حلق اللحية لله











حلق اللحية لله



أخرج الحافظ أبونعيم في حلية الاولياء 370:10 قال: سمعت أبا نصر يقول: سمعت أحمد بن محمد النهاوندي يقول: مات للشبلي[1] إبن کان إسمه غالبا، فجزت امه شعرها عليه، وکان للشبلي لحية کبيرة فأمر بحلق الجميع، فقيل له: يا استاذ! ما حملک علي هذا؟ فقال: جزت هذه شعرها علي مفقود، فکيف لا أحلق لحيتي أنا علي موجود؟

قال الاميني: أهلا بالناسک الفقيه، ومرحبا بالاولياء أمثال هذا المتخلع الجاهل بحکم الشريعة، وزه بمدون أخبارهم، ومنتفي آثار الاوحديين منهم کأبي نعيم، کيف خفي علي هذا الفقيه البارع في مذهب مالک فتوي مالک وحرمة حلق اللحية، وإصفاق بقية الائمة معه علي ذلک؟ کيف خفي عليه الحکم؟ وهو ذلک الفقيه المتضلع الذي أجاب في دم الحيض المشتبه بدم الاستحاضة بثمانية عشر جوابا للعلماء، وقد جالس الفقهاء عشرين سنة؟[2] وهلا وقف وهو مدرس الحديث عشرين عاما علي المأثورات النبوية الدالة علي حرمة حلق اللحية المروية من عدة طرق؟ منها:

1- عن عائشة مرفوعا: عشر من الفطرة فذکر منها: اعفاء اللحية. وجاء

[صفحه 150]

من طريق أبي هريرة أيضا.

صحيح مسلم 153:1، سنن البيهقي: 149، سنن ابي داود 10 و 9: 1، صحيح الترمذي 216:10، مشکل الاثار 297:1، المعتصر من المختصر 220:2، طرح التثريب 73:1، نيل الاوطار 135:1 عن احمد ومسلم والنسائي والترمذي.

2- عن ابن عمر مرفوعا: اعفوا اللحي، واحفوا الشوارب، خالفوا المشرکين. صحيح مسلم 153:1، سنن النسائي 16:1، جامع الترمذي 221:10 بلفظ: احفوا الشوارب واعفوا اللحي، سنن البيهقي 149:1 عن الصحيحين، المحلي لابن حزم 222:2، تاريخ الخطيب 345:4.

3- عن ابن عمر مرفوعا: خالفوا المشرکين، وفروا اللحي، واحفوا الشوارب. أخرجه البخاري في صحيحه، ومسلم في الصحيح 153:1 بلفظ: خالفوا المشرکين، وحفوا الشوارب واوقوا اللحي. سنن البيهقي 150:1، نيل الاوطار 141:1 قال: متفق عليه.

4- عن ابي هريرة مرفوعا: جزو الشوارب، وارخو اللحي، وخالفوا المجوس صحيح مسلم 153:1، سنن البيهقي 150:1، تاريخ الخطيب 317:5 بلفظ: احفوا الشوارب واعفوا اللحي، زاد المعاد لابن القيم 63:1 بلفظ: قصوا الشوارب. وفي ص 64 بلفظ: جزوا الشوارب. نيل الاوطار 141:1 عن احمد ومسلم.

5- عن ابن عمر قال: إن رسول الله صلي الله عليه وسلم أمر باحفاء الشوارب واعفاء اللحي. صحيح مسلم 153:1، صحيح الترمذي 221:10، سنن ابي داود 195:2، سنن البيهقي 151:1.

6- عن أبي امامة قال: قلنا: يا رسول الله! إن أهل الکتاب يقصون عثانينهم[3] ويوفرون سبالهم فقال: قصوا سبالکم، ووفروا عثانينکم، وخالفوا أهل الکتاب. أخرجه احمد في المسند 264:5.

7- من حديث ابن عمر في المجوس: إنهم يوفرون سبالهم، ويحلقون لحاهم، فخالفوهم.

أخرجه ابن حبان في صحيحه کما ذکره العراقي في تخريج الاحياء للغزالي المطبوع في ذيله ج 1 ص 146.

8- عن أنس: احفوا الشوارب، واعفوا اللحي، ولا تشبهوا باليهود. أخرجه الطحاوي کما في شرح راموز الحديث: 141:1.

9- عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: إن النبي صلي الله عليه وسلم کان يأخذ من لحيته

[صفحه 151]

من عرضها وطولها.

صحيح الترمذي 220:10.

وکيف عزب عن الشبلي ما ذهب إليه القوم من أن حلق اللحية من تغيير خلق الله الوارد في قوله تعالي: ولآمرنهم فليغيرن خلق الله.[4] وقد أفرط جمع في الاخذ به فقال بحرمة حلق اللحية والشارب للمرأة ايضا.

قال الطبري: لا يجوز للمرأة تغيير شيئ من خلقتها التي خلقها الله عليها بزيادة أو نقص التماس الحسن لا للزوج ولا لغيره، کمن تکون مقرونة الحاجبين فتزيل ما بينهما توهم البلج أو عکسه، ومن تکون لها سن زائدة فتقلعها، أو طويلة فتقطع منها، أو لحية أو شارب أو عنفقة فتزيلها بالنتف، ومن يکون شعرها قصيرا أو حقيرا فتطوله أو تغزره بشعر غيرها، فکل ذلک داخل في النهي، وهو من تغيير خلق الله تعالي. قال: ويستثني من ذلک ما يحصل به الضرر والاذية کمن يکون لها سن زائدة أو طويلة تعيقها في الاکل، أو إصبع زائدة تؤذيها أو تؤلمها فيجوز ذلک، والرجل في هذا الاخير کالمرأة.[5] وقال القرطبي في تفسيره 393:5 في تفسير الآية: لا يجوز لها (للمرأة) حلق لحية أو شارب أو عنفقة إن نبتت لها، لان کل ذلک تغيير خلق الله.

وکيف خفي علي الشبلي ما انتهي إلي ابن حزم الظاهري من الاجماع الذي نقله في کتابه (مراتب الاجماع) ص 157 علي ان حلق جميع اللحية مثلة لا تجوز، ولا سيما للخليفة، والفاضل، والعالم، وعد في ص 52 ناتف اللحية ممن لا تقبل شهادته.

وهلم إلي کلمات أعلام الفقه:

1- قال الحافظ العراقي في طرح التثريب 83:1: من خصال الفطرة إعفاء اللحية، وهو توفير شعرها وتکثيره، وإنه لا يؤخذ منه کالشارب. من عفا الشيئ إذا کثر وزاد. وفي الصحيحين من حديث ابن عمر الامر بذلک (اعفوا اللحي) وفي رواية: اوفوا. وفي رواية: وفروا. وفي رواية: ارخوا وهي بالخاء المعجمة علي المشهور وقيل بالجيم. من الترک والتأخير، وأصله الهمزة فحذف تخفيفا کقوله: ترجي من تشاء منهن.

[صفحه 152]

واستدل به الجمهور علي أن الاولي ترک اللحية علي حالها، وأن لا يقطع منها شيئ وهو قول الشافعي وأصحابه، وقال القاضي عياض: يکره حلقها وقصها وتحريقها. وقال القرطبي في المفهم: لا يجوز حلقها ولا نتفها ولا قص الکثير منها قال القاضي عياض: وأما الاخذ من طولها فحسن. قال: وتکره الشهرة في تعظيمها کما يکره في قصها، وجزها قال: وقد اختلف السلف هل لذلک حد: فمنهم من لم يحدد شيئا في ذلک إلا أنه لا يترکها لحد الشهرة ويأخذ منها، وکره مالک طولها جدا، ومنهم من حدد بمازاد علي القبضة فيزال، ومنهم من کره الاخذ منها إلا في حج أو عمرة.

2- قال الغزالي في الاحياء 146:1: قوله صلي الله عليه وسلم: اعفوا اللحي. أي کثروها وفي الخبر: إن اليهود يعفون شواربهم، ويقصون لحاهم، فخالفوهم وکره بعض العلماء الحلق ورآه بدعة. وقال في ص 148: وقد اختلفوا فيما طال منها فقيل: إن قبض الرجل علي لحيته وأخذ ما فضل عن القبضة فلا بأس، فقد فعله ابن عمر وجماعة من التابعين، واستحسنه الشعبي وابن سيرين، وکرهه الحسن وقتادة وقالا: ترکها عافية احب لقوله صلي الله عليه وسلم: اعفوا اللحي. والامر في هذا قريب إن لم ينته إلي تقصيص اللحية وتدويرها من الجوانب، فإن الطول المفرط قد يشوه الخلقة ويطلق ألسنة المغتابين بالنبز إليه، فلا بأس بالاحتراز عنه علي هذه النية.

3- قال ابن حجر في فتح الباري 288:10 عند ذکر حديث نافع: کان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض علي لحيته فما فضل أخذه: الذي يظهر أن ابن عمر کان لا يخص هذا التخصيص بالنسک، بل کان يحمل الامر بالاعفاء علي غير الحالة التي تشوه فيها الصورة بإفراط طول شعر اللحية أو عرضه، فقد قال الطبري: ذهب قوم إلي ظاهر الحديث فکرهوا تناول شيئ من اللحية من طولها ومن عرضها، وقال قوم: إذا زاد علي القبضة يؤخذ الزائد، ثم ساق بسنده إلي ابن عمر انه فعل ذلک، وإلي عمر انه فعل ذلک برجل، ومن طريق أبي هريرة انه فعله، وأخرج ابوداود من حديث جابر بسند حسن قال: کنا نعفي السبال إلا في حج أو عمرة. وقوله: نعفي. بضم اوله وتشديد الفاء أي نترکه وافرا، وهذا يؤيد ما نقل عن ابن عمر فإن السبال بکسر المهملة وتخفيف الموحدة جمع سبلة بفتحتين وهي ما طال من شعر اللحية فأشار جابر

[صفحه 153]

إلي أنهم يقصرون منها في النسک ثم حکي الطبري اختلافا فيما يؤخذ من اللحية، هل له حد أم لا؟ فأسند عن جماعة الاقتصار علي أخذ الذي يزيد منها علي قدر الکف، وعن الحسن البصري: انه يؤخذ من طولها وعرضها ما لم يفحش، وعن عطاء نحوه قال: وحمل هؤلاء النهي علي منع ما کانت الاعاجم تفعله من قصها وتخفيفها، قال: وکره آخرون التعرض لها إلا في حج أو عمرة، وأسنده عن جماعة واختار قول عطاء، وقال: إن الرجل لو ترک لحيته لا يتعرض لها حتي أفحش طولها وعرضها لعرض نفسه لمن يسخر به، واستدل بحدث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبي صلي الله عليه وسلم کان يأخذ من لحيته من عرضها وطولها، وهذا أخرجه الترمذي، ونقل عن البخاري انه قال في رواية عمر بن هارون: لا أعلم له حديثا منکرا إلا هذا، وقد ضعف عمر بن هارون مطلقا جماعة.

وقال عياض: يکره حلق اللحية وقصها وتجذيفها، وأما الاخذ من طولها وعرضها إذا عظمت فحسن، بل تکره الشهرة في تعظيمها کما يکره في تقصيرها کذا قال: وتعقبه النووي بانه خلاف ظاهر الخبر في الامر بتوفيرها قال: والمختار ترکها علي حالها وأن لا يتعرض لها بتقصير ولا غيره. وکان مراده بذلک في غير النسک لان الشافعي نقص علي استحبابه فيه.

وقال في ص 289: أنکر ابن التين ظاهر ما نقل عن ابن عمر فقال: ليس المراد أنه کان يقتصر علي قدر القبضة من لحيته بل کان يمسک عليها فيزيل ما شذ منها فيمسک من أسفل ذقنه بأصابعه الاربعة ملتصقة فيأخذ ما سفل عن ذلک ليتساوي طول لحيته، قال أبوشامة: وقد حدث قوم يحلقون لحاهم وهو أشد مما نقل عن المجوس انهم کانوا يقصونها. وقال النووي: يستثني من الامر باعفاء اللحي ما لو نبتت للمرأة لحية فانه يستحب لها حلقها، وکذا لو نبت لها شارب أو عنفقة.

4- قال المناوي في (فيض القدير) 198:1: اعفوا اللحي وفروها، فلا يجوز حلقها ولا نتفها، ولا قص الکثير منها، کذا في التنقيح، ثم زاد الامر تأکيدا مشيرا إلي العلة بقوله: ولا تشبهوا باليهود في زيهم الذي هو عکس ذلک، وفي خبر ابن حبان بدل اليهود: المجوس. وفي آخر: المشرکين. وفي آخر: آل کسري. قال الحافظ العراقي:

[صفحه 154]

والمشهور أنه من فعل المجوس فيکره الاخذ من اللحية، واختلف السلف فيما طال منها فقيل: لا بأس أن يقبص عليها ويقص ما تحت القبضة کما فعله إبن عمر، ثم جمع من التابعين واستحسنه الشعبي وابن سيرين، وکرهه الحسن وقتادة، والاصح کراهة أخذ مالم يتشعث ويخرج عن السمت مطلقا.

5- قال السيد علي القاري في شرح الشفا للقاضي:[6] حلق اللحية منهي عنه، وأما إذا طالت زيادة علي القبضة فله أخذها. 6

- في شرح الخفاجي علي الشفا 343:1: وتقصير اللحية حسن کما مر، و هيئته تحصل بقص ما زاد علي القبضة، ويؤخذ من طولها ايضا، وأما حلقها فمهني عنه لانه عادة المشرکين.

7- قال الشوکاني في [نيل الاوطار] 136:1: اعفاء اللحية توفيرها کما في القاموس، وفي رواية للبخاري: وفروا اللحي. وفي رواية اخري لمسلم: اوفوا اللحي. وهو بمعناه، وکان من عادة الفرس قص اللحية فنهي الشارع عن ذلک وأمر باعفائها. قال القاضي عياض: يکره حلق اللحية وقصها وتحريقها، وأما الاخذ من طولها وعرضها فحسن. ثم نقل الاقوال في حد ما زاد.

وقال في ص 142: قد حصل من مجموع الاحاديث خمس روايات: اعفوا. واوقوا. وأرخوا. وارجوا. ووفروا. ومعناها کلها ترکها علي حالها. قوله: خالفوا المجوس. قد سبق انه کان من عادة الفرس قص اللحية فنهي الشرع عن ذلک.

8- في شرح راموز الحديث 141:1: أشار إلي العلة في خبر ابن حبان: المجوس بدل اليهود، وفي آخر: المشرکين. وفي اخري: کسري. قال العراقي: المشهور: انه فعل المجوس، فکره الاخذ من اللحية، واختلف السلف فيما طال. ثم نقل الاقوال التي ذکرناها.

9- أحسن کلمة تجمع شتات الفتاوي وآراء ائمة المذاهب في المسألة ما أفاده الاستاذ محفوظ في (الابداع في مضار الابتداع)[7] ص 405 قال: ومن أقبح العادات ما اعتاده

[صفحه 155]

الناس اليوم من حلق اللحية وتوقير الشارب، وهذه البدعة کالتي قبلها سرت إلي المصريين من مخالطة الاجانب واستحسان عوائدهم حتي استقبحوا محاسن دينهم وهجروا سنة نبيهم محمد صلي الله عليه وآله فعن إبن عمر رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وآله قال: خالفوا المشرکين وفروا اللحي واحفوا الشوارب. وکان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض علي لحيته فما فضل أخذه. رواه البخاري وروي مسلم عن ابن عمر إيضا عن النبي صلي الله عليه وآله قال: احفوا الشوارب واعفوا اللحي (إلي أن قال بعد ذکر عدة من أحاديث الباب): والاحاديث في ذلک کثيرة وکلها نص في وجوب توقير اللحية وحرمة حلقها والاخذ منها علي ما سيأتي.

ولا يخفي أن قوله: خالفوا المشرکين وقوله: خالفوا المجوس. يؤيدان الحرمة فقد أخرج أبوداود وابن حبان وصححه عن ابن عمر قال قال رسول الله صلي الله عليه وآله: من تشبه بقوم فهو منهم. وهو غاية في الزجر عن التشبه بالفساق أو بالکفار في أي شئ مما يختصون به من ملبوس أو هيأة، وفي ذلک خلاف العلماء منهم من قال بکفره وهو ظاهر الحديث. ومنهم من قال: لا يکفر ولکن يؤدب.

فهذان الحديثان بعد کونهما أمرين دالان علي أن هذا الصنع من هيآت الکفار الخاصة بهم إذ النهي إنما يکون عما يختصون به. فقد نهانا صلي الله عليه وآله عن التشبه بهم عاما في قوله: من تشبه. ومن افراد هذا العام حلق اللحية. وخاصا في قوله: وفروا اللحي خالفوا المجوس، خالفوا المشرکين.

ثم ما تقدم من الاحاديث ليس علي اطلاقه فقد روي الترمذي عن عبدالله بن عمرو بن العاص قال: کان رسول الله صلي الله عليه وآله يأخذ من لحيته من عرضها وطولها. وروي ابوداود والنسائي: ان ابن عمر کان يقبض علي لحيته فيقطع ما زاد علي الکف. وفي لفظ: ثم يقص ما تحت القبضة. وذکره البخاري تعليقا. فهذه الاحاديث تقيد ما رويناه آنفا. فيحمل الاعفاء علي إعفائها من أن يأخذ غالبها أو کلها.

وقد اتفقت المذاهب الاربعة علي وجوب توفير اللحية وحرمة حلقها والاخذ القريب منه.

الاول: مذهب الحنفية قال في (الدر المختار): ويحرم علي الرجل قطع لحيته

[صفحه 156]

وصرح في النهاية بوجوب قطع ما زاد علي القبضة (بالضم) وأما الاخذ منها وهي دون ذلک کما يفعله بعض المغاربة ومخنثة الرجال فلم يبحه أحد. وأخذ کلها فعل يهود الهند ومجوس الاعاجم اه د وقوله: وما وراء ذلک يجب قطعه. هکذا عن رسول الله صلي الله عليه وآله أنه کان يأخذ من اللحية من طولها وعرضها، کما رواه الامام الترمذي في جامعه، ومثل ذلک في أکثر کتب الحنفية.

الثاني: مذهب السادة المالکية حرمة حلق اللحية وکذا قصها إذا کان يحصل به مثلة. وأما إذا طالت قليلا وکان القص لا يحصل به مثلة فهو خلاف الاولي أو مکروه کما يؤخذ من شرح الرسالة لابي الحسن وحاشيته للعلامة العدوي رحمهم الله.

الثالث: مذهب السادة الشافعية، قال في شرح العباب: فائدة قال الشيخان: يکره حلق اللحية. واعترضه ابن الرفعة بأن الشافعي رضي الله عنه نص في الام علي التحريم. وقال الاذرعي: الصواب تحريم حلقها جملة لغير علة بها. اه د ومثله في حاشية ابن قاسم العبادي علي الکتاب المذکور.

الرابع: مذهب السادة الحنابلة نص في تحريم حلق اللحية. فمنهم من صرح بأن المعتمد حرمة حلقها. ومنهم من صرح بالحرمة ولم يحک خلافا کصاحب الانصاف، کما يعلم ذلک بالوقوف علي شرح المنتهي وشرح منظومة الآداب وغيرهما.

ومما تقدم تعلم أن حرمة حلق اللحية هي دين الله وشرعه الذي لم يشرع لخلقه سواه، وأن العمل علي غير ذلک سفه وضلالة، أو فسق وجهالة، أو غفلة عن هدي سيدنا محمد صلي الله عليه وآله

نعم: لم يکن الشبلي ولا الحافظ الذي يثني عليه بحلق لحيته في حب الله، ولا الحفاظ الآخرون الذين أطنبوا القول حول لحية أبي بکر الصديق محتاجين إلي اللحية، بل کانوا يفتقرون إلي عقل تام کما جاء فيما ذکره السمعاني في الانساب في (الرستمي) عن مطين بن احمد قال: رأيت النبي صلي الله عليه وسلم في المنام فقلت له: يا نبي الله! أشتهي لحية کبيرة. فقال: لحيتک جيدة وأنت محتاج إلي عقل تام.

[صفحه 157]


صفحه 150، 151، 152، 153، 154، 155، 156، 157.








  1. ابوبکر دلف بن جحدر فقيه عالم محدث توفي 5-334.
  2. راجع تهذيب التهذيب.
  3. جمع العثنون: اللحية.
  4. سورة النساء: 119.
  5. فتح الباري 310:10.
  6. هامش شرح الخفاجي 343:1.
  7. تأليف الاستاذ الکبير الشيخ علي محفوظ أحد مدرسي الازهر الشريف (الطبعة الرابعة).