انفاذه من قبل رسول الله للقضاء في اليمن
[صفحه 196] ثم رُفِع إِليه عليه السلام وهو باليَمَن في خبرزُبْيَةٍ[2] حفِرت للأَسد فوقع فيها، فغدا الناسُ ينظرون إِليه، فوقف علي شفير الزُبْية رجلٌ فزلَّت قدمُه فتعلّق تجأخر وتعلّق الآخر بثالث وتعلّق الثالث بالرابع، فوقعوا في الزُبية فدَقَّهم الأَسد وهلکوا جميعاً، فقضي عليه السلام أَنّ الأَوّلَ فريسةُ الأَسد وعليه ثلثُ الدِيَة للثاني، وعلي الثاني ثُلثا الدِيَة للثالث، وعلي الثالث الدِيَةُ کاملةً للرابع. وانتهي الخبرُ بذلک إِلي رسول اللّه صلي اللّهُ عليهِ وآلهِ فقال: «لقد قضي أبو الحسن فيهم بقضاء الله عزّوجلّ فوقَ عرشه»[3] . ثمّ رُفِع إليه خبرُ جارية حَمَلت جاريةً علي عاتقها عَبَثاً ولعِباً، فجاءت جاريةٌ أُخري فقَرَصتِ الحاملةَ فقَفَزَت[4] لقَرْصَتها فوَقَعتِ الراکبةُ فاندقَّتْ عنقها وهَلَکتْ، فقضي عليه السلام علي القارِصة بثُلثِ الدِيَة، وعلي القامِصة[5] بثُلُثها، وأسقط الثُلثَ الباقي بقُموص الراکبة لرکوب الواقِعة[6] عَبَثاً القامِصَةَ. وبلغ الخبرً بذلک إِلي النبيّ صلّي اللّه عليه واله فأمضاه وشَهِد له بالصواب به[7] . [صفحه 197] وقضي عليه السلام في قوم وَقَع عليهم حائطٌ فقَتَلهم، وکان في جمإعتهم امرأةٌ مملوکةٌ وأُخري حُرّة، وکان للحُرّة ولدٌ طِفلٌ من حُرٍّ، وللجارية المملوکةِ ولدٌ طفلٌ من مملوکٍ، فلم يُعْرَف الحُرُّ- من الطفلين- من المملوک، فقَرَع بينهما وحَکَم بالحُرّية لمن خَرَج سهم الحرية عليه منهما، وحکم بالرِّقِّ لمن خرج عليه سهمُ الرِّقّ منهما، ثمّ أَعتقه وجعله مولاه وحَکَم في ميراثهما بالحکم في الحرّ ومولاه. فأَمضي رسولُ الله صلّي اللّه عليه واله عليه هذا القضاء وصَوَّبه حسبَ إِمضائه ما أَسلفنا ذکرَه ووصفنا ه[8] .
ولمّا استقرّت به الدار باليمن، ونظر فيما نَدَبه إِليه رسولُ الله صلّ اللّه عليه واله من القضاء والحکم بين المسلمين، رفعَ إليه رجلان بينهما جاريةٌ يَملکان رِقَّها علي السواء، قد جَهِلا حظرَ وطْئها فوَطِئاها معاً في طُهْر واحد علي ظنّ منهما جواز ذلک لقرب عهدهما بالإسلام وقلّةِ معرفتهما بما تضمّنته الشريعةُ من الأحکام، فحَمَلتْ الجاريةُ ووَضَعَتْ غلاماً، فاختصما إليه فيه، فقَرَعَ علي الغلام باسميهما فخرجت القرعةُ لأحدهما فألحقَ الغلامَ به، وألزَمه نصفَ قيمته لأنّه کان عبداً لشريکه، وقال: «لو عَلِمتُ أنَّکما أقدمتُما علي ما فعلتماه بعد الحجّة عليکما بحَظْره لَبالغتُ في عقوبتکما» وبَلَغَ رسولَ الله صلّي اللّه عليه واله هذه القضيةُ فأَمضاها، وأقرَّ الحکمَ بها في الإسلامِ، وقال: «الحمدُ للّه الذي جَعَل فينا-أهلَ البيت- من يَقضي علي سنن داود عليه السلام وسبيله في القضاء» يعني القضاء بالإلهام الذي هوفي معني الوَحي، ونزولِ النصّ به أن لو نَزَلَ علي الصريح[1] .
صفحه 196، 197.