الاخبار الدالة علي موضع قبره
[صفحه 24] تُکفَيان مقدمَهُ، ثم ائتيا بي الغريّينْ[2] ، فإنّکما ستريان صخرةً بيضاء تَلْمَعُ نوراً، فاحتفِرا فيها فإنّکما تجدان فيها ساجَةً، فادفِناني فيها». قال: فلما مات أخرجناه وجعلنا نحمِل مؤَخّر السرير ونُکْفي مُقَدَّمهُ، وجعلنا نسمَع دَويّاً وحَفيفاً حتي أتينا الغَريّين، فإذا صخرة بيضاء (تَلمَع نوراً)[3] ، فاحتفرنا فإذا ساجَة مکتوب عليها: «مما أدخر نوحٌ لعليّ بن أبي طالب». فدفنّاه فيها، وانصرفنا ونحن مسرورون بإکرام الله لأميرالمؤمنين عليه السلام فلَحِقَنا قومٌ من الشيعة لم يَشْهَدوا الصلاة عليه، فاخبرناهم بما جَري وبإکرام الله أميرَ المؤمنين عليه السلام فقالوا: نُحبّ أن نُعايِن من أمره ما عاينتم. فقلنا لهم: إنّ الموضع قد عًفي أثرهُ بوصية منه عليه السلام، فمضوا وعادوا إلينا فقالوا أنّهم احتفروا فلم يجدوا شيئاُ[4] . وروي محمّد بن عُمارة[5] قال: حَّثني أبي، عن جابر بن يزيد قال: سالت أبا جعفر محمَّد بنَ علي الباقر عليه السلام: أين دُفِنَ أميرُ المؤمنين [صفحه 25] عليه السلام؟ قال: «دُفِنَ بناحية[6] الغَرِيّنن ودُفِن قبلَ طلوع الفجر ودَخَل قبره الحسنُ والحسينُ ومحمّد بنو علي عليه السلام وعبداللّه بن جعفر رضي الله عن»[7] . وروي يعقوب بن يزيد، عن ابن أبي عمير، عن رجاله، قال: قيل للحسين[8] بن علي عليهما السلام: أين دَفْنتم أميرَ المؤمنين عليه السلام؟ فقال: «خَرَجنا به ليلاً علي مسجد الأشْعَث، حتّي خَرَجنا به إلي الظَهْر بجنب الغَرِيّ، فدفنّاه هناک»[9] . وروي محمّد بن زَکَريّا قال: حدَّثنا عبيدالله بن محمّد بن عائشة[10] . [صفحه 26] قال: حدثني عبداللّه بن خازم[11] قال: خرجنا يوماً مع الرشيد من الکوفة نَتَصيّد، فصِرْنا إلي ناحية الغَرِيّين والثَويّة[12] ، فرأينا ظِباءً فأرسلنا عليها الصُقورة والکِلاب، فجاوَلتها[13] ساعةً ثمّ لَجَأتِ[14] الظِباء إلي أکمةٍ فسَقَطَتْ عليها فسَقَطَتِ الصُقورةُ ناحيةً ورَجَعتِ الکِلابُ، فعَجب[15] . [صفحه 27] الرشيد من ذلک، ثمّ إنّ الظِباء هَبطَتْ من َ الأکَمَةِ فهبَطَتْ الصُقورةُ والکِلابُ، فرَجَعطَ الظِباء إلي الأَکمة فتراجعتْ عنها الکلاب والصُقورة، ففعلت[16] ذلک ثَلاثا[17] ، فقال الرشيد: أًرْکُضُوا، فمن لقيتموه فأتوني به، فأتيناه بشيخ من بني أسَد، فقال له هارون: أخبرني ما هذه الأکمة؟ قال: إن جعلتَ لي الأمان أخبرتُک. قال: لک عهدُ اللّه وميثاقه ألاّ اهِيجَک ولا أؤذِيک. قال: حدّثني أبي عن آبائي أنّهم کانوا يقولون أنّ في هذه َ الأکَمَةِ قبرَعليّ بن أبي طالب عليه السلام،جعله[18] الله حَرَماً لا يأوِي إليه شيءٌ إلاّ أمِن. فنزل هارون فدعا بماء وتوضّأ وصلّي عند الاکمَة وتمرَّغَ عليها وجعل يَبْکي، ثمّ انصرفنا. قال محمّد بن عائشة: فکأنَّ قلبي لم يقبل ذلک، فلمّا کان بعد ذلک حججتُ إلي مکة، فرأيتُ بها ياسراً رحّال[19] 4) الرشيد، فکان يجلس معنا إذا طُفنا، فجري الحديث إلي ان قال: قال لي الرشيد ليلةً من الليالي، وقد قَدِمنا من مکةّ فنزلنا الکوفة: يا ياسر، قل لعيسي بن جعفرفليرکب، فرکبا جميعاً ورکبت معهما، حتي إذا صِرنا[20] إلي الغَرِيّن،فامّا عيسي فطرح نفسَه فنام، وأمّا الرشيد فجاء إلي أکمَةٍ فصلّي عندها، فکلّما صَلّي رکعتين دعا وبکي وتمرّغ [صفحه 28] علي الأکَمَةِ، ثم يقول: يا عمّ[21] أنا والله أعْرِف فضلَک وسابقتَک، وبک والله جلستُ مجلسي الذي (أنا فيه)[22] ، وأنت أنت، ولکنَّ ولدَک يؤذونني ويخرُجون عليّ. ثمّ يقوم فيُصلّي ثم يعيد هذا الکلام ويدعو ويبکي، حتّي إذا کان في وقت السحر قال لي: يا ياسر، أقِمْ عيسي، فأقمته فقال له: يا عيسي، قم صَلِّ عند قبر ابن عمّک. قال له: وأيًّ عُمومتي هذا؟ قال: هذا قبرُ عليّ بن أبي طالب، فتوضّأ عيسي وقام يُصلّي، فلم يَزالا کذلک حتّي طلع الفجر، فقلت: يا أميرالمؤمنين أدرکَک الصبحُ. فرکِبنا ورَجَعنا إلي الکوفة[23] . [صفحه 29]
ما رواه عَبّاد بن يعقوب الرَواجِنّي قال: حَدَّثنا حِبان[1] بن علي العَنَزيّ قال: حَدَّثني موليً لِعليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: لما حَضَرَتْ أميرَ المؤمنين عليه السلام الوفاةُ قال للحسن والحسين عليهما السلام: إذا أنا متّ فاحملاني علي سريري، ثمّ أخْرِجاني واحمِلا مؤخّرَ السرير فإنّکما
صفحه 24، 25، 26، 27، 28، 29.
هذا لکن يبعّد صحة هذه النسخة ما في متن الخبر: قال محمد بن عائشة: فکأن قلبي لم يقبل ذلک.. الخ، فحينئذ امّا ان يلتزم بوقوع التحريف في ذيل الخبر وامّا ان يقال انّ المراد من محمد بن عائشة في الذيل هو عبيدالله بن محمد بن عاشة واطلق عليه اسم ابيه مجازاً کما في محمد بن عمر بن يزيد،. وامّا ان يقال بانْ الصواب هو محمد ابن عبيدالله بن محمد بن عائشة ولا مانع من رواية الغلابي عنه مع روايته عن ابيه عبيدالله، والغلابي توفي بعد سنة 280، وعبيداللّه بن عائشة توفي سنة 228 فبين وفاتيهما اکثر من خمسين سنة فيناسب رواية الغلابي عن ابنه ايضاً، وفي لسان الميزان: قال الغلابي: حدثنا ابن عائشة عن ابيه، فيحتمل کون المراد من ابن عائشة هو محمد ابن عبيدالله، فلاحظ. فقد کان علي شرط المهدي سنة 167 وعزله في سنة 169 (تاريخ الطبري 8: 164 و 189). وولاه الرشيد طبرستان ورويان سنة 180 (تاريخ الطبري 8: 266). وله ذکر في احداث سنة195 في عهد الأمين (تاريخ الطبري 8: 5 39، 993، 412. وسنة 197 (تاريخ الطبري 8: 467)0 انظر فهرست تاريخ الطبري 10: 306.