مرض رسول الله و اخباره المسلمين بأوان رحيله











مرض رسول الله و اخباره المسلمين بأوان رحيله



ثمّ نزل فصَلّي بالناس صلاةً خفيفةً ودخل بيتَه، وکان إذ ذاک بيت أُمّ سَلَمة رضي الله عنها فأقام به يوماً أويومين.

فجاءت عائشة إليها تسألُها ان تَنْقله إلي بيتها لتتولّي تعليلَه، وسألتْ أزواجَ النبي عليه واله السلام في ذلک فأذِنَّ لها، فانتَقَل صلّي الله عليه وآله إلي البيت الذي أسکنه عائشة، واستمَرَّ به المرضُ أيّاماً وثقل عليه السلام.

فجاء بِلال عند صَلاة الصبح ورسولُ الله صلّي الله عليه واله مغمورٌ بالمَرَض فنادي: الصلاة يَرْحَمکم الله، فأُوذن رسولُ الله صلّي الله عليه واله بندائه، فقال: «يُصلّي بالناس بعضُهم فإنّني مشغولٌ بنفسي».

فقالت عائشة: مُروا أبا بکر، وقالت حَفْصةُ: مُروا عُمر.

[صفحه 183]

فقال رسولُ الله صلّي الله عليهِ وآلهِ حين سَمِع کلامَهما ورأي حِرصَ کلّ واحدة منهما علي التَنْويه بأبيها وافتتانهما بذلک ورسولُ الله صلّي الله عليه وآله حيٌّ!: «اُکْفُفْنَ فإنکنَّ صُوَيْحِباتُ يوسُف»[1] ثمّ قام عليه وآله السلام مُبادراً خَوفاً من تقدّم أحد الرجلين، وقد کان أَمَرهما عليه السلام بالخروج إلي اُسامة، ولم يکن عنده أنّهما قد تخلّفا.

فلمّا سَمِع من عائشة وحَفْصة ما سَمِع، عَلِمَ أنّهما مُتأخِّران عن أمره، فبَدَر لِکَفِّ الفِتنة وإزالة الشُبهة، فقام عليه السلام - وانّه لا يستقلُّ علي الأرض من الضَعف - فأخَذ بيده عليّ بن أبي طالب عليه السلام والفَضْل بن عبّاس فاعتمدهما ورجلاه تَخُطّان الأرض من الضعف.

فلمّا خرج إلي المسجد وَجَد أبا بکرٍ قد سَبَق إلي المحراب، فأومأ إليه بيده أن َتاَخَّرْ عنه، فتأخَّرَ أبو بکرٍ وقام رسولُ الله صلّي الله عليه وآله مقامه فکَبَّرفابتدأ الصلاةَ التي کان قد ابتدأ بها أبو بکرِ ولم يَبْن علي مامَضي من فِعاله.َ

فلمّا سَلَّمَ انصرَفَ إلي منزله واستدعي أبا بکر وعُمر وجماعة ممّن حضر المسجدَ من المسلمين ثمّ قال: «ألم آمُر أن تُنَفذوا جَيْشَ اُسامة؟!» قالوا: بلي يا رسول اللّه. قال: «فِلمَ تَاَخَّرتم عن أمري؟» فقال أبو بکر: إنّني کنتُ خرجتُ ثم غدْت لأجدِّدَ[2] بک عهداً. وقال عُمر: يا

[صفحه 184]

رسولَ الله، لم أخْرُج لأنّني لم احِب أن أسأل عنک الرکْبَ. فقال النبي صلّي اللّه عليه وآله: «فانفذُوا جَيْشَ أُسامة فانفذوا جَيْشَ اُسامة» يُکَررها ثلاث ٍمرات. ثمّ أُغمِيَ عليه من التَعَب الذي لَحِقه والأسَف، فمکث هنَيْهَة مُغميً عليه، وبکي المسلمون وارتفع النَحيبُ من أزواجه وولده والنساء المسلمات ومن حَضرَ من المسلمين[3] .


صفحه 183، 184.








  1. رواه البخاري في صحيحه 1: 172ب 46، ومسلم في صحيحه 1: 313 / 94، 95، 101، والبيهقي في دلائل النبوة 7: 186.
  2. في «م» و «ح» وهامش «ش»: لا حدث.
  3. في هامش «ش» و«م»: من اهل بيته.