الرفاعي يقبل يد النبي











الرفاعي يقبل يد النبي



قال أبومحمد ضياء الدين الوتري في (روضة الناظر) ص 54: وفي هذه السنة (يعني 555) حج السيد أحمد الرفاعي[1] رضي الله عنه باشارة معنوية، وزار قبر جده عليه الصلاة والسلام، وأنشد تجاه القبر الطاهر.


في حالة البعد روحي کنت ارسلها
تقبل الارض عني وهي نائبتي

[صفحه 175]

وهذه دولة الاشباح قد حضرت
فامدد يمينک کي يحظي بها شفتي[2] .


فظهرت له يد جده عليه الصلاة والسلام فقبلها والناس ينظرون. وهذه القصة تواتر خبرها، وعلا ذکرها، وصحت أسانيدها، وکتبها الحفاظ والمحدثون، وکثير من أهل الطبقات والمؤرخين، لا ينکرها إلا جاهل قليل الرواية، حاسد لسلطان النبوة، وظهور المعجزة المحمدية، أو معذور من غير هذه الامة الاحمدية، علي ان ظهور هذه المعجزة النبوية في تلک الاعصار التي ظهرت بها البدع، وکثرت بها الفتن، وتفرقت بها الاهواء، وذهب بها أهل الباطل إلي مذاهب کثيرة کالالحاد والزندقة وغير ذلک مما سلکه الفرق الضالة من طرق الضلالة ما کان إلا لاعلاء کلمة الحق والشريعة والدين علي يد هذا السيد الجليل الذي إختصه الله ورسوله بهذه النعمة وأبرزه لهذه الخدمة، لعدم وجود من يماثله أو يشاکله في ذلک القرن من الاولياء والسادات وصالحي الوقت نفعنا الله بهم.

وقال في ص 62: إذا عدت کرامات الرجال کفاه (يعني السيد أحمد الرفاعي) فخرا وشرفا تقبل يد النبي صلي الله عليه وسلم بين جم غفير من المسلمين حتي سارت بها الرکبان، وتواتر خبرها في البلدان، وقصر عندها باع أکابر الانس والجان، وغبطه عليها الملا الاعلي، کما قال ذلک في شأنه الشيخ عبدالقادر الجيلي عليه الرحمة والرضوان.

وفي العقود الجوهرية ص 5 عن العبد الصالح العارف بالله عبدالملک بن حماد انه قال: قدر الله لي الحج سنة خمسمائة وخمسة وخمسين، وجئت إلي المدينة وتشرفت بزيارة النبي صلي الله عليه وسلم وفي ذلک الاسبوع جاء لزيارة قبره عليه الصلاة والسلام شيخنا سيد العارفين إمام الامة السيد أحمد الرفاعي رضي الله عنه وقد دخل البلدة بقافلة عظيمة من الزوار فلما دخل الحرم الشريف النبوي وقف تجاه القبر الافضل، والوقت بعد العصر وقد غص الحرم المبارک بالناس وأنشد غائبا عن نفسه حاضرا بمحبوبه:


في حالة البعد روحي کنت ارسلها
تقبل الارض عني وهي نائبتي

[صفحه 176]

وهذه دولة الاشباح قد حضرت
فامدد يمينک کي تحظي بها شفتي


فظهرت له يد النبي عليه الصلاة والسلام تتلمع بيضاء سوية کأنها زند البرق، فقبلها والناس ينظرونه، وقد من الله تعالي تفضلا علي فرأيتها ورأيت کيف استلمها، واني اعد هذا الشهود الباهر ذخيرة المعاد، وزاد القدوم علي الله تعالي. ثم قال: وکان في القافلة المذکورة الشيخ أحمد الزعفراني، والشيخ عدي بن مسافر الاموي، والسيد عبدالرزاق الحسيني الواسطي، والشيخ عبدالقادر الجيلاني، والشيخ أحمد الزاهد، والشيخ حيوة بن قيس الحراني، والشيخ عقيل المنبجي العمري، و جماعة من مشاهير أولياء العصر وقد تشرفت الکل برؤيا اليد النبوية الطاهرة الزکية واندرجوا تحت بيعة مشيخته رضي الله عنه وعنهم اجمعين، وخبر هذه القصة متواتر مشهور، وقد ساقه کثير من أعيان الرجال بوجه التفصيل فليراجع.

قال الشيخ تقي الدين الفقيه النهروندي المتوفي 594 في قصيدة أولها:


اي سر جاءت به الانبياء
وحديث رواته الاولياء؟


سلسلته السادات أهل المعالي
وحکته الائمة الاتقياء


فروي نشره الصديرين ريا
وأضاءت بنوره البطحاء


مد طه يمينه للرفاعي
فانجلت عندها له الاشياء


إلي أن قال:


لا تقل کيف تم هذا؟ وأيقن
يفعل الله ربنا ما يشاء


واهجر المارقين واعذر إذا ما
أنکر الشمس مقلة عمياء


أيکون النبي ميتا؟ وفي القرآن
أحياء ربها الشهداء


وبمد اليمين لابن الرفاعي
حجة في مقامها سمحاء


شهدتها المساء آلاف قوم
ورآها الاقران والاکفاء


صار ذاک المساء صبحا فما أعجب
يوما فيه الصباح مساء؟


وقال صاحب العقود الجوهرية يمدحه في قصيدة له:


ذاک الرفاعي الذي فعله
يعز في النقد علي الناقد


کم رکب الليث؟ وکم راکب
ذلل من صولة مستأسد؟

[صفحه 177]

کف رسول الله في لثمها
حاز بها الفخر علي الجاحد


قد مدها من قبره نحوه
لاحت إلي الحاضر والشاهد


وقال الحافظ الحاج ملا عثمان الموصلي في قصيدة يمدح بها السيد الرفاعي:


له الافاعي وأسد الغاب طائعة
والجن تبصر من آياته العجبا


ألا تري ان من ينمي إليه فلا
يخشي من النار مهما أوقدت لهبا؟


کفاه تقبيل يمني الهاشمي أبي
الزهراء فخرا وعنها الغير قد حجبا


وقال السيد محمد أبوالهدي الرفاعي في تخميس قصيدة سراج الدين المخزومي:


اکرمت من طه بکف جنابه
بين القفول مذ التجأت ببابه


فلثمته وعرفت في أحبابه
نورا أراد الله أن تحيي به


رغما لمن فتکت به الظلمات

وقال من قصيدة يمدحه بها:


کفي شرفا تکليم خير الوري له
وامداده إذ مد جهرا له اليدا


وليس عجيبا حين صح انتسابه
إليه إذا أبدي إليه توددا


کرامة حق وهي ثابتة له
ومعجزة للمصطفي خير من هدي


وقال بهاء الدين السيد محمد الرواس في قصيدة له يمدحه بها.


کفاه ان رسول الله مد له
يد القبول وزهر العصر نضار


وقال من جده خير الوري خلقا
له انطوي فيه اعزاز واظهار


وقال عبدالحميد افندي الطرابلسي في قصيدة له يمدحه بها:


هو الحجة الکبري علي کل قائم
لذاک يد المختار مدت له جهرا


ومن هذه والله حجة فضله
أجل غيره في القوم حجته صغري


وقال السيد عبدالغفار الاخرس في قصيدة يمدحه بها:


تولد من رسول الله شبل
به دانت له کل السباع


وقبل کف والده جهارا
غدت بالنور بادية الشعاع


وشاهدها الثقات وکل فرد
رآها بانفراد واجتماع


فتلک مزية لم يحظ فيها
سواه من مطيع أو مطاع

[صفحه 178]

وقال ابوالفرج السيد احمد شاکر الآلوسي من قصيدة يمدحه بها:


هو قطب الوجود غوث البرايا
غيثها المرتجي علي الاطلاق


کم له من مناقب سائرات
کمسير البدور في الآفاق؟


حاز من جده الرسول مقاما
لم يزل ذکره مدي الدهر باقي


حيثما زاره وقبل کفا
منه قد آذنت له بالتلاقي


وقال الفقيه يحيي بن عبدالله الواسطي في قصيدة يمدحه بها:


مدت له يد طه ثم قبلها
يهنيه مجدا نأي أن يقبل الشرکا


والمصطفي بکتاب العتق أکرمه
والله أحيا له لما دعا السمکا


وقال صفي الدين يحيي بن المظفر البغدادي الحنبلي في قصيدة يمدحه بها:


وله إمام الرسل مد يدا لها
فتحت کنوز حقائق القرآن


وقوافل الحجاج سکري عندها
ما بين مبهوت وذي أشجان


وقال السيد عبدالحي الحسيني مفتي (غزة هاشم) من قصيدة يمدحه بها:


علم الشرق أحمد من إليه
مد طه يمينه إجلالا


مد راحا إلي النبي بها کل
محال لو رامه ما استحالا


يالراح قد صافحتها المعالي
وشفاة لقد لثمن الهلالا


وقال السيد إبراهيم الراوي الرفاعي الشافعي من قصيدة يمدحه بها:


وهو باب النبي لاثم يمناه
جهارا وقد تجلي تعالي


حين أبدي محمد معجزات
معجزات لاحمد اجلالا


کيف؟ وهو شبله وکذا الآ
باء تعلو إن أنجبت أشبالا


وقال السيد سراج الدين المخزومي في کتابه) صحاح الاخبار (من قصيدة يمدح بها الرفاعي:


يا ابن من کان في الثبوت نبيا
قبل کون القوالب الطينيه


لک جمع في مشهد الوجد بانت
منه للقوم حکمة الفرقيه


لک قرب أقام في حالة البعد
منارا في الروضة الحرميه

[صفحه 179]

حين مدت يد الرسول جهارا
لک يا حسن خلعة علنيه


شاهدتها الالوف من کل أرض
فروي نشرها البقاع القصيه


وبآذاننا تواتر هذا المجد د أقراط فخره جوهريه

وذکر القصة القاضي الخفاجي الحنفي في شرح الشفا 489:3، والعدوي الحمزاوي في کنز المطالب ص 188 وفيه: فمد يده الشريفة من الشباک فقبلها. وابن درويش الحوت في اسني المطالب ص 299 وقال: إذا أکرم الله عبدا برؤية رسول الله صلي الله عليه وسلم يقظه يمثل له نوره الشريف بصورة جسمه الکريم وربما ظنه الرائي انه الجسم الشريف لغلبة الحال، ومن ذلک ما وقع لسيدنا الرفاعي رضي الله عنه. الخ.

قال الاميني: لا تهمنا رؤية السيد الرفاعي يد النبي الشريفة وتقبيله إياها وقد جاء القوم بأعظم وأعظم منها، هذا الشيخ عبدالقادر الجيلاني استصحبه رسول الله صلي الله عليه وسلم ليلة المعراج[3] وهذا جلال الدين السيوطي وقد رأي نفس النبي الاقدس في اليقظة بضعا وسبعين مرة، وروي آخر عنه صلي الله عليه وآله أحاديث، وکان آخر يشاوره في اموره قال الشيخ حسن العدوي الحمزاوي في مشارق الانوار، وکنز المطالب ص 197 نقلا عن (بهجة النفوس والاسماع) للشعراني عند نقله لمزايا الکمال: منها شدة قربهم من رسول الله صلي الله عليه وسلم کل وقت فلا يکاد يحجب عنهم في ليل أو نهار حتي أن بعضهم صحح عنده أحاديث عنه صلي الله عليه وسلم قال بعض الحفاظ بضعفها من طريق النقل الظاهر فتقوت بذلک عنده. قال: وقد أدرکت جماعة ممن لهم هذا المقام منهم سيدي علي الخواص[4] والسيد علي المرصفي وأخي أفضل الدين، والشيخ جلال الدين السيوطي، والشيخ نور الدين الشوتي، والشيخ محمد الصوفي ببلاد الفيوم رضي الله عنهم اجمعين.

قال: وکان الشيخ نور الدين الشوتي يشاور رسول الله صلي الله عليه وسلم في اموره، وهي ومن جملة ما شاوره فيه حفر البئر التي في زاويتنا فاننا حفرنا ثلاثة آبار وهي تطلع

[صفحه 180]

فاسدة وماؤها منتن. فقال له صلي الله عليه وسلم: قال لهم: يحفروا في باب الحوش ففعلنا فطلعت بئرا عظيمة وماؤها حلو، فالحمد لله رب العالمين.

إقرأ واسأل العقل السليم، وذلک فضل الله يؤتيه من يشاء من عباده.


صفحه 175، 176، 177، 178، 179، 180.








  1. ولد 512 بقرية حسن من أعمال واسط وتوفي 578 توجد ترجمته في غير واحد من معاجم التراجم وأفرد فيها أحمد عزت پاشا العمري الموصلي کتابا أسماه (العقود الجوهرية في مدائح الحضرة الرفاعية) طبع بمصر في المطبعة البهية سنة 1306 في 139 صفحة.
  2. نسبهما والقصة برمتها صاحب (تفريح الخاطر) إلي الشيخ عبدالقادر الجيلاني، ولا ضير في کل عز ومختلق مهما کانت الغاية تفريح الخاطر غلوا في الفضائل، بعد الغض عن حکم العقل والشرع والمنطق.
  3. راجع کتاب تفريح الخاطر في ترجمته.
  4. ترجمه الشعراني في طبقاته الکبري 135:2 تا 153 وبدء ترجمته بقوله: کان رضي الله عنه يتکلم عن معاني القران العظيم والسنة الشريفة کلاما نفيسا تحير فيه العلماء وکان محل کشفه اللوح المحفوظ عن المحو والاثبات. وقد أکثر في تلکم الصفحات من هذه المخاريق فراجع.