الظبي يحبس بدعاء ابي مسلم











الظبي يحبس بدعاء ابي مسلم



أخرج إبن عساکر في تاريخه 317:7 عن بلال بن کعب قال: ربما قال الصبيان

[صفحه 112]

لابي مسلم الخولاني: ادع الله يحبس علينا هذا الظبي فيدعو الله فيحبسه حتي يأخذوه بأيديهم.

قال الاميني: لقد راق القوم أن لا يدعوا للانبياء والرسل معجزة أو آية إلا و سحبوها إلي من أحبوه من رجال عاديين، بل راقهم أن يثبتوا لاوليائهم کل شئ أباحه العقل أو أحاله، أنا لا أدري أيريدون بذلک تخفيضا من مقام الرسل؟ أو ترفيعا لهؤلاء؟! وأياما أرادوا فحسب رواة السوء رواية غير المعقول، وخلط الحابل بالنابل.

أتعرف أبا مسلم الخولاني صاحب هذه الخزعبلات؟ أتدري لماذا استحق الرجل بنسج هذه الکرامات له علي نول الافتعال؟ أتصدق أن يکون تحت راية ابن هند في الفئة الباغية رجل إلهي يؤمن به وبايمانه، ويصدق زلفاه إلي ربه، فضلا عن أن يکون صاحب حفاوة وکرامة؟!؟! أتزعم أن تربي قاعة الشام في عصر معاوية إنسانا يعرف ربه، ويکون من أمره علي بصيرة، ولا تزحزحه عن سبيل الحق والرشاد رضايخ ذلک الملک العضوض؟! نعم إنما نسجت يد الاختلاق هذه المفتعلات کوسام لابي مسلم شکرا علي تقدمه في ولاء أبناء بيت امية، وعداءه المحتدم لاهل بيت الوحي، کان الرجل عثمانيا اموي النزعة، خارجا علي إمام زمانه تحت راية القاسطين، وهو القائل: يا أهل المدينة! کنتم بين قاتل وخاذل، فکلا جزي الله شرا، ياأهل المدينة! لانتم شر من ثمود إن ثمود قتلوا ناقة الله، وأنتم قتلتم خليفة الله، وخليفة الله اکرم عليه من ناقته.

وهو الذي کان سفير معاوية إلي علي في حرب صفين، وقد أتي ببعض کتبه إلي الامام عليه السلام ولما أقام عليه السلام عليه الحجة وأفحمه فخرج وهو يقول:

الآن طاب الضراب وهو الذي کان يرتجز يوم صفين ويقول:

ما علتي ما علتي. وقد لبست درعتي. أموت عند طاعتي؟![1] .

أتري من يموت في طاعة ابن هند، ويرکض وراء أهوائه وشهواته، ويتخذه إماما متبعا في أفعاله وتروکه، ويحارب إمام زمانه المطهر بلسان الله تعالي ولم يعرفه، ويضرب الصفح عما جاء عن رسول الله صلي الله عليه وآله في حرب علي عليه السلام وسلمه عامة، وفي

[صفحه 113]

قتاله يوم صفين خاصة، وتکون له خطوات واسعة وأشواط بعيدة في تلکم البوائق المدلهمة، والمواقف الموبقة، توهب له من المولي سبحانه وتعالي تلک المنزلة الرفيعة من الکرامة التي تضاهي منازل الانبياء، ويقصر عنها مقام کل ولي صادق؟! لا ها الله، إن هي إلا اختلاق، لا تساعدها البرهنة الصادقة، ولا يسوغها الاسلام ومبانيه ومباديه، ولا يقبلها العقل والمنطق.

قاتل الله العصبية العمياء، إلي أي هوة من التعاسة والانحطاط تحدو البشر؟ تجعل أبا مسلم الشامي الخارجي الباغي المحارب إمام وقته زاهدا عابدا ناسکا ذا کرامات ومقامات، وتعرف سيد غفار أشبه الناس بعيسي بن مريم زهدا وهديا وبرا ونسکا، الممدوح بلسان النبي الاعظم[2] شيوعيا اشتراکيا يموت في المعتقل غفرانک اللهم وإليک المصير.


صفحه 112، 113.








  1. صفين نصر بن مزاحم 95 تا 98، تاريخ ابن عساکر 319:7، شرح ابن ابي الحديد 408:3.
  2. راجع الجزء الثامن ص 324 -315 ط 1.