قتله للمشركين الذين كانوا يؤذون رسول الله











قتله للمشرکين الذين کانوا يؤذون رسول الله



وکان عهدُ رسول اللّه صلّي الله عليه وآله إلي المسلمين عند توجّهه إلي مکّة، ألاّ يقتُلُوا بها إلاّ من قاتلهم، وامَنَ من تعلق بأستار الکعبة سوي نفر کانوا يُؤذونه صلّي اللّه عليه واله منهم: مِقْيَسُ بن صُبابة وابنُ خَطَل عبد العُزّي وابن أبي سَرْح وقَيْنَتان کانتا تُغَنّيان بهجاء رسول اللّه صلّي الله عليه وآله وبمراثي أهل بدر، فقتل أميرُ المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام إحدي القَيْنَتين وأفلَتَتِ الأخري، حتّي استوْمِن لها بعد، فضَرَبها فرسٌ بالأبطح في إمارة عُمربن الخطّاب فقتلها. وقَتَل أميرُ المؤمنين عليه السلام الحُوَيْرِث بن نُقَيذ بن

[صفحه 137]

کَعْب[1] ، وکان ممّن يؤُذي رسولَ الله صلّي الله عليه وآله بمکّة.

وبَلَغَه عليه السلام أنّ أُختَه أًمَّ هانئ قد آوتْ ًناساً من بني مَخزُوم، منهم: الحارث بن هِشام وقَيْسُ بن السائب، فقصد عليه السلام نحوَ دارها مُقَنّعاً بالحديد، فنادي: «أَخْرِجوا من آوَيْتُم» قال: فجعلوا يَذْرُقون - والله - کما تَذْرُق الحباري خوفاً منه.

فخَرَجَتْ اُمُّ هانئ - وهي لا تَعرِفه - فقالت: يا عبدَالله، أنا اُمّ هانئ بنتُ عمِّ رسول اللّه واُختُ عليّ بن أبي طالب انصَرِفْ عن داري.

فقال أميرُ المؤمنين عليه السلام: «أخْرِجوهم» فقالت: واللّه لأَشکُوَنّک إلي رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله، فنَزَع المِغْفَر عن رأسه فعَرَفَتْه، فجاءَتْ تَشْتَدّ حتي التزَمَتْه وقالت: فَدَيْتُک، حَلَفْتُ لأشکُوَنَّک إلي رسول الله صلّي الله عليه وآله، فقال لها: «إذهَبي فَبرِّي قَسَمَک فإنّه بأعلي الوادي».

قالت أمّ هانئ: فجئتُ إلي النبي صلّي اللّه عليه واله وهو في قُبّةٍ يغتسل، وفاطمة عليها السلام تَسْتُرُه، فلمّا سَمِعَ رسولُ اللّه صلّي اللّه عليه وآله کلامي قال: «مَرْحَباً بکِ يا اُمّ هانئ وأَهلاً» قلت: بأبي أنت واُمّي، أشکُو إليک ما لقِيتُ من عليّ اليوم. فقال رسول الله صلّي الله عليه وآله «قد أَجَرت من أجرتِ» فقالت فاطمة عليها

[صفحه 138]

السلام: «إنّما جئتِ يا اُمّ هانئ تَشْتَکين عليّاً في أنّه أخافَ أعداءَ الله وأعداءَ رسوله!» فقال رسولُ الله صلّي الله عليه واله: «قد شَکَر اللّه لعليّ سعيَه، وأَجَرْتُ من أجارتْ اُمّ هانئ لمکانِها من عليّ بن أبي طالب».

ولمّا دخل رسولُ اللّه صلّي الله عليه واله المسجد، وَجَد فيه ثلاثمائة وستّين صَنَماً، بعضُها مشدودٌ ببعض بالرَصاص، فقال لأميرالمؤمنين عليه السلام: «أعطِني يا عليّ کفّاً من الحَصي» فقَبَض له أميرُ المؤمنين کَفّاً فنَاوَله، فرماها به وهو يقول: (قُلْ جاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إنَّ الْبَاطِلَ کَانَ زَهُوقا)[2] فما بَقَيِ منها صنمٌ إلا خَرَّ لوجهه، ثمّ أَمَرَ بها فأُخْرِجَتْ من المسجد فطُرِحَتْ وکًسِرتْ.


صفحه 137، 138.








  1. في طبقات ابن سعد 2: 136، وانساب الاشراف 1: 357، الحويرث بن نُقَيذ، وفي سيرة ابن هشام 4:52، وتاريخ الطبري 3: 59 الحْوَيرِث بن نُقَيْذ بن وهب بن عَبْد بن قصي.
  2. الاسراء 17: 81.