شرح بعض ألفاظ حديث الثقلين











شرح بعض ألفاظ حديث الثقلين



(فيهما شرح حديث الثقلين و تحقيق لطيف من کبار علماء السنة) قال العلامة شرف الدين حسن بن محمد بن عبيد الله الطيبي المتوفي سنة 743 في کتابه (الکاشف) شرح المشکاة عند شرحه الحديث السادس من الفصل الاول

[صفحه 104]

و هو حديث رواه زيد بن أرقم من حديث الثقلين زيد قوله الثقلين، الثقل المتاع المحمول علي الدابة، و انما قيل للانس و الجن الثقلان لانهما قطان الارض فکانهما ثقلاها، و قد شبه بهما الکتاب و العترة لان يستصلح بهما و يعمر کما عمرت الدنيا بالثقلين، (و قيل) سماهما ثقلين لان الاخذ بهما و العمل بهما ثقيل (و قيل) في تفسير قوله تعالي: (انا سنلقي عليک قولا ثقيلا) أي أوأمر الله و نواهيه، لانه لا تؤدي الا بتکلف ما يثقل، و قيل (قولا ثقيلا) أي له وزن و سمي الجن و الانس ثقلين لانهما فضلا بالتيميز علي سائر الحيوان و کل شيء له وزن و قدر يتنافس فيه فهو ثقل، قوله (أذکرکم الله في أهل بيتي أي أحذرکم الله في شأن أهل بيتي و أقول لکم لا تؤذوهم و احفظوهم و التذکير بمعني الوعظ، يدل عليه قوله، و وعظ و ذکر.

و قال: الفصل الثاني: الاول جابر (أي الحديث الاول و هو حديث رواه جابر) قوله (و عترتي أهل بيتي) عترة الرجل أهل بيته و رهطه الادنون و لاستعمالهم (أي العرب) علي أنحاء کثيرة بينها رسول الله صلي الله عليه و اله ليعلم أنه أراد بذلک نسله و عصابته الادنين (ثم قال): الثاني زيد قوله ما إن تمسکتم به، ما الموصولة، و الجملة الشرطية صلتها، و إمساک الشيئ التعلق به و حفظه قال الله تعالي (و يمسک السماء أن تقع علي الارض) و استمسک الشيئ إذا تحري الامساک به و لهذا لما ذکر التمسک عقبه بالمتمسک به صريحا و هو الحبل في قوله (کتاب الله حبل ممدود من السماء إلي الارض) و فيه تلويح إلي معني قوله تعلي (و لو شئنا لرفعناه بها لکنه أخلد إلي الارض و أتبع هواه) کأن الناس واقعون في مهواة طبيعتهم مشتغلون بشهواتها، و ان الله تعالي يريد بلطفه رفعهم، فيدني حبل القرآن إليهم، ليخلصهم من تلک الورطة فمن تمسک به نجا، و من أخلد إلي الارض هلک، و معني التمسک بالقرآن العمل بما فيه، و هو الائتمار بأوامره

[صفحه 105]

و الانتهاء عن نواهيه، و التمسک بالعترة محبتهم و الاهتداء بهديهم و سيرتهم و قوله (إني تارک فيکم) إشارة ألي أنهما بمنزلة التوأمين الخلفين عن رسول الله صلي الله عليه و اله و أنه يوصي الامة بحسن المعاشرة معهما، و إيثار حقهما علي أنفسهم کما يوصي الاب المشفق لاولاده، و يعضده الحديث السابق في الفصل الاول (أذکرکم الله في أهل بيتي) کما يقول الاب المشفق الله الله في حق أولادي (قال) و معني کون أحدهما أعظم من الآخر أن القرآن مؤاساة للعترة و عليهم الاقتداء به و هم أولي الناس بالعمل بما فيه، و لعل السر في هذه الوصية و الاقتران بالقرآن إيجاب محبتهم لقوله تعالي (قل لا أسالکم عليه أجرا إلا المودة في القربي) فانه تعالي جعل شکر أنعامه و أحسانه بالقرآن منوطا بمحبتهم علي سبيل الحصر و کأنه صلي الله عليه و اله يوصي الامة بقيام الشکر و قيد تلک النعمة به، و يحذرهم عن الکفران فمن قام بالوصية و شکر تلک الصنيعة بحسن الخلافة بينهما لن يتفرقا، فلا يفارقانه في مواطن القيامة ومشاهدها حتي يردا الحوض فيشکرا صنيعه عند رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم فحينئذ هو بنفسه کافيه، و الله يجازيه الجزاء الاوفي و من أضاع الوصية و کفر النعمة فحکمه بالعکس، و علي هذا التأويل حسن موقع قوله (أنظروا کيف تخلفوني فيهما) و النظر بمعني التأمل و التفکر أي تفکروا و استعملوا الرؤية في استخلافي إياکم، هل تکونون خلف صدق أو خلف سوء.


صفحه 104، 105.