الربيع يتكلم بعد الموت











الربيع يتکلم بعد الموت



عن ربعي بن خراش[1] العبسي قال: مرض أخي الربيع بن خراش فمرضته ثم مات فذهبنا نجهزه، فلما جئنا رفع الثوب عن وجهه ثم قال:السلام عليکم، قلنا: وعليک السلام، قدمت؟ قال: بلي ولکن لقيت بعدکم ربي ولقيني بروح وريحان ورب غير غضبان، ثم کساني ثيابا من سندس أخضر، وإني سألته أن يأذن لي أن ابشرکم فأذن لي، وإن الامر کما ترون، فسددوا وقاربوا، وبشروا و لا تنفروا.[2] .

وفي لفظ أبي نعيم: انه توفي أخي- ربيع بن حراش- فبينا نحن حوله وقد بعثنا من يبتاع له کفنا إذ کشف عن وجهه فقال:السلام عليکم. فقال القوم: وعليک السلام يا أخاه! عيشا بعد الموت؟ يعني حياة. قال: نعم إني لقيت ربي بعدکم فلقيت

[صفحه 114]

ربا غير غضبان، واستقبلني بروح وبريحان واستبرق، ألا وإن أبا القاسم صلي الله عليه وسلم ينتظر الصلاة علي، فعجلوا بي ولا تؤخروني، ثم کان بمنزلة حصاة رمي بها في الطست.[3] .

وفي لفظ: مات أخي الربيع فسجيته فضحک فقلت: يا أخي! أحياة بعد الموت؟ قال: لا، ولکني لقيت ربي فلقيني بروح وريحان ووجه غير غضبان، فقلت: کيف رأيت الامر؟ قال: أيسر مما تظنون، فذکر لعائشة فقالت: صدق ربعي سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول: من امتي من يتکلم بعد الموت.[4] .

قال الاميني: لست أدري لماذا استحال القوم القول بالرجعة، وليست هي إلا رجوع الحياة للميت بعد زهوق النفس، وهم يروون أمثال هذه الرواية وما مر في ص 103 مخبتين إليها من دون أي غمز بها، وإن مغزاها إلا من مصاديق الرجعة. نعم لهم أن يناقشوننا الحساب باقترابها من الموت وبعدها عنه، أو بطول أمدها وقصره، أو بقصر جوازها علي تأييد المذهب فحسب، أو بحصر نطاقها بغير العترة الطاهرة فقط، غير ان هذه کلها لا تؤثر في جوهرية الامکان، ولا تصيره محظورا غير سائغ عقلا أو شرعا.

وشتان بين قصة ابن حراش هذه وبين ما جاء به ابن سعد في طبقاته 273:3 عن سالم بن عبدالله بن عمر قال: سمعت رجلا من الانصار يقول: دعوت الله أن يريني عمر في النوم فرأيته بعد عشر سنين وهو يمسح العرق عن جبهته فقلت: يا أميرالمؤمنين! ما فعلت؟ فقال: الآن فرغت، ولولا رحمة ربي لهلکت. وذکره السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 99.

وأخرج ابن الجوزي في سيرة عمر ص 205 عن عبدالله بن عمر قال: رأي عمر في المنام فقال: کيف صنعت؟ قال: خيرا. کاد عرشي يهوي لو لا إني لقيت ربا غفورا.

فقال: منذ کم فارقتکم؟ فقلت: منذ أثنتي عشر سنة. فقال: إنما انفلت الآن من الحساب وروي نحوه الحافظ المحب الطبري في الرياض 80:2.

هذا عمر الخليفة وحراجة موقفه في الحساب، لا يستقبله ربه بروح وريحان، ولا يکسوه ثيابا من استبرق أخضر، ولا انتظر رسول الله صلي الله عليه وآله أن يصلي عليه، وقد انفلت

[صفحه 115]

من الحساب بعد اثنتي عشرة سنة، ولولا رحمة ربه لهلک. وذاک ابن حراش[5] وأمره الامر السريع، فانظر مآل الرجلين واحکم.


صفحه 114، 115.








  1. کذا بالمعجمة في غير واحد من المصادر والصحيح کما في تهذيب التهذيب: حراش. مهملة الاول.
  2. تاريخ ابن کثير 158:6، الروض الانف 370:2، صفة الصفوة 19:3.
  3. حلية الاولياء 212:3.
  4. الخصايص الکبري 149:2.
  5. لا يوجد له ذکر في معاجم التراجم.