استغفار رسول الله لاهل البقيع











استغفار رسول الله لاهل البقيع



فبينا هو في ذلک إذ عَرَضت له الشَّکاةُ التي تُوُفّي فيها، فلمّا أَحَسَّ بالمرض الذي عراه أخذ بيد علي بن أبي طالب عليه السلام واتَّبعَه جماعةٌ من الناس وتَوَجَّه إلي البقيع، فقال لمن تَبعَه: «إنّني قد أُمِرْتُ بالاستغفار لأهل البقيع» فانطَلَقوا معه حتّي وَقَف بين أظهرهم فقال عليه السلام: «السَّلامُ عليکم يا أهلَ القُبور، ليَهْنِئکم ما أصبحتم فيه ممّا فيه الناس، أقْبَلَت الفِتَن کقِطَع الليل المُظْلِم يَتْبَع أولَها آخرُها» ثمّ استَغْفَر لأهل البَقيع طويلاً، وأقْبَل علي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: «إنّ جبرئيل عليه السلام کان يَعْرِض عليّ القرآن کلّ سنة مَرّة، وقد عَرَضه عليّ العامَ مرّتين، ولا أراه إلاّ لحضور أجَلي».

ثمّ قال: «يا عليّ، إنّي خُيّرتُ بين خزائن الدنيا والخلُود فيها أو الجنّة، فاخترتُ لقاءَ ربي والجنّة،َ فإذا أنا متّ فَاغسِلني واستُرعَورتي،

[صفحه 182]

فإنّه لا يَراها أحدٌ إلاّ أکْمِهَ».

ثمّ عاد إلي منزله عليه وآله السلام فَمَکَث ثلاثةَ أيّامٍ مَوعوکاً، ثمّ خَرَج إلي المسجد معَصوبَ الرأس، معتمِداً علي أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب بيُمني يَدَيْه، وعلي الفَضْل بن عبّاس باليَد الأخري، حتّي صَعِد المِنْبرَ فجلس عليه، ثمّ قال: «معاشِرَ الناس، قد حان منّي خفوفٌ من بين أظهرکم، فمن کان له عندي عِدَةٌ فليَأْتنِي أُعْطِه إيّاها، ومن کان له عَلَيّ دينٌ فليُخْبِرني به.

معاشِرَ الناس، ليس بين الله وبين أحدٍ شيءٌ يُعطيه به خيراً أويَصْرِفُ به عنه شرّاً إلاّ العمل.

أيّها الناس، لا يَدَّعي مُدَّعٍ ولا يَتَمَنّي متَمَنٍّ،والذي بعثني بالحقّ لايُنَجِّي إلاّ عمل مع رحمة ولوعَصَيْتُ لهَوَيْتُ، اللهمّ هل بلّغت؟».


صفحه 182.