فتح مكة و بلاء امير المؤمنين فيه











فتح مکة و بلاء امير المؤمنين فيه



ثمّ تلا غَزاة خَيْبَرمواقِفُ لم تَجْرِمجري ما تقدّمها فنَصْمِد

[صفحه 130]

لذکرها، وأکثرها کان بُعوثاً لم يَشْهَدها رسول الله صلّي الله عليه وآله، ولا کان الاهتمامُ بها کالاهتمام بما سَلَف، لضعف العدوّ، وغَناء بعض المسلمين عن غيرهم فيها، فأضْرَبنا عن تَعدادها،وإن کان لأميرالمؤمنين عليه السلام في جميعها حظ وافر من قول أو عمل.

ثمّ کانت غَزاة الفتح، وهي التي تَوَطّد[1] أمرُ الإسلام بها، وتَمَهّد الدين بما منّ اللّه تعالي علي نبيّه صلّي الله عليه واله فيها، وقد کان الوعدُ تقدَّمَ في قوله عزّ اسمه: (اِذَا جَاءَ نَصْرُ اللّهِ وَالْفَتْحُ)[2] إلي آخر

[صفحه 131]

السورة، وقوله تعالي قبلها بمدّة طويلة: (لتدخلنّ اْلمَسْجدَ الْحَرَامَ انْ شَاءَ اللّهُ امِنينَ مُحلِّقينَ رُؤوسَکُمْ وَمُقَصِّرِينَ لا تَخَافُونَ)[3] .

فکانت الأعيُنُ إليها مُمْتَدّة، والرِقاب إليها مَتَطاوِلة، ودَبَر رسولُ اللّه صلّي اللّه عليه واله الأمر فيها بکتمان مسيره إلي مکّة، وسَتْرِعزيمته علي مراده بأهلها، وسأل الله - عزّ اسمه - أن يَطْوِيَ خبرَه عن أهل مکّة حتّي يَبْغَتَهم بدخولها، فکان المُؤْتَمنُ علي هذا السرّ والموُدعَ له - من بين الجماعة - أميرَ المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام، فکان الشريکَ لرسول الله صلّي الله عليه وآله في الرأي، ثمّ نَماه النبيُّ صلّي اللّه عليه وآله إلي جماعة من بعدُ، واستَتَبَّ الأمرُ فيه علي أحوال کان أميرُ المؤمنين عليه السلام في جميعها متفرّداً من الفضل بما لم يَشْرَکه فيه غيرهُ من الناس.

فمن ذلک أنّه لمّا کتب حاطِبُ بن أبي بَلْتَعة - وکان من أهل مکّة، وقد شَهِد بَدْراً مع رسول اللّه - کتاباً إلي أهل مکّة يُطْلِعهُم علي سرّ رسول اللّه صلّي اللّه عليه وآله في المسيرإليهم جاء الوحيُ إلي رسول الله صلّي اللّه عليه وآله بما صنَعَ وبنفوذ کتاب حاطِب إلي القوم فتلافئ ذلک رسولُ الله صلّي الله عليه واله بأميرالمؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، ولو لم يَتَلافَه به لفسد التدبيرُ الذي بتمامه کان نصر المسلمين.

وقد مضي الخبرُ في هذه القصة فيما تقدّم، فلا حاجة بنا إلي إعادته.

[صفحه 132]


صفحه 130، 131، 132.








  1. في هامش «ش» و«م»: توطّأ.
  2. النصر 110: 1.
  3. الفتح 48: 27.