مخالفة عمر لرسول الله في امر متعة الحج











مخالفة عمر لرسول الله في امر متعة الحج



وکان قد خرج مع النبي صلّي الله عليه وآله کثيرٌ من المسلمين بغير سِياق هَدْي. فأنزل الله عزّ ذکره(وَاَتِمًّوا الْحَج وَالْعُمْرَة للّهِ)[1] فقال رسولُ الله صلّيالله عليه واله: «دَخَلَت العًمرةُ في الحجّ - وشَبَّک بين أصابع إحدي يَدَيْه بالأخري - إلي يوم القيامة» ثم قال عليه واله السلام: «لو استقبلتُ من أمري ما استدبرتُ ما سُقْتُ الهَدْي» ثمّ أمَرَ مناديَه فنادي: مَنْ لم يَسُقْ منکم هَدْياً فليُحِلّ ولْيَجْعَلها عُمْرَةً، ومن ساق منکم هَدْياً فليُقِمْ علي إحرامه. فأطاع بعضُ الناس

[صفحه 174]

في ذلک وخالف بعضٌ، وجَرَت خُطوبٌ بينهم فيه، وقال منهم قائلون: إنَ رسولَ الله صلّي الله عليه واله أشْعَث أغْبر، ونَلْبِسُ الثياب ونَقْربُ النساءَ وندهن!.

وقال بعضُهم: أَما تَستحيون أن تخرُجوا ورؤسُکم تَقْطُر من الغُسل، ورسولُ الله صلّي الله عليه وآله علي إحرامه!.

فأنکر رسولُ الله علي من خالف في ذلک وقال: «لولا أنّي سُقْتُ الهَدْي لأَحللتُ وجعلتُها عُمرةً، فمن لم يَسُقْ هدياً فليُحِلّ» فرجع قومٌ وأقام آخرون علي الخلاف.

وکان فيمن أقام علي الخلاف للنبي صلّي الله عليه وآله عُمَر بن الخَطّاب، فاستدعاه رسول الله عليه وآله السلام وقال له: «ما لِي أراک - يا عُمَر- مُحرِماً أَسُقتَ هَدْياً؟!» قال: لم أسُقْ، قال: «فلِمَ لا تُحِلّ وقد أمرتُ من لم يَسق الهَدْي بالإحلال؟» فقال: والله يا رسولَ الله لا أَحْلَلتُ وأنتَ مُحرمٌ، فقال له النبي عليه وآله السلام: «إنّکَ لن تُؤْمن بهاحتّي تموت».

فلذلک اقام علي إنکارمُتعة الحجّ، حتّي رَقي المِنْبرَ في إمارته فنهي عنها نَهياً مجدداً[2] وتوعّد عليها بالعقاب.

ولمّا قضي رسولُ الله صلّي الله عليه واله نُسُکَه أشرک علياً عليه السلام في هَدْيه، وقَفَل إلي المدينة وهو معه والمسلمون، حتّي انتهي إلي الموضع المعروف بغَدير خُمّ،وليس بموضع إذ ذاک للنزول لعدم الماء

[صفحه 175]

فيه والمرعي، فنَزَل صلّي الله عليه وآله في الموضع ونَزَل المسلمون معه.


صفحه 174، 175.








  1. البقرة 2: 196.
  2. في «ش» و «م»: مجرداً، واثبتنا ما في هامش «ش» ونسخة العلامة المجلسي.