جملة مما روي عن قضاياه في ايام خلافته











جملة مما روي عن قضاياه في ايام خلافته



وکان من قضاياه عليه السلام بعد بيعة العامّة له ومضي عثمان ابن عَفّان علي ما رواه أهل النقل من حملة الآثار: أنّ امرأةً ولدت علي فراش زوجها ولداً له بدنان ورأسان علي حَقْوٍ[1] واحد، فالتبسر الأمر علي أهله أهو واحد أم اثنان؟ فصاروا إِلي أميرالمؤمنين عليه السلام يسألونه عن ذلک ليعرفوا الحکم فيه، فقال لهم أميرالمؤمنين عليه السلام: «اعتبروه إِذا نام ثمّ أنبهوا أحد البدنين والرأسين، فإِن انتبها جميعاً معاً في حالة واحدة فهما إِنسان واحد، وإن استيقظ أحدهما والاخر نائم، فهما

[صفحه 213]

اثنان وحقّهما من الميراث حقّ اثنين»[2] .

وروي الحسن بن علي العبدي، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ ابن نُباتَة قال: بينا شرَيح في مجلس القضاء إِذ جاءه شخص فقال: يا أبا أُميّة أخْلِني فإِنّ لي حاجة، قال فأمر من حوله أن يخِفّوا عنه، فانصرفوا وبقي خاصّةُ من حضر، فقال له: اذکر حاجتک، فقال: يا أبا أمية إِنّ لي ما للرجال وما للنساء، فما الَحکم عندک فيَّ أرجلٌ أنا أم امرأة؟ فقال له: قد سمعت من أميرالمؤمنين عليه السلام في ذلک قضيةً أنا أذکرها، خبّرني عن البول من أيّ الفرجين يخرج؟ قال الشخص: من کليهما، قال: فمن أيّهما ينقطع؟ قال: منهما معاً، فتعجّب شُرَيح، فقال الشخص: سأُورد عليک من امري ما هو أعجب، قال شُرَيح: وما ذاک؟ قال: زوّجني أبي علي أنّني امرأة فحملت من الزوج، وابتعطَ جاريةً تخدمني فأفضيت إِليها فحملت منّي.

قال: فضرب شرَيح إِحدي يدَيْه علي الاخري متعجّباً وقال: هذا أمر لا بد من إِنهائه إِلي أميرالمؤمنين عليه السلام، فلا علم لي بالحکم فيه. فقام وتبعه الشخص ومن حضرمعه حتّي دخل علي أميرالمؤمنين عليه السلام فقصّ عليه القصّة، فدعا أميرُ المؤمنين عليه السلام بالشخص فساله عمّا حکاه شُرَيح فأقرّ به، فقال له: «ومن زوجک؟» قال: فلان ابن فلان، وهو حاضر في المصر، فدُعي وسئل عمّا قال: فقال: صدق، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: «لأنت أجرأ من صائد الأسد، حين تقدم علي هذا الحال» ثمّ دعا قنبراً مولاه فقال:

[صفحه 214]

«أدخل هذا الشخص بيتاً ومعه أربع نسوة من العدول، ومرهن بتجريده وعَدّ أضلاعه بعد الاستيثاق من ستر فرجه» فقال الرجل: يا أميرالمؤمنين، ما آمن علي هذا الشخص الرجال والنساء، فأمر أن يشدّ عليه تُبّان[3] وأخلاه في بيت، ثمّ ولجه فعدّ أضلاعه، فکانت من الجانب الأيسر سبعة، ومن الجانب الأيمن ثمانية، فقال: «هذا رجل» وأمر بطمّ[4] شعره، وألبسه القلنسوة والنعلين والرداء، وفرّق بينه وبين الزوج[5] .

وروي بعض أهل النقل:انّه لمّا ادّعي الشخص ما ادّعاه من الفرجين، أمر أميرالمؤمنين عليه السلام عدلين من المسلمين أن يَحْضرا بيتا خالياً، وأحْضَرَ الشخصَ معهما، وأمر بنصب مِرآتين: أحدهما مقابلة لفرج الشخص والأخري مقابلة للمرآة الاُخري، وأمر الشخصَ بالکشف عن عورته في مقابلة المراة حيث لا يراه العدلان، وأمر العدلين بالنظر في المرآة المقابلة لها، فلمّا تحقّق العدلان صحّةَ ما ادّعاه الشخص من الفرجين، اعْتُبر حالُه بعدّ أضلاعه، فلمّا ألحقه بالرجال أهْمَلَ قولَه في ادعاء الحمل وألغاه ولم يَعْمَل به، وجعل حمل الجارية منه وألحقه به[6] .

[صفحه 215]

وروَوْا: أنّ أميرالمؤمنين عليه السلام دخل ذات يوم المسجد، فوجد شابّاً حَدَثاً يبکي وحوله قوم، فسأل أميرالمؤمنين عليه السلام عنه، فقال: إِنّ شُرَيحاً قضي عليَّ بقضية لم يُنْصِفْني فيها، قال: «وما شأنُک؟» قال: إِنّ هؤلاء النفر- وأومأ إِلي نفر حضُور- أخرجوا أبي معهم في سفر، فرجعوا ولم يَرْجع، فسألتهُم عنه فقالوا: مات، فسألشهم عن ماله الذي استصحبه، فقالوا: ما نَعْرِف له مالاً، فاستحلفهم شريح وتقدّم إِليّ بترک التعرّض لهم.

فقال أَمير المؤمنين عليه السلام لقَنْبَر: «إِجمع القوم وادعُ لي شُرَط الخميس»[7] ثمّ جلس ودعا النفروالحَدَث معهم، فسأله عمّا قال، فأعاد الدعوي وجعل يَبْکي ويقول: أنا والله أتّهمهم علي أبي يا أميرالمؤمنين، فإِنّهم احتالوا عليه حتي أخرجوه معهم، وطَمِعُوا في ماله. فسأل أميرالمؤمنين عليه السلام القوم، فقالوا کما قالوا لشريح: مات الرجل ولا نعرف له مالاً، فنظر في وجوههم ثمّ قال لهم: «ماذا؟ أتظنّون أني لا أعلم ما صنعتم بأبي هذا الفتي! إِنّي إذاً لقليل العلم».

ثمّ أمربهم أن يُفَرَّقوا، فَفُرِّقوا في المسجد، وأُقيم کلُّ رجل منهم إِلي جانب أُسطوانة من أساطين المسجد، ثم دعا عُبَيْدالله بن أبي رافع کاتبه يومئذ فقال له: «اجلس» ثمّ دعا واحداً منهم فقال له: «أخبرني ولا تَرْفَع صوتَک، في أيّ يوم خرجتم من منازلکم وأبو هذا الغلام معکم؟» فقال: في يوم کذا وکذا، فقال لعبيدالله: «أُکتب» ثم قال

[صفحه 216]

له: «في أيّ شهر کان؟» قال: في شهر کذا، قال: «أُکتب» ثمّ قال: «في أيّ سنة؟» قال: في سنة کذا، فکتب عُبَيْدالله ذلک، قال: «فبأيّ مرضٍ مات؟» قال: بمرض کذا، قال: «ففي أيّ منزل مات؟» قال: في موضع کذا، قال: «من غَسَله وکفّنه؟» قال: فلان، قال: «فبمَ کَفَّنتموه؟» قال: بکذا، قال: «فمن صلّي عليه؟» قال: فلان، قال: «فمن أدخله القبر؟» قال: فلان، وعُبَيْدالله بن أبي رافع يکتب ذلک کلّه، فلمّا انتهي إقرارُه إِلي دفنه، کبّر أميرالمؤمنين عليه السلام تکبيرةً سَمِعها أهلُ المسجد، ثمّ أمر بالرجل فرُدّ إلي مکانه.

ودعا بآخر من القوم فأجلسه بالقرب منه، ثُمّ سأله عمّا سأل الأول عنه، فأجاب بما خالف الأوّلَ في الکلام کلِّه. وعُبَيْدالله بن أبي رافع يکتب ذلک، فلمّا فرغ من سؤاله کبّرتکبيرةً سَمِعها أهلُ المسجد، ثمّ أمر بالرجلين جميعاً أن يُخْرَجا عن المسجد نحو الحَبْس[8] ، فيوقَفَ بهما علي بابه.

ئمّ دعا بثالث فسأله عمّا سأل الرجلين فحکي خلافَ ما قالا، وأثبِتَ ذلک عنه، ثمّ کبّر وأمر بإخراجه نحو صاحبَيْه.

ودعا برابع من القوم فاضطرب قولُه ولجلج، فوعَظه وخَوَّفه فاعترف أنّه وأصحابه قتلوا الرجل وأخذوا ماله، وأنّهم دفنوه في موضع کذا وکذا بالقُرب من الکوفة، فکبّرأميرُ المؤمنين عليه السلام وأمر به إِلي السِجْن.

واستدعي واحداً من القوم فقال له: «زَعَمْتَ أنّ الرجل مات

[صفحه 217]

حتفَ أَنفه وقد قتلتَه، اصْدُقني عن حالک، وإلاّ نکّلت بک، فقد وَضَحَ لي الحقّ في قِصّتکم» فاعترف من قتل الرجل بما اعترف به صاحبه، ثمّ دعا الباقين فاعترفوا عنده بالقتل وسقط في أَيَديهم، واتّفقت کلِمتُهم علي قتل الرجل وأَخذ ماله. فأمر من مضي مع بعضهم إلي موضع المال الذي دفنوه، فاستخرجه منه وسلّمه إلي الغلام ابنِ الرجل المقتول، ثمّ قال له: «ما الذي تريد؟ قد عرفکت ما صنع القوم بأبيک» قال: أُريد أن يکون القضاء بيني وبينهم بين يدي الله عزّوجلّ، وقد عفوتُ عن دمائهم في الدنيا، فدرأ عنهم أَميرُ المؤمنين عليه السلام حدَّ القتلِ وأنهکهم عقوبةً.

فقال شريح: يا أميرَ المؤمنين کيف هذا الحکم؟ فقال له: «إِنّ داود عليه السلام مَرّ بغلمان يلعبون وينادون بواحد منهم: يا ماتَ الدين قال: والغلامُ يُجيبهم، فدنا داودُ عليه السلام منهم فقال له: يا غلامُ ما اسمک؟ قال: اسمي ماتَ الدين، قال له داود: ومن سمّاک بهذا الاسم؟ قال: أُمّي، فقال له داود عليه السلام: وأين أُمّک؟ قال: في منزلها، فقال داود عليه المسلام: اِنطلق بنا إلي أمّک، فانطلق به إليها فاستخرجها من منزلها فخرجت، فقال: يا أَمة الله ما اسم ابنک هذا؟ قالت: اسمُه ماتَ الدين، قال لها داود: من سمّاه بهذا الاسم؟ قالت: أبوه قال: وما کان سبب ذلک؟ قالت: إنّه خرج في سفر له ومعه قوم، وأنا حامل بهذا الغلام، فانصرف القوم ولم ينصرف زوجي معهم، فسألتُهم عنه فقالوا: مات، فسألتهم عن ماله فقالوا: ما ترک مالاً، فقلت لهم: فهل وصّاکم بوصيةٍ؟ قالوا: زعم أنّکِ حُبلي، فإن ولدتِ جاريةً أو غلاماً فسمّيه ماتَ الدين، فسمّيته کما

[صفحه 218]

وصّي ولم أُحِبّ خلافَه، فقال لها داود عليه السلام: فهل تَعرِفين القوم؟ قالت: نعم، قال لها داود: اِنطلقي مع هؤلاء- يعني قوماً بين يديه-فاستخرجيهم من منازلهم، فلمّا حضروه حکم فيهم بهذه الحکومة، فثبت عليهم الدم، واستخرج منهم المال، ثمّ قال لها: يا أَمةَ الله سمّي ابنَک هذا بعاشَ الدين»[9] .

ورووا:أن امرأة هَويت غلاماً فراوَدَتْه عن نفسه فامتنع الغلامُ، فمضت وأَخذت بيضةً فألقست بياضها علي ثويها، ثمّ عَلِقَتْ بالغلام ورَفعَتْه إلي أميرالمؤمنين عليه السلام وقالت: إِنّ هذا الغلام کابرني علي نفسي وقد فضحني، ثمّ أخذت ثيابها فأرَت بياضَ البيض وقالت: هذا ماؤه علي ثوبي، فجعل الغلام يبکي ويبرأ ممّا ادّعته وَيحلف، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام لقنبر: «مُرْ من يغلي ماءً حتي تشتدّ حرارتُه، ثمّ لتأتني به علي حاله» فجِيء بالماء، فقال: «ألقوه علي ثوب المرأة» فألقوه عليه فاجتمع بياض البيض والتأم، فأمر بأخذه ودفعه إلي رجلين من أصحابه فقال: «تَطَعّماه والفظاه» فتطعّماه فوجداه بيضاً، فأمر بتخلية الغلام وجلد المرأة عقوبةً علي ادعائها الباطل[10] .

وروي الحسن بن محبوب قال: حدّثني عبد الرحمن بن الحجاج

[صفحه 219]

قال: سمعت ابن أَبي ليلي يقول: قضي أميرالمؤمنين عليه السلام بقضيةٍ ما سبقه إليها أَحد، وذلک أَنَّ رجلين اصطحبا في سفرفجلسا يتغدّيان، فأخرج أَحدُهما خمسةَ أَرْغِفَة وأخْرج الاخَرُ ثلاثَةَ ارغفة، فمرَّ بهما رجلٌ فسلّم فقالا له: الغداء، فجلس معهما يأکل، فلمّا فَرَغ من أَکله رمي إليهما ثمانيةَ دراهم وقال لهما: هذه عوَضٌ عمّا أَکلتُ من طعامکما، فاختصما وقال صاحب الثلاثة: هذه نصفان بيننا، وقال صاحبُ الخمسة: بل لي خمسة ولک ثلاثة، فارتفعا إِلي أميرالمؤمنين عليه السلام وقصّا عليه القِصّة، فقال لهما: «هذا أَمرٌ فيه دَناءة، والخُصومة غيرُ جميلة فيه، والصلح أَحسن» فقال صاحبُ الثلاثة الأَرغفة: لست أَرضي إلاّ بمُرّ القضاء، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: «فإِذا کنتَ لا ترضي إلاّ بمُرّ القضاء، فإن لک واحداً من ثمانية ولصاحبک سبعة» فقال: سبحانَ الله، کيف صار هذا هکذا؟ فقال له: «أُخبرک، أليس کان لک ثلاثة أرغفة؟» قال: بلي، قال: «ولصاحبک خمسة أرغفة» قال: بلي، قال: «فهذه أربعة وعشرون ثُلثاً، أکلمت أنتَ ثمانية، وصاحبک ثمانية، والضيف ثمانية، فلما أعطاکم الثمانية کان لصاحبک سبعة، ولک واحد» فانصرف الرجلان علي بصيرة من أمرهما في القَضيّة[11] .

وروي علماءُ السيرة: أنّ أربعةَ نَفرٍ شَرِبوا المُسْکِر علي عَهْد أميرالمؤمنين عليه السلام فسَکِروا فتباعجوا بالسَکاکين، فنال الجِراحُ کلَّ

[صفحه 220]

واحدٍ منهم، ورُفِع خبرُهم إِلي أميرالمؤمنين عليه السلام فأمر بحبسهم حتي يفيقوا، فمات في الحبس منهم اثنان وبقي منهم اثنان، فجاء قوم الاثنين إِلي أميرالمؤمنين عليه السلام، فقالوا: أقِدْنا من هذين النفسين فإِنّهما قتلا صاحبَيْنا، فقال لهم: «وما علمکم بذلک؟ ولعلّ کلّ واحد منهما قتل صاحبه» فقالوا: لا ندري، فاحکُمْ فيها بما علّمک الله، فقال عليه المسلام: «دِيَة المقتولَيْن علي قبائل الأربعة بعد مُقاصّة الحيَّيْن منها بدية جِراحهما»[12] .

فکان ذلک هو الحکم الذي لا طريق إلي الحقّ في القضاء سواه، ألا تري أنّه لأ بَيّنة علي القاتل تُفْرِده من المقتول، ولا بَيّنة علي العَمْد في القتل، فلذلک کان القضاء فيه علي حکم الخطأ في القتل، واللَّبس في القاتل دون المقتول.

وروَوْا: أنّ ستةَ نَفر نزلوا في الفرات فتغاطّوا فيها لَعِباً، فغَرِق واحد منهم، فشَهِد اثنان علي ثلاثةٍ منهم أنّهم غرّقوه، وشَهد الثلاثة علي الاثنين أنّهما غَرّقاه، فقض عليه السلام بالدية أخماساً علي الخمسة النفر، ثلاثةٌ منها علي الاثنين بحساب الشهادة عليهما، وخُمسان علي الثلاثة بحساب الشهادة أيضاً. ولم يکن في ذلک قضيّة أحقّ بالصواب ممّا قضي به عليه السلام[13] .

[صفحه 221]

وروَوْا:أن رجلاً حضرته الوفاة فوصّي بجُزء من ماله ولم يُعَيّنه، فاختلف الوُرّاث بعده في ذلک، وترافعَوا إلي أميرالمؤمنين عليه السَلام فقضي عليهم بإخراج السُبع من ماله وتلا عليه السلام قولَه عزّ اسمه: (لَهَا سَبْعَةُ اَبْوَابٍ لِکُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْء مَقْسُومٌ)[14] [15] .

وقضي عليه السلام في رجل وَصّي عند الموت بسَهْم من ماله ولم يُبَيّنه، فلمّا مضي اختلف الوَرثة في معناه، فقضي عليه السلام بإِخراج الثًمن من ماله، وتلا قولَه جلت عَظَمته: (اِنّما ألصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء والمساکينِ وَالعَامِلينَ عَلَيْهَا)[16] إلي آخر الآية، وهم ثمانيةُ أصناف لکل صنفٍ منهم سَهْمٌ من الصدقات[17] .

وقضي عليه السلام في رجل وَصّي فقال: اعتقوا عني کلّ عبد قديم في ملْکي، فلمّا مات لم يَعْرِف الوصيّ ما يَصْنَع، فساله عن ذلک فقال: «يعْتِقَ عنه کلَّ عبدٍ له في ملکه ستّة أشهُر» وتلا قوله تعالي: (وَالْقَمَرَ قَدَرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّي عَادَ کَالْعُرْجُونِ الْقَديم)[18] وقد ثبت أنّ العُرْجون إنما ينتهي إلي الشبه بالهلال في تقوّسه وضؤولته بعد ستة

[صفحه 222]

شهُرمن أخذ الثمرة منه[19] .

وقضي عليه السلام في رجل نذرأن يصوم حيناً ولم يُسَمّ وقتاً بعينه، أن يصوم ستّة أشهر، وتلا قوله تعالي ذکره: (تُؤْتي أُکُلَهَا کُلَّ حينٍ بإِذْنِ رَبِّهَا)[20] وذلک في کلّ ستة أشهر[21] .

وجاءه رجل فقال: يا أميرالمؤمنين، إنّه کان بين يدي تمر، فبدرت زوجَتي فأخذت منه واحدةً فألقتها في فيها، فحلفْتُ أنها لا تأکلها ولا تَلْفِظها، فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: «تأکل نصفها وترمي نصفها، وقد تخلّصْتَ من يمينک»[22] .

وقضي عليه السلام في رجل ضرب امرأة فألقت عَلَقَةً أنّ عليه ديتها أربعين ديناراً، وتلا قوله عزّ وجلّ (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الأنْسَانَ مِنْ لسُلالَةٍ مِنْ طينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً في قَرارٍ مَکِين، ثُمَّ خَلَقْنَا ألنّطْفَةَ عَلَقَةً فخًلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فخلقنا المضْغَةَ عِظَاماً فَکَسَوْنَا الْعِظَلمَ لَحمَاً ثُمَّ أنْشأناه خَلْقاً آخَرَ فَتَبارَک اللهُ اَحْسَنُ الْخَالِقينَ )[23] ثمّ قال: «في النُطْفة عشرون ديناراً، وفي العَلَقَة أربعون ديناراً، وفي المُضْغَة ستّون ديناراً، وفي العَظْم قَبْلَ أن يستوي خَلْقاً ثمانون ديناراً، وفي الصورة قبل أن

[صفحه 223]

تلِجَها الروح مائةُ دينار، وإذا وَلجتها[24] الروح کان فيها ألفُ دينار»[25] .

فهذا طرف من ذکر قضاياه عليه السلام وأحکامه الغريبة التي لم يَقْضِ بها أحدٌ قبله، ولا عرفها من العامّة والخاصّة أحد إلاّ عنه، واتّفقت عترته علي العمل بها، ولو مُني غيره بالقول فيها لظهر عجزه عن الحقّ في ذلک، کما ظهر فيما هو أوضح منه، وفيما أثبتناه من قضاياه علي الاختصار کفاية فيما قصدناه إن شاء الله.


صفحه 213، 214، 215، 216، 217، 218، 219، 220، 221، 222، 223.








  1. الحقو: الخصر ومحل شد الإزار. «الصحاح- حقا- 6: 2317».
  2. مناقب آل أبي طالب 2: 375، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 257 / 40، و104: 354/3.
  3. التُبّان: سراويل صغيرة مقدار شبر، ليستر العورة المغلظة فقط. «الصحاح- تبن- 5: 2086».
  4. طم الشعر: قصّه. «الصحاح- طمم- 1976».
  5. روي نحوه في أخبار القضاة 2: 197، دعائم الإسلام 2: 287، الفقيه 4: 238 / 762، مناقب آل أبي طالب 2: 376، مناقب الخوارزمي: 101 / 105، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 258/ و 104: 1/353.
  6. مناقب ال أبي طالب 2: 376، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 259، و 104:354 / 2.
  7. في هامش «ش» و«م»: شرط الخميس کانوا خمسة آلاف رجل، اشترطوا مع أميرالمؤمنين عليه السلام أن يقاتلوا دونه حتي يقتلوا.
  8. في «م» وهامش «ش»: السجن.
  9. روي نحوه في الکافي 7: 371 / 8، الفقيه 3: 15 / 40، التهذيب 6: 316 / 875 مناقب آل أبي طالب 2: 379، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 259.
  10. کنز الفوائد 2: 183، ونحوه في الکافي 7: 422، التهذيب 6: 304 / 848، خصائص الرضي: 82 وفيها: في زمن خلافة عمر، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 263 / 31.
  11. روي نحوه في الکافي 7: 427 / 10، الفقيه 3: 23 / 64، الاختصاص: 107، التهذيب 6: 290 / 805، کنز الفوائد 2: 69، الاستيعاب 3: 41، مناقب آل أبي طالب 2: 52، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 363 / 32.
  12. ذکره باختلاف يسير في الفقيه 4: 87/ 280، تهذيب الأحکام 10: 240 / 955، وأورد نحوه في مناقب ال أبي طالب 2: 380، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 264 / 33، 104: 394 / 34.
  13. روي باختلاف يسير في الکافي 7: 284 / 6، الفقيه 4: 86 / 277، تهذيب الاحکام 10: 239 / 953، مناقب آل أبي طالب 2: 380، ونقله العلامة المجلسي في البحار40: 264 / ذح 33و 104: 395 / ذح 34.
  14. الحجر15: 44.
  15. روي نحوه في کنز الفوائد 2: 99، مناقب ال أبي طالب 2: 382، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 34/265.
  16. التوبة 9: 60.
  17. روي نحوه في کنز الفوائد 2: 99، مناقب آل أبي طالب 2: 382، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 265 / 34.
  18. يس 36: 39.
  19. کنز الفوائد 2: 99، مناقب آل أبي طالب 2: 382 باختلاف يسير، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 265.
  20. ابراهيم 14: 25.
  21. ورد مختصراً في تفسير العياشي 2: 224، مناقب آل أبي طالب 2: 382، ونقله العلامة المجلسي في البحار 40: 266 / ذح 34.
  22. نقله العلامة المجلسي في البحار 40: 35/266.
  23. المؤمنون 23: 12- 14.
  24. في الاصل: ولجها، واثبتنا ما في نسخة البحار.
  25. نقله العلامة المجلسي في البحار 40: 266/ ذ ح 35 و 104: 426 / 7.