حرصه علي بيت المال











حرصه علي بيت المال



لقد مر بنا جانب من ذکر حرص الإمام علي أموال المسلمين عندما تحدثنا عن موقفه من ولده الحسين في قضية العسل، ومن أخيه عقيل حين قدم عليه طالباً زيادة حصته من الدقيق.

وإلي القاريء طائفة من الامثلة الاخري في هذا الباب.

قال هارون بن عنترة عن أبيه: دخلت علي علي بالخورنق ـ وهو فصل شتاء ـ وعليه خلق قطيفة وهو يرعد فيه فقلت:

يا أمير المؤمنين إن الله جعل لک ولأهلک في هذا المال نصيباً؛ وأنت تفعل هذا بنفسک؟ فقال:

والله ما أرزأکم شيئا. وماهي الا قطيفتي التي اخرجتها من المدينة»[1] .

ولم ينزل الإمام ـ علي ما يحدثنا الرواة ـ «القصر الابيض بالکوفة إيثاراً للخصاص التي کان يسکنها الفقراء. وربما باع سيفه ليشتري بثمنه الکساء والطعام.

وروي النضر بن منصور عن عقبة بن علقمة قال: دخلت علي علي فإذا بين يديه لبن حامض آذتني حموضته وکسرة يابسة. فقلت: يا أمير المؤمنين أتأکل مثل هذا؟

[صفحه 189]

فقال لي: يا أبا الجنوب کان رسول الله يأکل أيبس من هذا، ويلبس أخشن من هذا ـ وأشار الي ثيابه ـ فإن لم آخذ بما أخذ به خفت الا الحق به»[2] .

وکتب ابن الأثير: ان عاصم بن کليب روي عن ابيه انه قال: «قدم علي علي مال من اصبهان فقسمه علي سبعة اسهم. فوجد فيه رغيفاً فقسمه علي سبعة ودعا امراء الاسباع فأقرع بينهم لينظر ايهم يعطي أولاً.

وذکر يحيي بن مسلمة: أن علياً استعمل عمرو بن مسلمة علي أصبهان «فقدم ومعه مال کثير وزقاق فيها عسل وسمن.

فأرسل أم کلثوم بنت علي الي عمرو تطلب منه سمناً وعسلاً. فأرسل اليها ظرف عسل وظرف سمن. فلما کان الغد خرج علي واحضر المال والسمن والعسل ليقسم. فعد الزقاق فنقصت زقين. فسأله عنهما. فکتمه وقال: نحن نحضرهما. فعزم عليه الا ذکرهما له. فأخبره. فأرسل الي أم کلثوم فأخذ الزقين منها فرآهما قد نقصا، فأمر التجار بتقويم مانقص منهما، فکان ثلاثة دراهم.

فأرسل اليها فأخذها منها!، ثم قسم الجميع..

وقال سفيان: إن علياً لم يبن آجرة علي آجرة، ولا لبنة علي لبنة، ولاقصبة علي قصبة.

وقيل: إنه أخرج سيفاً الي السوق فباعه وقال: لو کان عندي اربعة دراهم ثمن إزار لم ابعه، وکان لا يشتري ممن يعرفه، واذا اشتري قميصاً قدر کمه علي طول يده وقطع الباقي، وکان يختم علي الجراب الذي فيه دقيق الشعير الذي يأکل منه ويقول:

لاأحب ان يدخل بطني الا ما اعلم»[3] .

[صفحه 190]



صفحه 189، 190.





  1. العقاد: «عبقرية الإمام علي» ص 13، وابن الأثير: «الکامل في التاريخ» 3 / 200.
  2. عباس محمود العقاد «عبقرية الإمام علي» ص 25.
  3. الکامل في التاريخ 3 / 200 ـ 202.