تدبير البيعة لأبي بكر في سقيفة بني ساعدة











تدبير البيعة لأبي بکر في سقيفة بني ساعدة



وکان ذلک في يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدي عشرة من هجرته وهو اِبنُ ثلاث وستّين سنة.

ولم يَحْضر دفنَ رسول الله صلّي الله عليه وآله أَکثرُ الناس، لِما جري بين المهاجرين والأنصار من التشاجر في أمر الخلافة، وفات أکثرَهم إلصلاةُ عليه لذلک، وأصبَحَتْ فاطمة عليها السلام تنادي: «واسُوْءَ صباحاه» فسَمِعها أبو بکرٍ فقال لها: إِنّ صباحکِ لصباح سُوْء. واغتنم القومُ الفُرصة لشُغْل علي بن أبي طالب برسول الله صلّي اللّه عليه واله وانقطاع بني هاشم عنهم بمصابهم برسول الله صلّي اللّه عليه وآله، فتبادروا إلي ولاية الأَمر، واتّفق لأَبي بکرِ ما اتّفق لاختلافِ الأنصار فيما بينهم، وکراهةِ الطلقاء والمؤلّفة قلوبهُم من تأخُّر الأَمر حتّي يَفْرغ بنو هاشم، فيستقرّ الأمرُ مقرَّه، فبايعوا أبا بکرٍ لحضوره المکانَ، وکانت أسباب معروفة تيسر منها للقوم ما رامُوه، ليس هذا الکتاب موضعَ ذکرها فنَشرح القولَ فيها علي التفصيل.

وقد جاءت الرواية: أنّه لمّا تَمّ لأبي بکرٍ ما تَمّ وبايَعه من بايَع، جاء رجلٌ إلي أميرالمؤمنين عليه السلام وهو يُسوِّي قبرَ رسول اللّه صلّي الله عليه وآله بمِسحاةٍ في يده فقال له: إِنّ القومَ قد بايَعوا أبا بکر، ووقعت الخَذْلة في الأنصار لاختلافهم، وبَدَر الطلقاءُ بالعقد

[صفحه 190]

للرجل خوفاً من إدراککم الأمر. فوضع طَرَف المسحاة في الأرض ويدُه عليها ثمّ قال: بسْمِ اللّهِ آلرحمنِ الرحيمِ (ألم* اَحَسِبَ ألناسُ اَنْ يُتْرَکوُا اَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ * وَلَقَدْ فَتَنَّا ألَّذينَ مِنْ قَبْلِهمْ فَلَيَعْلَمَنَّ الله ألِّذينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَ الْکَاذِبينَ * اَمْ حَسِبَ الَّذينَ يَعْمَلُونَ ألسَيِّئاتِ اَنْ يَسْبِقُونَا سَاءَ مَا يَحْکُمونَ)[1] [2] .


صفحه 190.








  1. العنکبوت 29: 1-4.
  2. نقله الحويزي في تفسير نور الثقلين 4: 149 / 11.