «بطاح ـ بالضم ـ: ماء في ديار بني اسد بن خزيمة» 1 هـ، مصححة. «الناشر».
  38. بزاخة ـ بالضم، والخاء معجمة ـ: قال الاصمعي: ماء لطيء، بأرض نجد. وقال ابوعمرو: لبني اسد، فيه کانت وقعة المسلمين مع طليحة في الردة ـ قال القعقاع يذکر يوم بزاخة:


    ويوما علي ماء البزاخة خالد
    اثار بها في هبوة الموت عثيرا


    1 هـ من «مراصد الاطلاع» 1 / 192 طبعة عيسي الحلبي بالقاهرة. «الناشر».

  39. فيما يتصل بموقفهم من الذين امتنعوا عن اداء الزکاة باليسير اليهم الا في قضية مالک ابن نويرة التي لم يثبت للخليفة آنذاک امتناعه.
  40. فتوح البلدان 107 و 108.
  41. اثناء خلافته حيث انشده مرثيته المشهورة التي يقول فيها:


    وکنا کندمـائي جذيمة حقبة
    من الدهر حتي قيل: لن يتصدعا


    فلما تــفرقنا کأني ومالکا
    لطول اجــتماع لم نبت ليلة معا.

  42. اسعدت عيني الذاهبة: الاسعاد لايکون الا في البکاء ـ قاله في المقاييس، مادة «سعد» 3 / 75 طبعة عيسي الحلبي بالقاهرة. «مصححه».
  43. مما لاشک فيه ان خالدا قصد بعبارة «ادفئوا اسراکم» قتلهم، لانه حبسهم «عند ضرار بن الازور... وکان کنانيا». ابن خلدون في «کتاب العبر» 2 / 278.
  44. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 4 / 184.
  45. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 4 / 184 الطبعة الاولي.
  46. ابن ابي الحديد «شرح نهج البلاغة» 4 / 185: الطبعة الاولي بمصر.
  47. التوبة: 103.
  48. صحيح البخاري 8 / 50 طبعة مصر.
  49. «تاريخ الامم والملوک» 3 / 124.
  50. الکامل في التاريخ 3 / 293.
  51. عبدالفتاح عبدالمقصود: «الامام علي بن ابي طالب» 1 / 28.