مناقب أميرالمؤمنين











مناقب أميرالمؤمنين



وفيما عددناه من مناقب أميرالمؤمنين عليه السلام بعد الذي تقدّم ذکره من ذلک فِي حجّة الوداع، أدلُّ دليل علي تخصّصه عليه السلام فيها بما لم يَشْرَکه فيه أحدٌ من الأنام، إذ کان کلّ واحد منه باباً من الفضل قائماً بنفسه، غيرَ محتاج في معناه إلي سواه.

ألا تري أنَ تحقّقَه عليه السلام بالنبي صلّي الله عليه وآله في مرضه إلي أن توفّاه الله يقتضي فضله في الدين والقُربي من النبي صلّي الله عليه واله بالأعمال المرضِيّة الموجِبة لسکونه إليه، وتعويلِه في أمره عليه، وانقطاعِه عن الکافّة في تدبير نفسه إليه، واختصاصه من مودّته بما لم يَشْرَکه فيه من عداه، ثمّ وصيّتِه إليه بما وصاه بعد أن عَرَض ذلک علي غيره فأباه، وتحمُّلِه أعباءَ حقوقه فيه وضمانِه للقيام به وأداءِ الأمانة فيما تولاّه، وتخصُّصهِ بأُخوّة رسول الله صلّي اللّه عليه وآله، وصُحبتهِ المرضيّة حين دعاه، وإيداعِه من علوم الدين ما أفرده به ممّن سواه، وتولّي غسلَه وجهازَه إلي اللّه،وسبقِ الکافّة إلي الصلاة عليه وتقدُّمِهم في ذلک لِمنزلته عنده وعند الله تعالي، ودلالةِ الاُمة علي کيفية

[صفحه 192]

الصلاة عليه، وقد التبس الأمرً عليهم في ذلک، وإرشاده لهم إلي موضع دفنه، مع الاختلاف الذي کان بينهم فيه، فانقادوا إلي ما دعاهم إليه من ذلک ورآه، فصار بذلک کلّه أوحداً في فضله، وأکمَلَ به من مآثره في الإسلام ما ابتدأه في أوَّله إلي وفاة النبي صلّي اللّه عليه وآله، وحَصَل له به نظامُ الفضائل علي الاتّساق، ولم يتخلَّلْ شيئاً من أعماله في الدين فتور[1] ، ولا شانَ فضلَه عليه السلام فيما عددناه قصورٌ عن غايةٍ في مناقب الإيمان وفضائل الإسلام، وهذا لاحِقٌ بالمعجز الباهر الخارق للعادات، وهو ممّا لا يوُجَد مثلُه إلاّ لنبيٍّ مُرْسَل أو مَلَک مقرَّب ومن لَحِقَ بهما في دَرَج الفضائل عند الله تعالي، إذ کانت العادة جارية فيمن عدا الأصناف الثلاثة بخلاف ذلک، علي الاتفاق من ذوي العقول، والألْسُن والعادات. واللّه نسأل التوفيقَ وبه نعتصم من الضَلال.


صفحه 192.








  1. في «م» و«ح» وهامش «ش». شوب.